علي بارجاء
مضى عام 2014م غير مأسوف عليه، وسبقته ثلاثة أعوام هي الأخرى غير مأسوف عليها؛ سوى أنها أعوام محسوبة من أعمارنا، لأننا لم نشعر فيها على الصعيد الوطني بأي إنجاز أو تقدم، بل خسرنا فيها أكثر مما نستفيد، وأي عام لم يعد علينا بما ينفع الناس فلا جدوى منه.
هكذا علمتنا خبرة أجدادنا، فقالوا في أمثالهم: (شهر ما لك شيء فيه، لا تحسب أيامه ولا لياليه)، فما بالنا بعام من اثني عشر شهرا؟ فلم نحصد من هذا العام المنصرم سوى الجهد الذي بذلناه، والتعب الذي عانيناه في حساب أيامه ولياليه، هو والأعوام الثلاثة السابقة له.
إذا حاولنا إحصاء ما حدث وما تحقق في بلادنا في العام الماضي سواء أكان إيجابيا أم سلبيا، على غرار الإحصاءات التي نسمعها أو نقرأ عنها في دول العالم نهاية كل عام، فما الذي سيسفر عنه هذا الإحصاء؟
لست من جهة رسمية تهتم بتوثيق الأحداث والوقائع، ولكن الإحصاءات الشهرية التي تسجلها وتنشرها بعض الجهات الرسمية كالإدارة العامة للمرور مثلا، وهذه سجلت أرقاما كبيرة من الخسائر في الأرواح والإصابات البشرية والأعطاب في المركبات الناتجة عن السرعة واللامبالاة، وسوء استخدام الطريق.
ولأني لست مختصا في هذا الأمر؛ فسأكتفي بوضع الأسئلة، ولا أشك قط في أن الإجابات عن هذه الأسئلة ستعطي مؤشرا بأن العام الماضي كان عاما كارثيا بكل المقاييس، وأنه عام توقفت فيه عجلة الحياة، وتوقف معها البناء والإنجاز، إنه عام حافل بالجراح والدم والموت بكل ما في ذلك من مآس ودموع ونواح.
فماذا تحقق على الصعيد العلمي والثقافي؟ وكم هي الأبحاث والدراسات العلمية والكتب التي نشرتها الجامعات الكثيرة؟ وكم المؤتمرات العلمية التي عقدتها؟ وكم هي الأنشطة والفعاليات الثقافية من ندوات ومؤتمرات ومهرجانات التي شهدتها البلاد؟ وهذا غيض من فيض، وفي جانب واحد من جوانب حياتنا، فما بالنا لو تساءلنا عما أنجز في المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لقد كان الموت هو الحدث الأبرز، فمن تفجيرات إلى اغتيالات إلى مواجهات، وكلها وسائل وطرائق متنوعة في فظاعتها، وإن تعددت الأسباب والوسائل فالموت واحد في النهاية، تحصد فيه الأرواح حصد الأضاحي، وكل من يرى أن الغاية تبرر الوسيلة، ويسفك الدماء هو من يتحمل أوزارها، ولكن يبدو مما يحدث في اليمن وفي غيرها أن هؤلاء لا يعترفون ولا يؤمنون بأن جزاء ما يفعلون عند الله عظيم. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
ومع كل ما يحدث فإن ثمة يقينا راسخا عند اليمنيين أن العام الجديد 2015م سيكون عاما مختلفا، عاماً زاخراً بالأمن والاستقرار والخير والبناء والإنجاز، عاما يكون فيه للطيبين والخيرين والمتسامحين ومحبي الحياة دور كبير وعظيم، فإذا كان الماضي سيئ؛ فإن القادم أفضل بإذن الله ومشيئته.
نسأل الله عز وجل أن يحقق الأمنيات، وأن يشملنا ببركاته وخيراته، في عام نستهله بالاحتفال بمولد الرسول الأعظم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
/الثورة/