الأرشيف

«في اليمن الذي كان سعيداً»

الأرشيف
الخميس ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١١:١١ مساءً

طلال عبدالكريم العرب


اليمن هو التاريخ العربي العريق الضارب في عمق الحضارة.

كنت في اليمن أخيراً، فأحببت أن أخط ما صاده خاطري:

اليمن كان سعيداً في غابر أيامه، هو التاريخ العربي العريق الضارب في عمق الحضارة، فمن أنكر ذلك، فقد أنكر عروبته وأصله.

اعتنق اليمنيون اليهودية، ثم المسيحية، ثم الإسلام، وكان لدخولهم الإسلام الأثر الأكبر في اتساع رقعة الفتوحات غرباً وشرقاً. أما هجراتهم، فلم تقتصر على الوطن العربي، بل تعدته إلى جنوب شرق آسيا، وتحديداًَ إلى أندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، فكان تأثيرها الديني واللغوي والثقافي عليهم لا تخطئه العين. أبو دؤاد كعب بن مامة بن عمرو بن ثعلبة الإيادي، نسبة إلى قبيلة إياد، قيل: «مامة» اسم أبيه واسم جده عمرو، وقيل: مامة اسم أمه، واسم أبيه عمرو.

يمن اليوم يتربع على أرض مساحتها 528 ألف كلم مربع، تتبعه مئتا جزيرة، أهمها سوقطرى، والتي سنتحدث عنها لاحقاً لأهميتها التاريخية، ولكونها محمية نباتية وحيوانية عالمية، تليها جزيرة حنيش. أما أهم ميزات الموقع اليمني، فهو سيطرته على مضيق باب المندب، وعلى جزيرة بريم التي تتوسطه.

لا شك في أن اليمن يعتبر من أقدم المناطق المأهولة في العالم، وهناك دلائل على حضارات بدائية جداً موجودة في متاحف يمنية عدة، ومنها متحف عدن، وقاعات مخصصة لذلك في جامعة عدن، إلا أن هذا البلد العتيق مهدد من غزاة إقليميين، فموقع اليمن الاستراتيجي جعله على مر التاريخ هدفاً للغزوات، بعضها نجح ومعظمها فشل لشدة مراس الشعب اليمني وقوة بأسه، فاليمن يحد المملكة العربية السعودية من الجنوب، وسلطنة عمان من الغرب، وسواحله تمتد من البحر الأحمر إلى بحر العرب والمحيط الهندي.

هذا الموقع المميز لليمن فتح شهية قوة إقليمية تحلم في استعادة أحلام لن تعود، فأدخلها طمعها إلى المستنقع اليمني عن طريق الحوثيين، وبمساعدة قوى داخلية متآمرة معها، إلا أننا نشك كثيراً في خروج هذه القوة سالمة من اليمن. عين هذه القوة على مضيق باب المندب البالغ عرضه ثلاثين كلم المهدد الآن من الحوثيين، فهم يسعون إلى الاستيلاء عليه، مما سيضيق الخناق على السعودية ومصر من جهة البحر الأحمر.

اليمن الآن مهدد بالانقسام، ليس بسبب الغزاة، ولكن بسبب خيانة داخل الدار، فصنعاء تحديداً تعتبر حالياً عاصمة بلا حكومة مركزية، الميليشيات هي المسيطرة على مفاصلها. أما الجنوب، فحراكه يطالب بالانفصال عن صنعاء، وإقامة دولة جنوبية عاصمتها عدن. أما الحوثيون ومن يحركهم، فينتظرون هذا الانفصال على أحر من الجمر، فانفصال الجنوب سيسهل عليهم مهمة السيطرة الكاملة على صنعاء.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)