د / عبد الله باذيب
اعلن القيادي الحوثي محمد البخيتي في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية ، انه لا خلاف على الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة للحكومة اليمنية ، وان ذلك - حسب قوله - جاء ضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، الا انه أضاف ان ذلك سيتم بشرط ادراج انصار الله - الحوثيين - ضمن مؤسسات الدولة ، وقال ان ذلك لم يتم .
وهذا يعني ان الحوثيين موافقون على مخرجات مؤتمر الحوار الذي اختتم نهاية عام 2013م ، والذي كانت من اهم مخرجاته : دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، وتقسيم فدرالي وتعديلات دستورية ، تمت بمساعدة لجان غربية اعلن عنها في حينها .
وهذا يعني ان الطرفين المتقاتلين في اليمن ( الحوثيون والحكومة اليمنية ) متفقان على تلك المخرجات وعلى شكل الدولة القادمة ، الا أنهما مختلفان - فقط - على توزيع السلطة والثروة في البلاد .
ومايؤكد ذلك هو اعلان عبدالملك الحوثي مرارا وتكرارا انه جمهوري اكثر من الحكومة نفسها ، حين كان يرد على الاتهامات الموجهة اليه بانه يرغب بالعودة باليمن الى عصر الإمام. وكان عبدالملك الحوثي يتقصد وضع علم الجمهورية اليمنية جلياً من خلفه في خطاباته المتلفزة .
فلم الحرب اذاً ؟
ماهو المشروع الذي يقدمه الحوثي لحكم البلاد ؟ انه نفس مشروع عبدربه هادي ولايخرج عنه قيد أنملة : دولة مدنية ديمقراطية حديثة ذات نظام جمهوري ضمن اتحاد فدرالي بإشراف غربي على دستور البلاد الجديد .
فلم الحرب اذاً ؟
للإجابة على ذلك لابد من عرض النقاط التالية :
1- قدم مبعوث الامم المتحدة الى اليمن مؤخراً مبادرة الى الحكومة اليمنية لوقف إطلاق النار ، وقال ان الحوثيين قد وافقوا عليها .
2-رفضت الحكومة اليمنية تلك المبادرة ووصفتها انها إلتفاف على تطبيق القرار الأممي 2216.
3- قامت قوات التحالف المساندة للحكومة اليمنية بضرب ميناء الحديدة وميناء المخا من اجل احكام الحصار على صنعاء المسيطر عليها الحوثيون .
4- اعلنت الولايات المتحدة الأميركية قلقها بشأن تلك الضربات واوعزت الى منظمتها الدولية ( الامم المتحدة ) بالاعتراض عليها .
5-يقوم ولد الشيخ هذه الأيام برحلات مكوكية بين مسقط والرياض في محاولة للحصول على وقف لإطلاق النار يوقف التراجع العسكري المهول للحوثيين
6-اعلن رياض ياسين وزير الخارجية اليمني من الاردن انه لا مبادرات جديدة وانه لاحوار مع الحوثيين
7- قدمت الحكومة اليمنية الى ولد الشيخ ورقة وصفتها انها خارطة طريق لتنفيذ القرار الأممي الملزم 2216.
كل هذه النقاط جرت في ظرف هذا الاسبوع الأخير فقط ، مايدل ان هناك رغبة أميركية في حماية الحوثيين وابقائهم ضمن الشكل السياسي القادم في اليمن . في إصرار واضح من الاميركان عبر منظمتهم الدولية الا تستفرد الحكومة اليمنية بالوضع النهائي في البلاد ، والتأكيد دوما ان للحوثيين مطالب مشروعة ، وعبر عن ذلك وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ، في تناسق مع المطالب الأميركية قائلا ان لدى الحوثيين دور يلعبونه في مستقبل اليمن .
وهذا التباين في مواقف الأطراف المتصارعة محلياً يكشف بجلاء ان هناك تباينا في موقف أميركا وأطراف دولية اخرى ، وهذه الأطراف الدولية هي التي تدعم حكومة عبدربه هادي عسكريا وسياسيا ، وابرز تلك الأطراف الدولية الداعمة هي الدولة المستعمرة لجنوب اليمن لأكثر من قرن من الزمان ، وهي بريطانيا .
وبما ان الغرب بشقيه الاميركي والبريطاني لايملك بضاعة غير الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ، نجد ان كلا الطرفين المحليين المتقاتلين في اليمن ، يطالب بنفس البضاعة لافرق .
فلم الحرب اذاً؟
انه صراع المصالح الغربي على النفوذ والثروة في العالم .
ولهذا فإن أقصى ما يطالب به الحوثي هو إشراكه في السلطة والثروة في البلاد ترجمة لصراع المصالح الغربي ، ولايعني الغرب البتة سيل الدماء البرئية التي سفكت في تلك الحرب ، ولازالت .
ان كلا قيادات الطرفين المتحاربين في اليمن لاتعدو كونها دمى لصراع المصالح للغرب الكافر المستعمر .
لقد أدرك الكافر المستعمر ان الامة الاسلامية تتجه صوب حل قضيتها المصيرية وهي اعادة الحكم بما انزل الله الى واقع حياتها عبر إقامة الخلافة على منهاج النبوة ، فتعود بلادها منارة تنير العالم كما كانت بالأمس القريب ، وبهذا سيتم كنس نفوذ الكافر المستعمر من حياض الاسلام ، و سيخسر الغرب مصالحه الحيوية في بلادنا ، ولهذا قام بدعم هذه الدمى في محاولة يائسة منه لتأخير مشروع الامة .
قال تعالى :
( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ).
* عضو حزب التحر?ر ف? ال?من