فيصل عابدون
أظهر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي روح الزعامة الحقيقية في مناسبتين على الأقل خلال الفترة القليلة الماضية، الأولى وهو ينتقل من الرياض إلى قصر المعاشيق الرئاسي في العاصمة البديلة عدن قبل يومين. والثانية قبل ذلك بأسابيع عندما أفسح المجال أمام جولة جديدة من المفاوضات السياسية في جنيف لإنهاء التمرد على الشرعية رغم امتلاكه مفاتيح الحسم العسكري.
العودة الثانية لهادي إلى عاصمة الجنوب اليمني تشبه في بعض جوانبها عودة الزعيم الأثيوبي السابق هيلاسي لاسي من منفاه الاختياري في السودان إلى جنوب إثيوبيا في عام 1941 حيث تسلم القيادة السياسية والعسكرية حتى هزيمة القوات الإيطالية واستسلامها في العاصمة أديس أبابا من دون قتال.
وهي تجيء في وقت بدأت فيه قوات الجيش والمقاومة زحفها لتحرير مدينة تعز الاستراتيجية التي تفتح طريق النصر أمام دخول صنعاء. ووسط احتدام المعارك تشن قوات الجيش والمقاومة هجومها على أربعة محاور، بينما تدك الطائرات الحربية تحصينات الحوثيين ومواقع تحشداتها ومخازن الذخيرة التابعة لها.
إن وجود القيادة اليمنية داخل أرضها وإشرافها المباشر على العمليات الحربية يمنح زخماً كبيراً للمقاتلين على جبهة تعز، ودوافع أكبر لتحقيق النصر الذي يبدو وشيكاً. كما أنها وفي ذات الوقت تبعث رسالة لقادة التمرد الثنائي ومقاتليهم على الأرض تؤشر لنهاية الطموح العسكري للتمرد.
تحرير مدينة تعز ستكون له تداعيات عسكرية وسياسية كبرى. فهو من ناحية يضيق الخناق على الميليشيات المتمردة ويحاصرها، ويجعل الطريق ممهداً أمام الدخول إلى العاصمة صنعاء خاصة بعد نجاح قوات الشرعية في وقت سابق في تحرير مدينة مأرب.
ومن الناحية الأخرى، فإن الانتصار الوشيك في تعز ينشر روح الهزيمة ويفتت الروح القتالية في صفوف قادة التمرد وميليشياته المتخندقة في صنعاء. وهي خطوة من المرجح أن تقود إلى التخلي عن القتال بانتظار المفاوضات المقترحة في جنيف.
الحكومة اليمنية جاهزة بوفدها التفاوضي لمحادثات «جنيف -2»المقررة مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل. وللمرة الأولى يضم الوفد الحكومي فريقاً فنياً لمناقشة التفاصيل المتعلقة بقرار مجلس الأمن الدولي 2216. فالحكومة تأخذ هذه الجولة على محمل الجد وتمنح فرصة ربما تكون الأخيرة للقيادة الحوثية للبقاء ضمن الواقع السياسي في اليمن.
وقال رئيس الوفد الحكومي عبد الملك المخلافي إن القيادة الشرعية ترى أن تنفيذ القرار الأممي 2216 سيكون مدخلاً سليماً وصحيحاً لإحلال السلام في البلاد، «لكن الأمر هو بيد الطرف الانقلابي والمتمرد».
وزير حقوق الانسان اليمني عز الدين الأصبحي تنبأ باستسلام المتمردين في صنعاء أو اندلاع انتفاضة داخلية تجبرهم على الاستسلام باعتبارها عاصمة كل اليمنيين ولأنها غير قابلة للاختطاف. واستبعد أن تشهد المدينة حرباً، وأوضح بأن المعركة الأساسية والفاصلة هي تعز والتي تشكل جسر تواصل مع كل أطراف اليمن.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن نهاية القتال في اليمن بيد المتمردين، فيما أكد دعم المملكة محادثات جنيف المقترحة في ديسمبر.
*الخليج