د. فيصل علي
على الرغم من الدعم السعودي خاصة والخليجي عامة لليمن على مدار الثلاثة العقود المنصرمة الا ان نظام صالح الذي تحالف مع الحوثيين جناح ايران في اليمن والذي بدأ في سنة 2000 عندما دعم تنظيم الشباب المؤمن الذي وصل عدد أعضائه 70 الف شخص في مطلع العام 2004 ، بدل كل ذلك بالإساءة إلى الايدي الصادقة التي امتدت لدعمه، لقد غطت السعودية والكويت ميزانية الدولة اليمنية لأعوام ومليارات الدولارات ذهبت سدى، ولم تصل حتى للشعب اليمني الذي اخذها صالح باسمه، وما ان حانت له الفرصة حتى مد جسور العلاقة علانية مع إيران التي دعمت تقدم الحوثيين نحو عمران وصنعاء وتعز وعدن وصولا الى باب المندب.
تنكر المخلوع لدور المملكة في غفلة من الزمن، وظن انه سيمسك بخيوط اللعبة الانقلابية ضد الشرعية التي نتجت عن المبادرة الخليجية التي رعتها الرياض، وضمن بعدها حصانة من المحاكمات.
كانت وكالة أنباء فارس الايرانية في 22 سبتمبر 2014 تبتهج بسقوط 14 محافظة يمنية لصالح ربيبها الحوثي في اليمن، وتغزلت صحف إيران بان صنعاء رابع عاصمة عربية تسقط بيدها، وسارع الحوثي و صالح حليفه الرئيسي في الانقلاب بنقل ما يقرب من 600 دبابة الى صعدة، تم نشرها على الحدود السعودية ، لان ايران ارادت ذلك.
قبل الانقلاب المشؤم في اليمن على حكومة الرئيس هادي ، وقبل اسر الرئيس هادي أيضا كانت صحف المخلوع وتلك القنوات التابعة له وللحوثي تقود حملة ضد الإصلاح وتسوقه للخليج على انه "بعبع العصر" وعرض الحوثيين على السلطات السعودية التعاون لاجتثاثه باعتباره امتداد للإخوان المسلمين ؛لكن السلطات السعودية لم يبدِ ترحيبها بخطوة مثل هذه لاعتبارات كثيرة ، منها ادراك الجميع ان الإصلاح ليس خارجا عن المألوف في منطقة اليمن والخليج، وهو مكون شعبي ينتمي للثقافة العامة لشعوب الجزيرة العربية، محافظا بطبيعته على الموروث الديني والثقافي والاجتماعي، وهو اقرب للدعوة الوهابية ، وكما هو معروف ان الاصلاح كحركة اجتماعية اصلاحية يمنية ما هو إلا امتدادا لفكر الشوكاني، والذي تأثر فعليا بالإمام ابن عبد الوهاب.
اضف الى ما سبق أن الاصلاح بقيادة الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر كان موقفه يتطابق مع مواقف دول الخليج فيما يخص غزو الكويت، بينما كان المخلوع صالح يقف على النقيض وتسبب موقفه اللامسئول بأزمة بين اليمن ودول الخليج، مازالت اليمن لم تتعافى منها الى اليوم.
لم يبدِ الإصلاح اي سياسة عدائية ضد اي دولة من دول المنطقة ولم يخرج عن طبيعته البرجماتية في النظر لمصالح اليمن وشعبها تحت اي ظرف، حتى في ازمة 2013 الناجمة عما حدث في مصر ودعم الخليج لطرف من الاطراف هناك، كان الإصلاح اكثر حرصا على مصالح اليمن، وباركت قيادات عسكرية محسوبة على الاصلاح الاستقرار الذي حدث في مصر ، وطالبت تلك القيادات فيما بعد 21 سبتمبر 2014 تدخل مصر في ما يتعلق بالأمن القومي العربي ومصالح شعوب المنطقة، خوفا من تمدد ايران الى سواحل اليمن.
ان دور المملكة العربية السعودية بقيادة ملك الحزم والعزم وبقية اخوانه قادة الخليج، وقادة دول التحالف العربي في اعادة الاستقرار لليمن ، قد لقى ترحيبا يمنيا وعربيا، فاليمن جزء من أمته العربية، لم ولن يكن جزء من إيران ومشروعها المصدر للثورات والعنف والطائفية .. رفعت الجماهير في تعز "شكرا سلمان" وتعز هي الكتلة الشعبية السياسية الحية في اليمن، فهناك ادراك يمني حقيقي للدور الانساني الذي قامت به المملكة وبقية دول التحالف في انقاذ الشعب اليمني من محرقة مؤكدة، كانت ايران وجناحها المتمثل في قوات المخلوع وميلشيات الحوثي قد اعدت لها العدة واوصلت السفن الإيرانية المقاتلين من حزب الله اللبناني، ومن الحرس الثوري الإيراني، وفيلق بدر العراقي للمساعدة على تحول سريع في المعركة لصالح إيران.
الملك سلمان اعاد للذاكرة اليمنية وصول قوات الامير فيصل بن عبد العزيز الى موزع على مشارف تعز وباب المندب سنة 1934م، وتوافد وجهاء تعز لاستقباله استقبال الاخوة الفاتحين المنقذين من التغول الزيدي المناطقي الطائفي في مناطق تعز والحديدة التي كانت بعيدة عن تأثير التشيع الصفوي وجناحه في اليمن ( التشيع الطبري) الى ما قبل 1918 عندما غادر العثمانيين اليمن وتركوها للتخلف الكهنوتي الامامي.
حاولت المملكة السعودية من ذلك الحين تجنب الشحن الطائفي في اليمن الجار، لكن علي صالح والحوثي اول ما سنحت لهم الفرصة تناسوا ذلك، وكل الدعم الذي تلقوه وتلقاه آبائهم منذ 1962م وقفزوا الى حضن إيران ، ونصبوا بطاريات صواريخ اسكد الكورية على الحدود السعودية.
الخطر لن ينتهي في اليمن الا بالقضاء على مثيري الفتنة ونزع السلطة والقوة من أيديهم، ودعم نظام اتحادي بحسب مخرجات مؤتمر الحوار الذي رعته السعودية أيضا، كما ان الشعب اليمني يثق بجلالة الملك سلمان وحكمته، فهو الذي اعاد تجميع العرب وحرر اليمن - هكذا سيكتب التاريخ - من التدخل الإيراني الطائفي، وحافظ على وحدة اليمن وسلامة اراضيه واعاد الشرعية للسلطة المنتخبة شعبيا، ومن غير المعقول ان يجتمع العرب لأجل تقسيم اليمن وهذا ما تؤكده الوقائع على الأرض.
/نقلا عن الخليج أونلاين/