مقابرُ وبيوتٌ حجرية مهجورة معلقة في أعلى الجبال، هو كل ما تبقى من المجتمع القديم ليهود اليمن، الذين يقطنون اليوم بجانب مدينة ريدة الشمالية في محافظة عمران، أي في مركز سيطرة الحوثيين، الذين يتخذون الطائفية وكره اليهود جزءاً من خطابهم السياسي.
وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، جاء أن يهود اليمن متخوفون من سيطرة الحوثيين على اليمن، وتحديداً على مناطق سكناهم.
وفي مقابلة للصحيفة مع أواخر اليهود القاطنين هناك، أعرب "يعقوب موسى" عن أن الخوف الذي يتملكه هو وأبناء المجتمع اليهودي باليمن هو خوف وتهديد لم يشعروا به من قبل، وأنه لم يبق لهم أصدقاء هناك بعد سيطرة الحوثيين.
ووضحت الصحيفة بأن جماعة الحوثي تسيطر بشكل كامل على منطقتين يسكن فيهما أواخر اليهود، وهما: مدينة ريدة التي فيها 55 يهودياً، والعاصمة صنعاء التي تبقى بها عدد قليل من اليهود الذين يقبعون تحت الإقامة الجبرية التي فرضها عليهم الحوثيون.
وتزداد تخوفات الأقلية اليهودية في اليمن عقب إغلاق الولايات المتحدة وبريطانيا لسفاراتها في اليمن، كما فعلت غالبية دول الغرب، وهو ما يعني خلو اليمن من أي جهة رسمية تقدم الحماية والمساعدة لهم كما في السابق. وقد بدأت المخاوف من بعد إسقاط نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي كان يشكل حصانة ليهود اليمن بفترة حكمه. وهنا يقول يعقوب إنهم يحاولون "الابتعاد قدر الإمكان عن الجميع"؛ لضمان عدم الأذى.
ولا يتوقف الخوف على الإيذاء اللفظي وسوء المعاملة، إنما يتعدى الأمر ذلك لخطر الموت قتلاً على يد الحوثيين. وهنا يذكر يعقوب ما حصل منذ سنوات مع أحد أبناء الجالية، الذي قتل بخمس رصاصات من بندقية بعد أن نادى عليه قاتله: "يا يهودي"، وكان القاتل -بحسب وسائل إعلام يمنية- جندياً في سلاح الجو اليمني، وقد هربت عائلة المقتول من اليمن بسرعة بعد ذلك الحادث.
وتضيف الصحيفة بأن اليمن شهدت هجرة مكثفة لليهود في السنوات الأخيرة، حتى تبقى منهم 55 فقط، غالبيتهم من الأطفال، وهم إبراهيم يعقوب المذكور في التقرير، و8 عائلات أخرى فقط. ولأنهم يتميزون بمظهرهم اليهودي التقليدي، يسهل معرفتهم عن بعد، حتى الأطفال منهم، لذلك يقومون في الكثير من الأحيان بإخفاء هويتهم عن طريق لبس الكوفية خارج المنزل.
وتدّعي الصحيفة أن يهود اليمن واجهوا ملاحقات بشكل مستمر داخل الدولة، مما اضطرهم إلى النزوح أو الهجرة. فقد سكنوا سابقاً في محافظة صعدة شمالي اليمن، التي سيطر عليها الحوثيون الزيديون ورفعوا هناك شعار "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود". لذلك، بعد بداية مقاتلة الحوثيين لنظام الرئيس علي عبد الله صالح عام 2004 و2007، قام صالح بترحيل اليهود من هناك ونقلهم إلى منطقة مغلقة بجانب السفارة الأمريكية في صنعاء.
وأضافت الصحيفة بأن جماعة الحوثي تفرض قيوداً على القيادة الدينية لليهود في صنعاء، وتجبرهم على أخذ إذن مكتوب قبل الموافقة على إجراء مقابلة صحفية مع أي وسيلة إعلام، وفي كل الأحوال جميع طلباتهم قوبلت بالرفض، وقد وضع رجال أمن مسلحون عند بوابة المبنى الذي يقطنه اليهود يمنع الجميع من الدخول.
وفي ريدة، قال إبراهيم يوسف، أحد اليهود الباقين هناك، إن جيرانه من المسلمين "ليسوا جميعاً سيئين، لكن من الصعب تجاهل شعارات الحوثيين العدائية التي تتكرر خلال جميع احتجاجاتهم وبرامجهم التلفزيونية وخطاباتهم، وتكتب على جميع الحوائط البيضاء في المدينة".
وعند سؤاله عن الهجرة، أجاب أن هناك خوفاً حقيقياً من سيطرة الحوثيين على السلطة، لكن الهجرة لن تكون لإسرائيل، بل قد تكون للولايات المتحدة؛ "لأنها أكثر هدوءاً". وأضاف أنه في القريب العاجل لن يبقى أي يهودي في أرض اليمن.
/الخليج اونلاين/