عبدالواسع الفاتكي
يفهم الحكام الطغاة ، سواء كانوا في السلطة ، أو خلعوا منها ، الواقع بالمقلوب ، فلو ظلوا ، في سدة الحكم عقودا ، بقوة أجهزتهم العسكرية ، والأمنية تحدثوا إلينا ، عن رضاء الشعوب ، عن الحاكم الفذ ، والزعيم الضرورة ، وإن ثارت الجماهير عليهم ، حذروها من عمالتها للخارج ، وخيانتها للأوطان ، هذا الفهم المعكوس ، لحقائق الأحداث ، متجسد جملة ، وتفصيلا ، في شخصية المخلوع صالح ، الذي مازال حتى اللحظة الراهنة ، ليس مستوعبا ، أنه لم يعد رئيسا لليمنيين ، إلا على مرتزقته ، الذين يجوسون المدن، والقرى ، يوزعون الموت ، بالمجان ، ولم يع ، أنه قد تجرد ، من أي صفة ، أو لقب، يمكنه من تقديم نفسه ، للرأي العام الداخلي ، والخارجي ، ومع ذلك ، يأبى إلا أن يطل علينا ، بمقابلات تلفزيونية ، متحدثا عن رؤاه الحكيمة ، ومفندا لسياساته الرشيدة ، التي قدمها ، وسيقدمها ، من أجل استقرار اليمن ، وازدهاره !! وقطع الطريق ، أمام المتربصين به ، من أعدائه ، ولا ينسى ، أن يذكرنا ببطولاته، في صده للمؤامرات ، المحاكة ضد الوطن ، الذي تنكر له أبناؤه ، وخانوا عهده ، فاستحقوا ، ما يجري بهم ، من سفك لدمائهم ، وخراب لديارهم ، وليس أمامهم، إلا أن يقلعوا ، عن عقوق وطنهم؛ فيرجعوا لجادة الصواب ، وسبيل الرشاد ؛ أي لحضن الزعيم، وفلذة كبده ليس إلا.
في مقابلته التلفزيونية ، مع قناة الميادين ، بثتها في 12أكتوبر 2015م ، أزاح المخلوع صالح الستار ، عن إصابته بالسيكوباتية ، التي يصاب بها ، أغلب نزلاء السجون ، والمجرمين ، والتي أهم سماتها ، السادية ، وعدم الشعور بالذنب ، والتبلد العاطفي ، واللجوء لآليات دفاع نفسية مرضية ، كالكذب ، والتبرير ، والإنكار ؛ بغية الهروب من الحقائق ، وفي سياق إجابة صالح ، على سؤال لقناة الميادين ، قال إنه : لا يديرالحرب ، بيد أنه في موطن آخر من المقابلة ، يقول : إنه مستعد لإيقاف الحرب ، إذا وقف ، ما يسميه العدوان ، ويزعم أن حرب السعودية ، مع الحوثيين مذهبية ، ثم يتحدث ، بأنها بأثر رجعي، ويعلن ، عن التزامه ، بتنفيذ القرار 2216 ، ثم يتوعد ، بمواصلة القتال ، حتى يأتيه الأجل ، ويشير ، إلى أنه لا يشكل خطرا على السعودية ، ثم يتباهى ، بأن جنوده ، دخلوا الحدود السعودية عدة كيلو مترات ، ويؤكد احترامه ، لاتفاقية الحدود مع الرياض ، غير أنه مستعد، لفتح ملفات الحدود معها ، ويصر ، على منع الرئيس هادي ، من الرجوع لصنعاء ، لكن مادام معه ، القرار 2216 ، فحياه الله.
لقد بدا المخلوع صالح ، في المقابلة ، فاقدا للاتزان الفكري ، والسياسي ، فحين نتتبع ، موقفه في المقابلة ، من الإخوان ، نجده ، يتحدث ، عن تحالفه معهم ، في فترة معينة ، من حكمه ، ثم يصفهم، بأنهم قاعدة ، وأنه تحالف ، مع أمريكا ، ضد القاعدة ، وفيما يتصل بمعسكرات الجيش ، ينفي صلته بها ، ثم ما يلبث ، أن يطلب من قوات التحالف العربي ، أن تأتي لصنعاء ؛ ليفتح لها المعسكرات ، ولم يكتف المخلوع ، بإتحافنا بتنافضاته الشديدة ، بل أضاف إليها ، لغة الجسد المنبئة عن الاضطراب ، والخوف ، والقلق ، فحك أنفه 129مرة ، وشاربه 102مرة ، ومسح خدوده 44 ، وشفايفه 44 مرة ، وشرب الماء ست مرات.
قبل ثورة 11 فبراير 2011م ، كان المخلوع صالح ، يفكر ، كيف ينصب نجله رئيسا ، وبعدها فكر ، في كيفية المحافظة ، على منصب الرئيس ، لنفسه مدى الحياة ، وعندما فقده ، شعر بالفشل ، الذي يراه ، في خسارته للسلطة ، وليس في خسارة البلاد، وهلاك العباد ، وأما بقاؤه حتى الساعة ؛ لخلق الفوضى، وإرباك المشهد السياسي ، لايعكس حقيقة قدراته ، إنما هو نتاج ، حسابات إقليمية ، ودولية ، لا صلة لها ، بقدرته على الصمود بتاتا ، فقد خسر كل شيء ، وأخذ يهذي ، بكلام بعيد عن الواقع ، وكأنه فقد ذاكرته . إن من المفيد، أن نشير ، إلى أنه ينبغي ، للمقاومة اليمنية ، أن توجه رؤاها السياسية ، والفكرية ، والأخلاقية ؛ لتتجاوز ، مطلب إسقاط انقلاب المخلوع صالح ، والحوثيين إلى هدف بناء الشخصية الوطنية اليمنية ، على أسس جديدة ، تمنع ، وصول ديكتاتور آخر للسلطة ، وتوصد الأبواب ، أمام عودة الاستبداد من جديد .