محمد المحفلي
منذ عاصفة الحزم وما قبلها مازال المجتمع في سقطرى يعيش حالة من العزلة والحصار، الذي يؤثر بصورة مقلقة في حياته حاضرا ومستقبلا، وقد بينا في مقال سابق عن خطورة هذا الحصار الذي لا يؤثر على الناس فحسب من خلال شح المواد الغذائية والدوائية والتموينية وإنما أيضا على مستوى البيئة وما قد يتهددها من أخطار بسبب ضعف الحماية من جهة وبسبب الاحتطاب الجائر لمواجهة انعدام مادة الغاز المنزلي من جهة أخرى.
المشكلة الأخرى التي تتهدد المجتمع في سقطرى تتمثل في مستقبله، وهذا المستقبل يأتي من الأخطار التي تمس التعليم والتعليم العالي، فبعد أن كان هناك كلية للتربية، أضيفت من العام الماضي كلية المجتمع فيها لتمنح الدبلوم بعد الثانوية ثلاث سنوات وقد دشنت الكلية عملها بقسمي الحاسوب والمحاسبة المالية، لتغطية احتياجات الجزيرة والإسهام في إعداد كوادر تخدم المجتمع المحلي والوطني وتخدم ذاتها بدرجة أولى.
بيد أن أهم مشكلة واجهتها أنها تعتمد على ذاتها بعد أن حرمت من مخصصاتها اللازمة لتشغيل العملية التعليمية ناهيك عن عدم اعتماد مرتبات موظفيها ومدرسيها، ويتحرك العمل فيها فقط بأجور الساعات التي تغطيها من الرسوم الطلابية، وهذا العمل لا يمكن أن يكون مقبولا مطلقا في كلية نائية وفي مكان ناء يحاول أن يؤسس من الصفر لعملية تعليمية تهيئ جيلا قادرا على مواجهة أخطار المستقبل بذاته بعيدا عن الاعتماد على الغير.
المسألة الأخرى هي أن هناك أقسام ينبغي أن تؤخذ بالحسبان وكان يفترض بهذه الكلية أن تقوم بافتتاحها بوصفها أقسام ضرورية تلبي حاجة المجتمع أولاً وتلبي حاجة المنطقة بوصفها واحدة من أكثر الجزر غرابة على وجه الأرض وتحوي عددا من المحميات التي ينبغي الحفاظ عليها، فكان من المفترض أن تقوم هذه الكلية بفتح أقسام للبيئة وكيفية الحفاظ عليها.
إن مسالة فتح تلك الأقسام تظل حاجة ملحة إذا أريد لهذه الجزيرة أن تأخذ مكانها الذي ينبغي وأن تنهض على سواعد أبنائها، شريطة أن يتم ضبط جودة تعليمهم، وقد يبدو هذا الأمر استثناء خاصة في ما يعيشه الوطن، لكن على كل ذلك يمكن الرد بأن سقطرى لا يعنيها هذا الصراع الذي تعيشه اليمن، فهناك مليارات الريالات التي يطحنها المتحاربون تحت ذرائع المجهود الحربي الداخلي، فيما سقطرى تموت عطشا وجوعا وتجهيلا.
سقطرى ظلت مغيبة عن التنمية في السلم وها هي تعيش مغيبة عنهم في الحرب، ولكن هنا ينبغي أن ينتبه الجميع بما فيهم السلطة المحلية وأبناء سقطرى أنفسهم إضافة إلى المنظمات المانحة والدول التي ينبغي عليها أن تركز على المجتمع المحلي مباشرة وتقدم الدعم اللازم لكي يتم تخطي عقبة التنمية وتنمية المجتمع في سقطرى، كونها مكان لا يهم اليمن وحدها ولكنه يهم أي إنسان يحب الجمال في هذا العالم.