د. أنور ماجد عشقى
أوشك التصادم أن يقع بين قوات التحالف وإيران عندما قصفت طائرات التحالف مدارج الطيران فى مطار الرحابة اليمنى ، فحال دون هبوط الطائرة (إيرباص 310) الإيرانية مع أن المطار فى صنعاء يخضع لسيطرة القوات الحوثية المرتبطة مع إيران.
فالطائرة واحدة من أسطول الطائرات المدنية التى تملكها شركة (ماهان للطيران) وهى شركة خاضعة لفيلق الحرس الثورى الإسلامى ، أما الطيار الذى يقود الطائرة فهو عضو فى فيلق الحرس الثورى معروف بتهوره.
لقد تجاهل بصلف الأوامر الصادرة إليه من طائرات F15 السعودية بتغيير مساره ، مما اضطرها إلى قصف مدرج المطار فأرغم الطائرة الإيرانية على العودة لأن هبوطه على مدرج مدمر يعتبر انتحاراً وليس جريمة تقع على قوات التحالف يعاقب عليها القانون الدولى ، فأصيبت إيران وحلفاؤها بالإحباط وبدأ عجز إيران عن تقديم المساعدات العسكرية.
لم تكن العملية عفوية من جانب الطرفين، ولم تكن تداعيات الحدث نتيجة تصرف أرعن من طيار أراد أن يفرض إرادته ،بل كانت خطة إيرانية لقياس مدى صمود وإرادة التحالف الذى تقوده المملكة العربية السعودية.
كانت المملكة على علم بأن قائد الحرس الثورى الإيرانى (اللواء محمد على جعفري) أراد اتخاذ موقف أكثر عدائية ضد قوات التحالف ، كما أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية (اللواء حسن فيروز أباد) دعا إلى إنزال أشد العقاب بالسعوديين بعدما حاولت فى نهاية شهر أبريل 2015م قافلة سفن إيرانية خرق الحصار الذى فرضته المملكة على الموانئ اليمنية، وإيصال السلاح والإمدادات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وعلى عبدالله صالح.
تقدمت قافلة السفن يحميها اثنان من زوارق الصواريخ التابعة للحرس الثورى من نوع (توندار) ومسلحة بصواريخ (غادر) المضادة للسفن بمدى يصل إلى 200ميل ، لكن الأوامر صدرت إلى القافلة البحرية الأمريكية حاملة الطائرات (يواس إس ثيودوز روزفلت) والطراد (يواس إس نورماندي) بالقدوم من الخليج العربى وتطبيق قرارات مجلس الأمن بمنع السفن التى تساعد الحوثيين.
لم تتمكن السفن الإيرانية من تفريغ شحنتها ولا التحرش بحاملة الطائرات الأمريكية إذ لا تزال الذاكرة الإيرانية تدرك ما حدث عام 2006م عندما حاولت بعض الزوارق الصاروخية الإيرانية إيقاف قطعة بحرية أمريكية، ولما لم تلتزم أطلقت الزوارق صواريخ تحذيرية، وخلال ست ساعات كان نصف الأسطول البحرى الإيرانى قد غرق فى مياه الخليج وبحر العرب.
منذ ثلاثة أعوام وفى عام 2012م قامت البحرية الإيرانية التى يسيطر عليها الحرس الثورى الإيرانى بإعادة النظر فى عقيدتها العسكرية، وتبنى مقاربة استراتيجية تقوم على العقاب والإكراه وتبنى ما عرف بالإدارة الذكية لحركة الملاحقة فى مضيق هرمز، وبموجب هذه الاستراتيجية، يستطيع الحرس الثورى منع عبور السفن من الدول التى تفرض عقوبات على إيران ، ويمكن أن تتصاعد هذه الإجراءات لتصل إلى حد المواجهة العسكرية مع دول الخليج والولايات المتحدة.
ومع كل هذا فإن إيران تمتلك عدة وسائل لعرقلة الملاحة فى الخليج إذا ما خرجت عن السيطرة الإيرانية ومن بين هذه الوسائل بث الألغام البحرية ، والصواريخ الساحلية ، وبطاريات المدفعية ، والزوارق الصاروخية ، والغواصات الصغيرة.
لقد انعكس الموقف على إيران من الداخل والخارج ، ففى الخارج أدى هذا الموقف إلى نشاط الثوار فى سوريا ، فسيطروا على بعض المواقع الاستراتيجية، وبدأ التصدع فى حزب الله ، وتغيرت لهجة السيد حسن نصر الله التى كانت تتسم بالصلف والغرور، وفى العراق أعلن العبادى أنه لا يمكن السماح لإيران بالتدخل فى شئون العراق.
أما فى الداخل فقد رفع عرب الأحواز صور الملك سلمان بن عبدالعزيز وطالبوا بالاستقلال ، ونشطت المقاومة فى بلوشستان وقتل العديد من قادة الحرس الثورى والاستخبارات الإيرانية ، كما أن الأكراد أخذوا يطالبون بالانفصال عن إيران وقدمت أذربيجان ثلاثين دبابة على الحدود الإيرانية.
عندها أعلن لاريجانى بأن إيران سوف تستولى على الكويت إذا سقط النظام فى سوريا، وكلف الإيرانيون عملاءهم فى الكويت بالهجوم على الرموز الكويتية والمملكة العربية السعودية، وقد تقرر أن تقوم العراق وإيران معاً بعملية انقلابية كتب عنها جاسم الشمالى بموقع فيصل نور.
ومع اقتراب التوقيع على الاتفاق النووى بدأت مخاوف دول الخليج من أن الاتفاق النووى سوف يوفر 50 مليار دولار لإيران مما يزيد من نشاطها فى تمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط ، لهذا دعا الرئيس الأمريكى إلى قمة أمريكية خليجية، وعقد المؤتمر وكان ناجحاً للغاية عبر عنه الرئيس أوباما فى لقائه مع قناة الحدث العربية، وقدم ضمانات لدول مجلس التعاون بحماية حدودها.
إن هذا المؤتمر قد يجعل إيران تغير من سياستها اللامسئولة فى العالم العربى، والتوقف عن دعم الإرهاب والميليشيات الإيرانية.
/نقلا عن الأهرام/