حسين الوادعي
القرار حربي وليس قرارا سياسيا او اقتصاديا...
والهدف منه كما يبدو توفير موارد اضافية للمجهود الحربي، اضاافة الى الهروب من الفشل في ادارة مهام الدولة عبر اسنادها الى القطاع الخاص الموالي.
ردا على بيع الاوهام ومحاولة اقناع الناس ان سعر البترول سينخفض بعد الجرعه اريد التنبيه الى الجوانب التالية:
- ان المشتقات النفطية ستباع بسعرها الحقيقي بعد رفع الدعم الحكومي وهذا يعني منطقيا ان سعرها سيزيد.
- نسى الناس في زحمة نقاش معنى التعويم ان ارتفاع سعر النفط سوف يؤدي الى ارتفاع في اسعار كل المواد الاخرى من الغذاء الى الملابس والاجهزة بسبب الارتفاع في تكلفة النقل والتشغيل. والنتيجة المنطقية لهذا ستكون ارتفاعا جنونيا وغير مسبوق في اسعار كل السلع والخدمات. ولكم ان تتخيلوا القفزة المجنونه في الاسعار التي قد تحدث اذا وصل سعر البترول "الرسمي" الى 6000 او 10000 ريال بسبب شحته في الاسواق.
- في ظروف الحرب والحصار التي تعيشها اليمن فان سعر النفط لن يحدده السوق العالمية وانما السوق المحلية. او بمعنى اصح الاحتكار المحلي. وبما ان عملية الاستيراد ستظل صعبة ومحدودة فان الاسعار ستظل مرتفعة وخاضعة لشروط التاجر المحلي الذي يستورد النفط.
- قرار التعويم لن يحل مشكلة السوق لسوداء وانما سيؤدي الى "شرعنتها" و "رسمنتها". والذي سيحدث ان دبة البترول ستباع وبشكل رسمي في محطات البترول الحكومية والخاصة بـ 6000 او 10000 ريال او اكثر او اقل حسب الكمية المتوفرة في السوق. اي ان التعويم سيؤدي الى تعميم نموذج "شارع خولان" وتحويل السوق السوداء الى سوق رسمية بعد ان تكون السوق الرسمية قد سقطت بالضربة القاضية.
....................................
- لان سعر النفط سيرتبط بالعرض والطلب في السوق المحلية وليس بتقلبات الاسعار العالمية سيصبح اخفاء المشتقات النفطية "استراتيجية" رئيسية من اجل الحفاظ على الاسعار مرتفعة وتحقيق اكبر مكاسب ممكنة. وهذا يعني استمرار الازمات واستمرار ارتفاع الاسعار.
- على سبيل المثال تم تحرير اسعار القمح والدقيق في اليمن قبل سنوات لكن سعر كيس الدقيق وصل في بداية الحرب الى 10000 ريال وهو سعر يفوق السعر العالمي باضعاف . وكان السبب في ذلك شحة المخزون واخفاء التجار للكميات بغرض رفع الاسعار. وهذا بالضبط ما سيحدث بالنسبة للبترول.
- ان "الجرعة" الجديدة اتت في وقت يعاني الناس فيه اساسا من انهيار اقتصادي شبه كلي وغياب تام للقطاع الخاص وفقدان واسع للوظائف وسقوط المزيد من الشرائح "المستوره" الى هوة الفقر. في السنة الماضية وصف الحوثيون جرعة حكومة الوفاق بانها "حرب شعواء ضد اليمنيين". ولا اجد وصفا لجرعة التعويم الحوثية اصدق من هذا التعبير: حرب شعواء ضد اليمنيين في وقت حذرت فيه الامم المتحده ان هناك خطوة واحدة فقط تفصل اليمنيين عن المجاعه، وقد تكون الجرعة التعويمية هي هذه الخطوة القاتلة.
باختصار قرار التعويم "حربي" الهدف منه تامين موارد جديدة تكفل لاستمرار حروب الجماعة مهما كان الثمن. انها حرب ضد الدولة والمجتمع بموارد الدولة والمجتمع!