ما حدث في فبراير 2011، يُعتبر محطة من محطات الصراع على السلطة في اليمن ليس أكثر أو أقل، وما أكثرها، ولسنا مع من يراها مناسبة مقدسة، لا تصالح مع خصومها، كما أننا لن نكون مع من يتعامل مع حدثها وأحداثها على أنها خطيئة لا تُغتفر، ولا تصالح مع أنصارها.
وبعيدًا عن تلك المحطة ومعمعتها، نجد أن وضع اليمن وشعبه اليوم يؤكد أنه لم يعد هناك متسعًا من الوقت، أو فائدة من الحديث حول صوابية أو خطأ ما حدث في تلك المحطة. يجب أن نعترف أن طريقة الحكم قبل فبراير 2011 وما حدث بعده من قِبل السلطة والمعارضة والمتربصين بالدولة، واللاهثين على مناصبها، دفع البلد إلى مربع جديد؛ مربع اكتشف الجميع لاحقًا أن موقعه كان خارج أسوار الدولة وبعيدًا عن مصالح الشعب اليمني وإرادته، مما أدى إلى خروج الجمهورية اليمنية من منظومة ومسارات ال 26 من سبتمبر وال 14 من أكتوبر وال 22 من مايو، إلى كهف الإمامة المظلم.
الجميع يعلم وإن لم يصرح البعض، أن أحداث وحِراك فبراير 2011 أنتج لليمن في 2012 قيادات ضعيفة ومتنافسة ومتصارعة؛ دفعت بالبلد بممارساتها الأنانية وبصراعاتها على السلطة والمال إلى هاوية سحيقة، كنا جميعًا ضحايا لتلك الحقبة، واليوم جميعنا بلا استثناء ندفع الثمن.
كان نتاج ونتيجة مجمل تلك الأحداث والمواقف والاصطفافات، نكبة سلالية سوداء ولطخة إيرانية مسمومة؛ سُميت بثورة 21 سبتمبر 2014، ومنذ ذلك الحين، وجد الجميع أنفسهم - سلطة ومعارضة، مؤتمر وإصلاح، شمال وجنوب - في خندق واحد، وفي جبهة وطنية واحدة، وتحت رحمة مشروع سلالي فارسي واحد، وأعناق الجميع مطلوبة لشفرات الكيان السلالي الفارسي؛ التي لا ترحم.
ولإنقاذ اليمن، يحتم الواجب علينا جميعًا أن نغادر محطاتنا الصغيرة إلى محطة واحدة تتسع للجميع، ومنها ننطلق جميعًا لتحويل أفكار وأحلام وأهداف فبراير 2011 إلى خارطة طريق وخطة عمل جديدة، للخروج من كهف الإمامة، ومن سراديب الولاية الفارسية، لا أن نظل نعيد ونزيد ونكرر الأخطاء ونستجر الآلام، ونتعبد الأحداث والتواريخ والشخوص.
كما يجب علينا أن نسعى لتحويل تضحيات رئيس الدولة السابق مع رفاقه الأبطال في ال 2 من ديسمبر 2017، إلى وقود وطني، يضيء دروب أبطالنا في جميع الجبهات، لمواصلة النضال، لتحرير كل شبر من اليمن.
كما يجب على عقلاء الشمال والجنوب، العمل سويًا لتحويل مطالب الحراك الجنوبي وآمال شعب الجنوب العزيز إلى واقع جديد، يُنتج بناء جميل، مكتمل الأركان، يتسع لكل أبناء اليمن، ويحفظ كرامتهم ويصون حقوقهم.
أما من يصر على إحياء وإنارة وتزيين خندقه السياسي الخاص في محيطنا المظلم والموحش، بدوافع حزبية أو مناطقية أو شخصية، فهو - للأسف -يغرد بعيدًا عن أحلام وآمال ومطالب الشعب اليمني الكبير، ويتراقص خارج سياقات الشعب الوطنية، وبعيدًا عن همنا الوطني الجامع.
تحية لكل يمني، وضع هدف دحر الميليشيا عن صنعاء على رأس أولويات يومه وشهره وعامه، وغادر كل المربعات الحزبية والمناطقية والمذهبية، واختار مربع الدولة اليمنية الجامع.