الأرشيف

اليمنيون والعزف الايراني

الأرشيف
الأحد ، ٢١ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٤:٠٧ مساءً

فاروق يوسف


وضع الحوثيون المسألة الطائفية على المائدة وهي سابقة ستقلق اليمنيين وتجعلهم يترددون كثيرا في العودة إلى ما اعتادوا عليه من حلول لمشكلاتهم.

 

فشلُ مؤتمر جنيف الخاص بالحرب في اليمن لا يمكن اعتباره فشلا لأحد طرفي النزاع بل هو فشل يتحمل المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة مسؤوليته. فذلك الفشل ما كان له أن يقع لولا الطريقة المائعة والمترددة التي أتبعها المجتمع الدولي متمثلا هذه المرة بالولايات المتحدة في تفسيرها لما يقع في اليمن.

 

لم تكن الطبخة اليمنية في حاجة إلى الكثير من التوابل لتكون جاهزة للاكل.

 

كان على الادارة الاميركية أن تفهم أن مجتمع القبائل في اليمن والذي عجزت الدولة عن احتوائه فصارت جزءا منه لا يمكن أن يقبل بالحلول التي تفرض عليه من الخارج. لا فرق هنا بين الخارج الاقليمي والخارج الدولي. فالحالة اليمنية لا يمكن فهمها إلا من داخلها. وهو داخل مكتظ بالأسرار التي لا يمكن فك الغازها عن طريق المقاربة السياسية.

 

هذا هو ما اجمع عليه اليمنيون وقرروا أن يكون ناموسهم السياسي.

 

لذلك كان استقواء جماعة الحوثي وهم أقلية يمنية بايران ومن ثم لجوؤهم إلى السلاح من أجل فرض واقع سياسي ملفق قد شكل خروجا على ذلك الاجماع وانتهاكا لمبدأ العيش المشترك، الذي لم تكن الطائفية واحدة من مقوماته.

 

لقد فرض الحوثيون البعد الطائفي على الحياة السياسية اليمنية ارضاءً لإيران، ضاربين عرض الحائظ بقواعد لعبة التوازنات المعتمدة تقليدا في الحياة السياسية التي كانت في ما سبق قادرة على احتواء مختلف الخلافات.

 

وهكذا يكون الحوثيون قد اجترحوا عن طريق الحرب شروطا جديدة فرضوها على الحياة السياسية في اليمن، هي ليست منها، غير أنها ستكون في ما هو قادم من الأوقات لازمة للتفكير حين يكون الامر متعلقا بكل ما له صلة بالحوثي.

 

لقد وضع الحوثيون المسألة الطائفية على المائدة وهي سابقة ستقلق اليمنيين وتجعلهم يترددون كثيرا في العودة إلى ما اعتادوا عليه من حلول لمشكلاتهم. لذلك لم يكن هناك من بد من الفشل في المفاوضات.

 

فالحوثيون يضربون على وتر لم تعتد الاذن اليمنية الاستماع إلى أنغامه.

 

ما ارتكبه الحوثيون من جرائم على الأرض، بعد تمردهم على الشرعية لا يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمتهم الأصلية، حين انحرفوا بالحياة السياسية عن طريقها التقليدية ليسقطوها في مستنقع الطائفية.

 

فهم عن طريق جريمتهم تلك لم يتعمدوا ادخال اليمن في متاهة هي ليست من بنيته ولا تمت بصلة إلى تاريخه حسب، بل وأيضا فتحوا الباب أمام ايران للتدخل في الشؤون اليمنية، بإعتبارها قوة اقليمية نجحت في أن يكون لها ذراع في اليمن.

 

وهو ما يعني أن أي حوار معهم لن يكون ناجحا إلا إذا تم في سياق الرضوخ للإملاءات الطائفية التي يجب أن تحضر بمزاج ايراني.

 

وهو ما لم يتمكن اليمنيون من احتواء صدمته.

 

لهذا يمكنني القول أن دعوة الحوثيين إلى الحوار الوطني برعاية دولية لم تكن فعلا موفقا ولا يدل على حصافة في فهم ما يجري في اليمن.

 

فالحوثيون وقد وصلوا إلى نقطة اللاعودة لم يكونوا على استعداد للحوار مع أطراف لا تزال مصرة على عدم التعامل معهم طائفيا. كما أن تلك الاطراف لا تزال غير قادرة على هضم فكرة وجود ايران طرفا ذا علاقة بالمسألة اليمنية.

 

لذلك يراهن الحوثيون على الوقت وهم يعتقدون أن الوقت لا يزال مبكرا لطرح شروطهم الجديدة لإعادة رسم الخارطة السياسية في اليمن.

 

في هذه الحالة فإن الحرب هي الخيار الأمثل لإنضاج الحوار بالطريقة التي يخططون لها. وهي طريقة يعتقدون أن موازين القوى على الأرض ستفرضها على الآخرين، سواء قبلوا بها عن قناعة أو رضخوا لها بسبب هزيمتهم.

 

لقد فاتهم أن يفكروا في إمكانية أن تظل الاذن اليمنية صماء إزاء العزف الايراني.

 ميدل ايست اونلاين

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)