الرئيسية > اخبار وتقارير > اليمن.. سيناريو سوريا جديد على ساحة الشرق الأوسط

اليمن.. سيناريو سوريا جديد على ساحة الشرق الأوسط

اليمن.. سيناريو سوريا جديد على ساحة الشرق الأوسط

توالت البيانات والتقارير الرسمية وغير الرسمية إبان الفترة الماضية عن مستقبل اليمن، ومعظمها تؤكد على أن الشرق الأوسط سيشهد سوريا جديدة بالمنطقة؛ ولعل العنصر الأساسي في تحديد مستقبل اليمن هو كونها أفقر دولة بالمنطقة العربية.

رجحت التقارير الأخيرة وجود فرص كبيرة لاندلاع حرب واسعة داخل اليمن، خاصة مع التسابق الذي تلعبه السعودية وإيران نحو تسليح جماعات؛ في ضوء رؤاها الخاصة حول المكاسب الإقليمية من وراء ذلك، خاصة بعد "الفوبيا" التي تسببت فيها تصاعد وتيرة الأحداث في سوريا والعراق، الأمر الذي أفضى إلى مستقبل "اللامستقبل".

وتزايدت احتمالات حدوث صراع قوي بعد أن بسط الحوثيون سيطرتهم على العاصمة اليمنية، صنعاء، سبتمبر الماضي، وبعد تلقيهم مساعدة من القبائل الشمالية الأخرى ومعها إيران.

وفور هروب الرئيس اليمني عبد ربه منصور من الحصار المفروض عليه بالعاصمة اليمنية، أعلن سحبه لقرار الاستقالة الذي كان قد تقدم به، مؤكدا أنه صدر تحت إكراه، الأمر الذي دفعه إلى رسم مخطط لتشكيل حكومة جديدة من عدن.

التفتت السعودية لصعود الحوثيين الذين سبق وأن فشلوا في إلحاق الهزيمة بهم عام 2009، خاصة وأن السعودية تعتبر إيران عامل تحفيز ومساعد قوي للحوثيين.

وفي يوم 26 فبراير، قال مساعد هادي لوكالة "رويترز" إن السفير السعودي في اليمن وصل إلى عدن لاستئناف مهام عمله، وهو ما يعد إشارة إلى دعم المملكة للرئيس المحاصر، وفي اليوم التالي، أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنها ستقوم بإرسال سفيرها إلى عدن أيضًا.

وانتشرت شائعات تفيد بأن جيران اليمن يستعدون لضمان قيام حكومة هادي الجديدة. ورغم أن دول الخليج لا تثق كثيرًا بهادي، الذي استسلم أمام الحوثيين سريعا قبل احتدام القتال؛ إلا أنه، وفي حال كان هادي على استعداد للهجوم، فإن الجيران الخليجيين سيمدونه بالأموال والأسلحة، وبالتالي، سيكون هادي وائتلافه الناشئ من رجال القبائل والانفصاليين والمتشددين الإسلاميين، وسيلة دول الخليج في مواجهة الحوثيين.

إن الحوثيون يدكون بشكل جيد "القادم" لهم، وأعلنوا بشكل مباشر وغير مباشر الاستعدادات التامة لمواجهته، ففي خطاب بتاريخ 26 فبراير، شن زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، هجومًا عنيفًا على هادي والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، متهمًا إياهم بالتواطؤ لتحويل اليمن إلى نظام دمية.

والأمر الذي قد يستوقف القارئ للشأن الدولي، أن الحوثيين، وبعد أن اُتهموا لوقت طويل بأنهم مدعومون من قبل إيران، باتوا يتهمون منافسيهم اليوم بأنهم دمى بيد الأجانب. ففي يوم 2 مارس، أعلنت الحكومة الإيرانية عن عقد اتفاق مع الحوثيين لبدء تسيير رحلتين يوميًا إلى صنعاء، وهو ما سيوفر شريانًا حيويًا للمجموعة، وسيثير المزيد من غضب السعوديين.

الأمر الذي مفاده – وبشكل غير مباشر – تعزيز العلاقات بين الحوثيين وإيران عن غير قصد، بسبب سياسات السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.

فما انتهجته الرياض وواشنطن نحو دعم الحملة العنيفة التي قادها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ضد الحوثيين، ساعد الحوثيين في تحولهم من حركة صحوة دينية إلى ميليشيا قوية.

كما استمرت الولايات المتحدة بتقديم الأسلحة والتدريب لصالح من أجل محاربة تنظيم القاعدة، رغم وجود أدلة على أنه كان يلقي بهذه الموارد في حربه مع الحوثيين.

كما أن المملكة العربية السعودية تملك تاريخ طويل من تقديم الدعم المتقطع للفصائل المختلفة في اليمن، بل وساعدت في تنفيذ سياسات واشنطن فيما يتعلق بمصالحها الأمنية من تأمين وجود صالح في السلطة طيلة العقد الماضي، قبل أن تؤدي ميوله الاستبدادية إلى قيام الانتفاضة الشعبية ضده في عام 2011.

يبدو من التقارير والإشارات القوية أنه لم يتم بعد تعلم الدروس السابقة الخاصة بكل من العراق وليبيا وسوريا، إن دول الخليج وإيران سعيدة جدًا للتعامل مع اليمن كساحة قتال بالوكالة، بغض النظر عن نتيجة هذا، وما يزيد الأمر وهلة مساندة الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى لدول الخليج حال الحرب.

وإذا ما اندلعت الحرب على أسس طائفية، فلن يكون السبب في ذلك هو الانقسامات التاريخية المتوارية في اليمن؛ بل سيكون السبب هو أن الممولين الأجانب للحرب لا يعتبرون تأجيج الانقسامات في اليمن أمرًا مهمًا.

كما يعد على الرؤية الغربية سهولة وجود دولة مثل اليمن مقسمة على طول خطوط أيديولوجية، سواءً كان ذلك بسبب العداء بين السنة والشيعة، أو بين الانفصاليين والوحدويين، أو بين الديمقراطيين والمستبدين.

ومن المغري أيضًا الوقوع في فخ التضليل ورؤية الفصائل المختلفة في البلاد كوكلاء يعملون لصالح القوى الإقليمية العظمى، كالرياض أو طهران، ولكن مثل هذه الرؤية هي تبسيط مضلل لواقع الأمر في اليمن.

ولعل أساس تلك السياسات الأمريكية والغربية هو القضايا المحلية والتنافس على الموارد، وليس المنافسات الإقليمية أو الأيديولوجية. وأما التأثير الخارجي فإنه يقتصر تاريخيًا على محاولات استغلال هذه التوترات، وهو ما يؤدي إلى تفاقمها.

أما اليمنيون، وهم "براغماتيون" بدلًا من أن يكونوا "أيدولوجيين"، فهم عادةً ما يستغلون أجندات الغرباء لخدمة مصالحهم الخاصة، وقبل سيطرة الحوثيين على صنعاء، لم يفعل هادي شيئًا يذكر لوقف تقدمهم، ولكن هذا لم يمنعه من استغلال المخاوف السعودية لتأمين عدة مليارات من دولارات التمويل، وربما يكون سبب اعتماد الحوثيين على إيران فقط هو أن لا أحد آخر كان على استعداد لمساعدتهم، وأما صالح، فقد أجاد التلاعب بمخاوف الولايات المتحدة والسعودية بشأن تنظيم القاعدة والحوثيين لتعزيز موقفه، ولكن مرة تلو أخرى، توقف اليمنيون عن هذه التكتيكات قبل أن يصل بهم الأمر إلى حد حرب شاملة مدمرة.

وحاليًا.. يقع اليمن "لحسن حظه" في مرتبة متدنية على قائمة أولويات القوى الإقليمية، ولعل الدعم الخارجي كافيًا فقط للحفاظ على الصراعات الداخلية الصغيرة، وليس لخلق حرب دائمة، ومع ازدياد التنافس بين أكبر قوتين في المنطقة، ستنمو كمية الموارد الموضوعة في اليمن، وكذلك المخاطر.

ومع سيناريو الحرب المفتوحة داخل اليمن، فإن كل المقدمات، المؤشرات، الخبرات، والتقارير ستختفي، كما اختفت في ليبيا وسوريا والعراق.

 

/بوابة اخبار اليوم المصرية/

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)