د. عبد الله بن موسى الطاير
إعلان قيادة التحالف إيقاف عاصفة الحزم، واطلاق حملة إعادة الأمل كان بشارة للسعوديين واليمنيين على حد سواء، إلا أنه أغاظ الحوثيين الذين يحاربون نيابة عن إيران التي لم تجرؤ على دعمهم سوى بالشعارات منذ انطلاقة عاصفة الحزم.
الحوثيون وإيران من خلفهم لم يرق لهم إعلان نهاية حملة نظيفة لم تستهدف سوى مخازن السلاح والمواقع التي تشكل تهديدا مباشرا للشرعية اليمنية، ولذلك عملوا على استخدام سلاح حزب الله التقليدي في لبنان من نفس المصدر الإيراني واطلقوا الكاتيوشا والهاون على بعض المواقع السعودية في منطقتي نجران وجازان.
الرد السعودي كان حاسما، وتغيرت في هذه الحالة المعادلة، ولقي المتمردون ما لم يتوقعوه، ودمرت البنية التحتية الحوثية، وفي الوقت ذاته وجدت إيران ظرفا جديدا مناسبا لمواصلة النباح، والنواح على أشلاء الحوثيين.
فما الذي أوصلنا إلى هذا التطور اللافت في حرب دعم الشرعية اليمنية؟
أحد الأسباب تمثل في تقاعس الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها ولست أعني هنا القرار 2216 فقط، وإنما قراراتها السابقة منذ عام 2007م التي تحظر على إيران تصدير الأسلحة، ومع ذلك واصلت إيران تزويد الحوثيين بالسلاح وبخاصة منذ عام 2009م، والأمم المتحدة ممثلة في مجلس الامن هي التي فرضت العقوبات على بيع وتصدير السلاح الإيراني وهي نفسها التي اعترفت الأسبوع الماضي باختراقات إيران للقرارات الأممية ومرّ ذلك بردا وسلاما.
القرار 2216 اقتضى تدخلا دوليا لدعم الشرعية في اليمن تحت الفصل السابع، وأن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا عن مدى رضوخ الحوثيين للإرادة الدولية، ومع ذلك لم يحرك العالم ساكنا، واكتفت الأمم المتحدة بترديد مطالب إيران ودعواها حول الإنسانية المعذبة في اليمن، وكأن الإنسانية في إيران والأحواز وسورية تعيش في نعيم دائم.
في سورية لم تكن الظروف مهيأة لتطبيق قرارات الأمم المتحدة، فأعضاء مجلس الأمن يصوتون ويتركون التطبيق لمن يعلق الجرس، ولذلك لم يطبق أي قرار بحق النظامين السوري والإيراني، تماما كما لم يطبق أي قرار بحق إسرائيل. بمعنى أن هناك إرادة دولية كسيحة، ومنحازة.
الأمر في اليمن جد مختلف، فعاصفة الحزم انطلقت وفقا للشرعية الدولية قبل صدور القرار 2216، وتوقعنا أن التحالف العربي سيجد دعما عسكريا وسياسيا للجم التمرد الحوثي وقطع دابر إيران في اليمن، غير أن الرسائل المتناقضة والمترددة من المجموعة الدولية أعطت الحوثيين ومن يقف خلفهم بصيص أمل فعملوا على توسيع عدوانهم خارج اليمن ليطال الأراضي السعودية.
ومرة أخرى، ننتظر من المجموعة الدولية تحركا، ومن الأمم المتحدة حزما يوازي هذا الترهل في خطابها المتهالك الذي لايسمن ولا يغني من جوع. وإلى أن يسمع من به صمم، فإن باليد خطوات وإجراءات لابد من العمل بها وعاجلا على صعيد دعم الشرعية في اليمن. فتأمين موطئ قدم للسلطة اليمنية في عدن وتحقيق ذلك ولو بتدخل قوات خاصة ليس له بديل، وهو اكثر الحاحا في الوقت الراهن.
اليمنيون يجب أن يشعروا بوجود سلطة ملموسة على الأرض يقصدها الحليف، ويأوي إلى ركنها المنشق، وتكون دعما للمقاومة الشعبية الجنوبية المبعثرة. وجود قيادة شرعية في عدن أو غيرها سيكون مثل قضيب المغناطيس يجذب إليه المتعاطفين والمترددين والخائفين ويكبر وتتعاظم قوته يوما بعد يوم. وبدون هكذا خطوة فإن الناس لن يطمئنوا إلى فصائل المقاومة خشية من تغير الولاءات في سوق نخاسة كبير يباع البشر فيه ويشترون كما حدث في أفغانستان عقب الغزو الأميركي لها.
أمام الحكومة اليمنية خيارات محددة في هذا السياق؛ وعليها الطلب من التحالف تأمين عدن بأية طريقة كانت، وعلى المجتمع الدولي أن يمارس مسؤولياته في دعم تحقيق هذا الرغبة، أو أن تؤسس قيادة للمقاومة في الداخل اليمني يعين عليها من يلتف حوله اليمنيون الأشراف الذين يرغبون في تخليص بلادهم من الورم الحوثي ومن ورائه المخلوع صالح.
اليمن الجنوبي بمحافظاته جميعا سوف يستجيب لهكذا تقدم على الأرض بشكل كبير، وسوف يكتشف اليمنيون ودول التحالف بأن لديهم أرضاً خصبة لتحالف حقيقي على الأرض يستعيد اليمن من قبضة الخاطفين، وسوف يسهم ذلك في تخفيف وطأة الظروف الإنسانية ويوفر ملجأ للهاربين من جحيم المليشيات الحوثية في الشمال.
خطوة كهذه سوف تقتلع التنظيم المارق المسمى القاعدة الذي يعيش على اقتناص الفرص في مخاتلة لم تكن في يوم من الأيام لصالح الإسلام والمسلمين وإنما لتمكين أعداء العرب والمسلمين من رقابنا.
كل يوم يتأخر فيه تأسيس قيادة عسكرية في اليمن تتغول القاعدة في الجنوب اليمني وتلعب دورا معاكسا تماما للشرعية اليمنية.
لمراسلة الكاتب: [email protected]