عمار زعبل
حشود كثيرة من المقاتلين والكتائب التي تسمى بمسميات مختلفة تتجه إلى تعز، حالة استنفار غير عادية في الهضبة الشمالية التي ينحدر منها الحوثي وعلي عبدالله صالح، وقد فتحا باب الجحيم عليهما، وعلى أتباعهما في محافظات اليمن المختلفة، ومنها تعز.
انتصرت محافظات لحج وعدن والضالع، وتبعتهم جبهة تعز، بعد أن استمات رجالها من أجل الدفاع عنها، وصد الغزو الهمجي الذي أراد القضاء على كل شيء، ووأد معاني الوطنية والتعايش، بل وضرب المواطنة، والقضاء تماماً على النسيج الاجتماعي الذي ظل متماسكاً طوال الفترات الماضية، على الرغم من محاولات الانقلابيين المستميتة في تمزيقه وتشتيته.
يتساءل كثيرون عن سر هذه الحشد، والتعبئة بكل مستوياتها، القتالية والإعلامية، فلم يتفاجأ صالح وحليفه الحوثي بهزيمتهم في عدن، أو لحج التي توجد فيها أكبر قاعدة عسكرية، بقدر ما تفاجآ بنصر تعز، وخطوات المقاومة فيها التي بدأت مدروسة، لتدوس أحلامهما معاً بإيجاد مخارج أخرى بالإمكان نيلها بالتفاوض، وهو التفاوض الجاري والمستمر في عاصمة عمان الجارة التي ظهرت مبادرتها ذات النقاط العشر، ورفضتها تماماً الحكومة اليمنية، لأنها تصب في خانة الانقلابيين، واستمرار تهديدهم المدن والمناطق المختلفة.
يرى مراقبون أن الحوثي قاتل في مناطق في عدن وغيرها، تحت كنف الحرس الجمهوري، أما في تعز، فقد قاتلا معاً. لكن، ظهرت، أحيراً، لكل منهما ترتيباته ومصطلحاته، فتم إرسال ما أسميت كتائب الحسين، لإظهار البعد الطائفي، على الرغم من أن أكثر مقاتلي جبهة تعز مواطنون عاديون، وينتسبون إلى الأحزاب المختلفة، وقتالهم هو في سبيل الوطنية واستعادة الدولة والعيش بكرامة وسواسية في ظل عدل وقانون، وهو جلّ ما يتمنونه، ويقاتلون في سبيله.
احتمالات عدة لاستماتة الحوثيين وصالح، ومحاولة استعادة المناطق المحررة وبسرعة كافية، قبل أن تنفجر جبهات جديدة. وفي الشمال نفسه، خصوصاً بعد انتفاضة الوسط في مناطق محافظة إب والمديريات التابعة للضالع الجنوبية، كقعطبة، ودمت، والتي تحادد مديريات تدين بالولاء تماماً لحزب صالح الذي بدا يتفكك، ويبحث عن حسابات خاصة به، وفي مناطق مختلفة.
والملفت لكثيرين أن الانقلابيين ينتحرون على أسوار تعز، ويقتلون أي أمل للتفاوض معهم مرة أخرى، فالجنون الذي استعر في اليومين الماضيين في قتل المدنيين، وبالأسلحة الثقيلة، يؤشر إلى أن الرئيس السابق والحوثي يريدان إغلاق أي باب آخر سوى السلاح والقتل والتدمير للرضا بهم، وهو الاستحالة، كما يشاهد في أوساط المقاومين على الأرض الذين يترجمون استفسارات من قبيل لماذا تدمر تعز، وبهذه الهمجية، لأنها تظل حاملة للمشروع الوطني الذي سيقضي على المشاريع الصغيرة التي لن تصل إلى أهدافها، إلا بالقتل والتدمير.
/نقلا عن العربي الجديد/