الأرشيف

سوق المتعة

الأرشيف
الخميس ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٠٣ صباحاً

محمد علي محسن


في فيلم ” سوق المتعة ” يُطلق سراح بطل القصة أحمد حبيب – قام بالدور الفنان محمود عبد العزيز – الرجل الذي يخرج من السجن شخصاً غريب الأطوار ، ميَّال إلى ممارسة هواياته الناشزة بمتعة لا نظير لها ، فمن تنظيف دورات المياه إلى حنين دائب لرفقاء السجن.

كان لزاماً عليه أن يشيد سجناً مماثلا ، وأن يجلب إليه سجناء وحُرَّاس وضباط سابقين ، فلكي تتحقق رغبته وتكتمل تم تشييد السجن وبكل تفاصيله ونظامه وحتى جلاديه ممَّن أريد إذلالهم والانتقام منهم وبطريقة فظَّة بشعة أقل ما يقال عنها استغلالها الوقح لفاقة البشر للمال؛ كيما تحقق رغبات شخص معتوه وبائس.

رغبات غريبة تتحقق جميعها إثر لقائه بزعيم العصابة الذي يفاجئه بمكافأة قدرها ستة ملايين جنيه كتعويض عن سنوات سجنه العشرين، فبدلاً من أن يفرح بحريته ويتمتع بنقوده الكثيرة الممنوحة مكافأةً له نظير تحفُّظه على أسماء كبيرة في تجارة الممنوعات أثناء محاكمته.. لم يستطع التأقلم مع محيطه الناشئ فيقرر وقتها الانتقام ممَّن تسببوا في حالته ، فيبدأ بتبديد ماله على نزواته المريضة المجنونة الجامحة الناشزة

فبعد عشرين سنة من المعاناة والشقاء والألم والعُزلة وأيضاً الانسجام والألفة مع حياة السجن يجد ذاته حراً خارج عتباته وبلا هدف أو غاية غير إشباع نزواته الغريبة. يحاول أحمد حبيب التعويض عمَّا فاته من سني عمره المُهدرة، بالاستمتاع بكل ملذات الحياة.

يدرك في النهاية أنه غريب عن المجتمع الذي يعيش فيه بجسده فقط، فيقرر هنا الخروج عن المحظور؛ إذ يتخلَّى عمَّا اشترطته عليه العصابة مقابل ملايينها المدفوعة له ، ويفتح على نفسه أبواب جهنم بطلبه مقابلة كبير العصابة التي حولته إلى تلك الصورة الحيوانية.

لا أعلم لماذا تذكِّرني أفعال الزعيم بذاك المجنون المهووس بشغفه بالسجن وحياته لدرجة إنفاقه معظم نقوده على بناء سجنٍ خاص به ؟ فكل ما في المسألة أنه لم يحتمل العيش في بيئة أخرى ، وفي طقوس مختلفة عما ألفه واعتاده في فناء السجن وغياهب زنازينه.

الرئيس الأسبق أظنه صورة مجسدة لذاك السجين الأسبق الذي لم يحتمل الحياة المستقرة الرغيدة وإن بمال مصدره غير مشروع ، الفارق بين حياة القصر المهيبة الباذخة وبين حياة السجن المذلة والمهينة بلا شك كبير وشاسع, ومع هذا البون لا يبدو من تصرفات الزعيم غير هوس وجنون السجين ، تأملوا جيداً كيف غادر دار الرئاسة المهيب في الستين ليقيم حكماً موازياً ولو في قصره المنيف في حده ؟.

كيف أنه أُقسر على التنحي من رئاسة الدولة إثر ثورة شعبية عارمة وكيف أنه يقسرنا وبماله ونفوذه بقبول فكرة سطوته وسلطانه ولو من خلال رئاسته لتنظيم سياسي لم يكن يوما إلا كيانا للمنتفعين والانتهازيين والفاسدين ؟.

 

أخبار اليوم

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)