أ. علي العمراني
قيل إن صالح لا يزال يرفض الخروج من البلد لحد الان ... ويعتبر الخروج مذمة وعيبا .. لا يا رئيس ..! المذمة والغلط والعيب هي ما جنيته على البلد منذ أعوام وخاصة طوال سنين العبث منذ 1994* ، وبالأخص في الثلاث السنوات الأخيرة، والسنة الأخيرة على وجه الخصوص ..
سبق لصالح وعاير الذين خرجوا من البلد وخاصة علي محسن وحميد الأحمر ، ومن قبلهم عاير البيض والعطاس ، وحدد منفذا واحدا للرئيس هادي للخروج من البلد..! ولو كان الرئيس السابق محاطا برجال دولة حقيقيين لنصحوه ألا يفعل .. اقصد : أن لا يعاير من تسبب في إخراجهم من شركائه ومواطنيه، فهذا لا يعد إنجازا ، لشخص حكم طويلا ويحب أن يطلق عليه لقب الزعيم ...! لكن صالح لم يعد محاطا إلا بسطحيين جشعين همهم جمع المال، وهم غير قادرين بأن يقدموا له المشورة الصحيحة في الوقت المناسب .. ومع أن صالح يتمتع بذكاء فطري ، لكن يبدو أنه يفتقر إلى ما يلزم رجال الدولة الكبار من تقاليد وأعراف وقيم ومعرفة..
لو قدر لصالح الخروج في 2011 لسلمت البلد من مآسي إضافية ولترك لغيره فرصة أن يعمل ويرمم ويعيد بناء ما أفسده الدهر ودمره الجشع ..!
عندما اختلف الناس على السلال خرج وعاش بعيدا، ومضت البلد بعده، فهل كان ذلك مما يعيبه وينقص من قدره وتاريخه..؟ أم أن خروجه اعتبر إضافة له ولتاريخه عندما قال : بقاء الجمهورية اهم من بقاء رئيس الجمهورية.. ؟ كان لدى السلال من يمكن أن يجعل عاليها سافلها ، لكنه آثر سلامة البلد، وكذلك الرئيس عبد الرحمن الإرياني الذي غادر السلطة الى الخارج معززا مكرما... ووفقا لمن عرفه عن قرب وتعمق في سيرته، فلعل القاضي الإرياني كان أعظم رئيس مر على اليمن ، على الرغم من تعقيد الظروف التي اكتنفت فترة حكمه..
وهل نذكَُر ببطل السبعين يوما الفريق حسن العمري الذي تخلى عن السلطة وغادر بسلام ولم يعيره أحد..؟! بل بقي محل احترام الجميع، حتى الذين اختلف معهم ..أم نتحدث عن الزعيم الآستاذ النعمان أبو الحركة الوطنية الذي كابد المنفى والإغتراب من أجل اليمن منذ أربعينات القرن الماضي وآثر بعد ذلك الإبتعاد وعاش خارج البلاد طويلا ، وهو من هو في الإصلاح والنضال الوطني .؟
وقيل إن صاحب الشعبية الكاسحة الرئيس الحمدي عرض قبل اغتياله مغادرة البلد وتسليم السلطة لزملائه (الذين غدروا به) مثل ما استلمها بسلام...وكذلك عبد الفتاح إسماعيل الذي فضل مغادرة السلطة والبلد على اقتتال الرفاق، ومكث خمس سنوات في روسيا ..! وغادر الرئيس علي ناصر محمد عدن ( مهزوما بالطبع ) كما هو معروف ، ثم غادر صنعاء بعد ذلك بشروط رفاقه ولم يعد منذ ربع قرن..
لو غادر صالح البلد في 2011 لكان ذلك في صالح البلد وصالحه ، وربما لحمده كثيرون ، أما لو ترك السلطة في 2006 لدخل التاريخ من أوسع أبوابه ولتبدل مصير البلد، إلى الأفضل قطعا.
مغادرة صالح الان في مصلحته وحده ، أما اليمن فالله لها بعد ما بلغ حالها ما نعرف..وسيرعاها الله ويرحمها ويلطف بها على الرغم مما فعل بها بعض أبنائها، خصوصا أولئك الذين أعطتهم الكثير أو بالأحرى أخذوا منها بلا حساب ..
يمكن لصالح أن يغادر الان ولن يشمت به أحد ..!
الغضاضة " يا سيادة الرئيس" هو أن تبقى مجرد تابع للحوثي أو حتى حليف معه في دمار اليمن ...!
لا عيب أن تغادر يا " سيادة الرئيس".... ولست أول من يفعل.. وعسى أن يجد اليمنيون لهم مخرجا بعد ذلك فتكون آخر الرؤساء المغادرين ..!
* سبق وكتبت في( 2010 ) مقال بعنوان : عشرين عام من العبث .
** من حائط الكاتب على موقع "فيس بوك"
*** الأستاذ علي العمراني وزير الإعلام اليمني السابق ضمن حكومة الوفاق الوطني.