أحمد عثمان
تعز تنتقل بخطوات واثقة من دائرة الحلم إلى اليقظة والنهوض بوجه حضاري متألق .. كلمة المحافظ أمس في الاجتماع الموسع لأبناء المحافظة كانت تاريخية، وهي بمفرداتها القوية والحريصة على كرامة المحافظة ووحدة الناس والدولة ترقى إلى الموقف التاريخي .. وما التاريخ إلا صناعة مواقف في اللحظات الحرجة تبدأ بكلمة لالبس فيها ولا غموض ولا خوف ولا مداهنة.
والشعوب عند ما تصحو لا يمكن لأحد أن يستغفلها أو يشطب وجودها، كل ما يجري للشعوب يأتي في لحظة غفلة .. هذه الغفلة من أهم مظاهرها التشتت والبحث عن المصلحة الخاصة والتفريط بالمصلحة العامة، والبيع والشراء بقضايا الأوطان التي تشبه بيع الأعراض، وهو تفريط بالكرامة الخاصة والعامة على حد سواء . المصلحة العامة وحمايتها هي عنوان لكرامة الشعوب والجماعات والأفراد.
«تعز صحت وهي لم تعد حالمة لكنها أصبحت صاحية، وأن أبنائها هم السلطة وأن أي محاولة لكسر هذه الإرادة سيتم ردعها بقوة وحزم»، هذا جزء مما قاله المحافظ، مضيفاً «إن هذا اللقاء ليس موجهاً ضد أحد.... وأهلاً وسهلاً بالجميع في تعز بدون سلاح. مليشيات مسلحة، لجان شعبية، مجلس عسكري في تعز. لا»
تعز وهي تحتشد للحفاظ على أمنها وكرامتها من الاختراق تنظر إلى التنمية ومشاريع الاستثمار الواعدة المرتبطة بالأمن ووجود الدولة .. كل الكلمات كانت على مستوى المسؤولية وهي تعكس قرار أبناء تعز في الحفاظ على المحافظة وتجنيبها تداعيات الصراع العبثي وحفظ كرامة المحافظة بالالتفاف حول الدولة التي تمثل الشرعية والقانون .. الدولة التي ضاعت في اليمن وبقيت في تعز تصارع الرياح والأعاصير بقوة تلاحم أبنائها ويقظة الشباب والشابات، الرجل والمرأة، المسئول والمواطن .. موقف يصاحبه حزم في تطبيق القانون، يبدأ من سحب تراخيص السلاح وإعادة ترتيبها لإنهاء الفوضى وضبط ظاهرة السلاح سواء من المواطنين أو الوافدين أو المسئولين ومرافقيهم .. أعتقد أن الروح الشعبية ستكون دعماً لتطبيق القانون وستخلق قوة مبدعة في كل المجالات وسنرى كيف يصنع النظام والتنمية وقبلهما الحفاظ على الكرامة عندما يتكامل الجانب الرسمي والشعبي ويتحول إلى قضية وهمّ للجميع ومسئولية فردية وجماعية.
تعز مدينة اليمن الأولى والكبيرة، ولهذا فالدفاع عن مدنيتها من التلوث والسلاح هو دفاع عن اليمن، والحفاظ عن نواة الحياة التي ستسري قريباً إلى كل اليمن، وهو واجب كل اليمنيين وواجب خاص ومُلح لأبناء هذه المحافظة، فمن حق الناس وواجبهم أن يتداعوا لرفض العنف والفوضى.. أبناء تعز موجودون في كل مدينة يعملون ويصنعون ويتعلمون ويعلمون ويطلبون الله، سلاحهم المعول والمطرقة والقلم، لكنهم لم يركزوا نقطة ولم يقتحموا قرية ولم يحملوا سلاحاً ولم يفكروا يوماً بكسر كرامة أحد أو إخضاع أحد لمنطقهم، وهي تريد أن يعاملها الآخرون باحترام كما تعاملهم ..فالحياة ليست أكثر من لحظة كرامة لن نفرط بها , والكرامة لا تجزأ و الأساس كرامة جمعية ومنها تتولد كرامة الأفراد. بإمكان اليمنيين أن يعيشوا جميعهم إخوة، وهذا الوطن سيسع الجميع لو احترم كل منا كرامة الآخر وحقه دون لف أو دوران أو تعالٍ واستخفاف.
*الجمهورية نت