خالد بن حمد المالك
لا يبدو أن حلاً قريباً يلوح في الأفق، ينهي معه المأساة في اليمن، فما يطرح إلى اليوم من حلول لا تتجه صوب المعالجة الحقيقية لهذا الفراغ السياسي المدمر الذي يعاني بسببه هذا الشعب الشقيق ما يعاني، قتلاً وتدميراً وحالة معيشية صعبة، فالحوثيون وأتباع الرئيس المخلوع علي صالح قرارهم بيد إيران لا بأيديهم، وبالتالي فلا حول لهم ولا قوة في مواجهة ما يمليه عليهم ملالي طهران بالرفض وعدم القبول، خاصة بعد انغماسهم في العمالة وممارسة القتل والتدمير في حق اليمن واليمنيين، بما لا يمكن عزله عن سبب انقلابهم على الشرعية، واستيلائهم على المال العام ومؤسسات الدولة، وأسلحة ومعدات القوات المسلحة.
حل مشكلة اليمن، ليس مكانها ولن يكون مصدرها مؤتمرات تدعو لها الأمم المتحدة، وإنما الحلول المؤثرة يفترض أن تأتي من الداخل، من المواطنين الشرفاء، من الرفض الشعبي المطلق للتعاون مع إيران، ومن الدعم اللوجستي والضربات الجوية التي ينفذها طيران التحالف المشترك، وما عدا ذلك، فهو إضاعة للوقت، واستمراء لتدمير وتحويل اليمن إلى أرض محروقة، وهو ما لا يمكن لمواطن شريف قبوله، أو التسليم به، أو مجرد التفكير بأن ذلك يؤدي إلى خروج اليمن واليمنيين من هذا النفق المظلم.
لا بأس من الإصغاء لكل مقترح يشم منه رائحة الحل الصحيح لمعالجة الحالة اليمنية، وأن يصار إلى البحث عن كل ما يؤدي إلى إنهاء الوضع المتأزم في اليمن، وأن تبذل الجهود ويتواصل العمل للتقليل من الأضرار إلى حين الوصول إلى حلول مقنعة وواقعية لما يحدث الآن، غير أن هذا لا ينبغي ولا يجب أن يتراخى بسببه الشعب اليمني في مقاومته للانقلابيين بانتظار حلول قد تتأخر وقد لا تأتي أبداً، فتحرير اليمن من الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع، يأتي أول ما يأتي من خلال التضامن الشعبي، والإصرار على رفض ما أدى إلى ما هو عليه اليمن الآن.
حتى ما يُسمى باستراحة المحارب، أو التهدئة لأيام محدودة قد لا تؤدي إلا إلى التقاط الحوثيين والرئيس المخلوع وأنصاره لأنفاسهم، ومن ثم استثمار ذلك في جولات جديدة في حربهم المدمّرة ضد الشعب اليمني المغلوب على أمره، دون أي تفكير منهم بما آل إليه اليمن اليوم، وما ينتظره في المستقبل، حيث يستمر التهجير والقتل للمواطنين، والتدمير لكل المظاهر العمرانية، مع الإصرار على مواقفهم، وعدم التنازل عنها، وهو ما يعني أن المقاومة الشعبية، واستمرار ضربات التحالف، هي ما يقضي على مصادر القوة لديهم، ويلزمهم صاغرين بالاستسلام لإرادة الشعب والتخلي عن أحلامهم.
لقد عقد مؤتمر جنيف، بعد تردد منهم، ومحاولة لتمرير شروطهم وإملاءاتهم، وإذا بهم يصلون إلى جنيف متأخرين ليشاركوا فيه ليس للبحث عن حلول يتعافى بها اليمن من محنته، وإنما بهدف الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية، والحصول من المؤتمر على قيمة اعتبارية بأن المؤتمر يتعامل معهم - بحسب رأيهم - ليس بوصفهم أصل المشكلة وسببها والمسؤول عنها، وإنما للتوصل إلى ما يمكن أن يلبي طموحاتهم، دون النظر لقرار مجلس الأمن، وهو ما أفشل المؤتمر، وشجع الحوثيين وعلي صالح على التمسك بمواقفهم، وعدم الاستعداد لتقديم أي تنازل يعيد لليمن استقراره وأمنه، بما في ذلك رفضهم تطبيق ما نص عليه قرار مجلس الأمن بكامل بنوده واعتباره وكأنه لا وجود له.