بوادر صدام جديد بين الأمم المتحدة من جانب والرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح من جانب آخر بعد التقرير النهائى الذى قدمه أعضاء فريق الخبراء المعنى باليمن إلى رئيس مجلس الأمن فى فبراير ???? وتصنيفه للرئيس السابق على رأس قائمة الأفراد والكيانات المتورطة فى أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار فى اليمن!!
فمن خلال التحريات والمقابلات التى أجريت والوثائق التى تم جمعها وضع الفريق التابع للأمم المتحدة ـ الذى تم تشكيله عملا بقرار مجلس الأمن ???? (لعام ????) ـ تقريره النهائى الذى تضمن هجوما حادا على الرئيس اليمنى السابق وسلط الضوء على العديد من ممارساته أثناء رئاسته للبلاد وفى المرحلة التالية على الخروج من السلطة.
اتهامات متعددة
ومن المعروف أن مجلس الأمن فرض عقوبات على الرئيس اليمنى السابق واثنين من كبار القادة العسكريين للحوثيين عبد الخالق الحوثى وعبد الله يحيى الحكيم منذ نوفمبر الماضى لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار فى اليمن، وتهدف العقوبات لوضعهم فى قائمة المنع من السفر إضافة إلى تجميد أصولهم.
وقد ورد اسم الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح وحلفاؤه على رأس القائمة التى أعدها فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن الأفراد أو الكيانات المتورطة فى أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار فى اليمن أو التى تقدم الدعم لتلك الأعمال. والقيام بمناورات سياسية تشتمل على أفعال مزعزعة للاستقرار، ووضع عوائق تعترض عملية الانتقال السياسى، وتحول دون تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطنى.
وقال التقرير إن الرئيس السابق يدعى باستمرار أن الحياة كانت أفضل تحت رئاسته، وأنه يستغل جميع الفرص المتاحة لإظهار الرئيس هادى بمظهر الضعيف وفاقد السيطرة. ووفقا لمصادر سرية فإنه يدفع بتنظيم مظاهرات ضد الحكومة وشن هجمات على الهياكل الأساسية للبترول والغاز والكهرباء فى البلاد!!
واتهم التقرير صالح وأتباعه داخل حزب المؤتمر الشعبى العام بتعطيل ما يتعارض مع مصالحه من العمليات التشريعية والمبادرات السياسية الحكومية التى يتقدم بها الرئيس هادى. ويتضمن ذلك عرقلة مساعى تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطنى المتعلقة بالنظام الاتحادى المؤلف من ست وحدات، والعدالة الانتقالية، ومكافحة الفساد، وتسوية مطالبات الجنوب بممتلكاته، وسن القوانين المتعلقة برد الأصول المسروقة.
ووفقا لمصادر سرية، لا يزال صالح مسيطرا على معسكر كبير للجيش يسمى معسكر"ريمة حميد" فى بلدة سنحان، مسقط رأس صالح، حيث نقل إليه أسلحة ثقيلة، متحديا نتائج مؤتمر الحوار الوطنى التى تنص على خضوع جميع الأسلحة الثقيلة لسيطرة الحكومة ووزارة الدفاع!!
علاقته بالقاعدة والحوثيين!!
وحصل فريق الخبراء على عدة إفادات تشير إلى العلاقة الوثيقة التى تربط صالح وأسرته بتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية. كما أفاد مصدر سرى بأن محمد ناصر أحمد، وزير الدفاع السابق، التقى سامى ديان، أحد قادة تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية داخل مكتب الرئيس صالح أثناء توليه رئاسة البلاد. وكلف صالح وزير الدفاع بسحب قواته من المعارك ضد التنظيم!! وأكد مصدر سرى آخر بأن الضابط العسكرى الذى كان مسئولا عن وحدة مكافحة الإرهاب فى محافظة أبين، فى مايو ????، هو يحيى صالح إبن أخ الرئيس صالح وأن يحيى هو الذى أصدر الأمر لجميع قواته بالانسحاب إلى صنعاء، مما سمح للتنظيم بالهجوم على المحافظة واحتلالها حتى شهر يونيو ????!!
ووفقا لإفادات شهود تم تسجيلها بالتقرير، طلب صالح من مؤيديه داخل الحكومة ودوائر الأمن والقبائل عدم التدخل لمنع قوات الحوثيين من تحقيق أهدافها. ومع تقدم الحوثيين، قدم لهم الدعم المباشر بتزويدهم بالتمويل، وبتحييد الحرس الجمهورى، وبتقديم الخبرة إلى الحوثيين. وتجلى ذلك فى الهجوم على عمران، وعلى العاصمة صنعاء فى سبتمبر ????. وغياب الدولة الواضح أثناء النزاعات المسلحة. ويذكر أحد التقارير أن القائد العسكرى المسئول انسحب من منطقة همدان بحجة أن النزاع فيها مجرد قتال بين الحوثيين وأعدائهم وأنه ليس على صلة بالسكان المحليين!!
وذكر التقرير أن الجيش اليمنى لم يكن موجودا أثناء استيلاء الحوثيين على عمران، مما يؤيد المعلومات التى تشير إلى أن قطاعات كبيرة من الجيش تدين بالولاء لعناصر النظام القديم وخاصة على عبدالله صالح ونجله أحمد.
وتم التأكيد على تسليم صالح أثناء حكمه لكميات هائلة من الأسلحة والذخيرة إلى الحرس الجمهورى الذى كان يقوده ابنه أحمد. وتبين الوثائق الرسمية أن عددا من الأسلحة التى تسلمها الحرس الجمهورى اختفت عندما أعفى أحمد على صالح من منصبه، ويعتقد أن الحوثيين استخدموا تلك الأسلحة عند استيلائهم على صنعاء!!!
الثروة الخفية
وأشار التقرير إلى أن صالح الذى ظل رئيسا لجمهورية اليمن لمدة ?? سنة جمع ما بين ??مليارا و?? مليار دولار، يُعتقد أن معظمها قد نقل إلى الخارج تحت أسماء مستعارة أو أسماء أشخاص آخرين مالكين لهذه الأصول نيابة عنه فيما لا يقل عن ?? بلدا.
وحصل الفريق على وثائق توضح كيف تولى الرئيس السابق صالح توزيع أراض تملكها الدولة على أفراد أسرته وحلفائه السياسيين بعد توحيد اليمن فى عام ????. ومشاريع الإسكان التجارية الكبرى ومشروعى المنطقة الحرة وميناء عدن التى يشارك فيها بعض أصحاب النفوذ الاقتصادى الرئيسيين فى اليمن مثل حميد الأحمر، والرئيس السابق صالح واللواء على محسن الأحمر.
وأعرب الخبراء عن اعتقادهم بأن ثروة صالح قد نشأت، فى جزء منها، عن ممارساته الفاسدة وهو رئيس لليمن، لا سيما فيما يتعلق بالموافقة على عقود الغاز والبترول. كما توجد شكوك أيضا حول قيام صالح وأصدقائه وأسرته وشركائه بسرقة أموال من برنامج دعم الوقود وأنهم شاركوا كذلك فى مشاريع مشتركة أساءوا فيها استخدام السلطة وابتزوا أموالا واختلسوها!!
وتلقّى الفريق معلومات تفيد بوجود علاقة لصالح بخمسة رجال أعمال يمنيين بارزين على الأقل، يعتقد أنهم يساعدونه فى إخفاء ممتلكاته. وحاليا يقوم الفريق بإجراء تحقيقات داخل عدد من الشركات المساهمة العامة والخاصة باليمن وخارجه، والتى يعتقد أن الرئيس السابق يمكن أن يكون المالك المنتفع من استثمارات موظفة فيها.
وصالح يرد بالهيكلة!
وسرعان ما بدأ صالح فى الرد بنفى ما أثير عن ثروته وطالب الأمم المتحدة بالبحث عن الـ ?? مليار دولار وإيداعها فى البنك المركزى اليمنى! وحذر أتباع حكومة الرئيس هادى فى عدن من إغلاق طرق الهروب إلى خارج البلاد. ووعد صالح بأنه "سيطل فى الوقت المناسب" ليكشف الحقائق ويخرج الملفات كاملة. وأضاف :"أنتم تقولون أن على عبدالله صالح ثروته ?? مليارا، .. ألا تستحوا من إبلاغ الأمم المتحدة ومجلس الأمن بأن على عبدالله صالح عنده ثروة؟" مؤكدا أن ثروته هى المدرسة والجامعة والطريق والجيش المدرب. وتوعد بالقول : "إن شاء الله مثلما هيكلتم الجيش ستتهيكلون أنتم بأنفسكم، فأنتم الآن فى طريقكم إلى الهيكلة، وبدأتم الهيكلة، فالشعب اليمنى الذى لا يقهر، وهذا هو الشعب العظيم هو مقبرة للغزاة."
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح ـ ?? سنة ـ حكم اليمن منذ عام ???? وحتى ???? عندما أطاحت به ثورة شعبية فى إطار موجة الثورات وعدم الإستقرار التى إجتاحت العالم العربى. وبموجب "المبادرة الخليجية" تم تسليم سلطات الرئيس عبد الله صالح للمشير عبد ربه منصور هادى ومنح صالح حصانة من الملاحقة القانونية. وأقر البرلمان اليمنى قرار الحصانة.
وبعدها استمر صالح فى ممارسة عمله السياسى كرئيس لحزب المؤتمر الشعبى العام واستمرت الجهات المؤيدة له فى تسميته بـ"الزعيم" و"فخامة الرئيس"! كما تم تعيين ابنه أحمد سفيراً لدى دولة الإمارات، وعدد من أقاربه ملحقيين عسكريين لدى دول مختلفة وذلك وفق قرارات جمهورية تم إصدارها فى عام ????.
وهكذا وفى تلك الساعات الحاسمة من تاريخ اليمن ظهر على عبد الله صالح من جديد ليؤكد رغبته فى الإستمرار بل وربما العودة فى الوقت المناسب حاملا ملفاته الخفية وممتطيا فوهات المدافع.