الرئيسية > اخبار وتقارير > حبل الكذِب «طويل» لدى الحوثيين.. (تقرير) يتتبع خطوة بخطوة الذرائع التي أخرجتهم من الكهف وأوصلتهم الرئاسة

حبل الكذِب «طويل» لدى الحوثيين.. (تقرير) يتتبع خطوة بخطوة الذرائع التي أخرجتهم من الكهف وأوصلتهم الرئاسة

حبل الكذِب «طويل» لدى الحوثيين.. (تقرير) يتتبع خطوة بخطوة الذرائع التي أخرجتهم من الكهف وأوصلتهم الرئاسة

لا يزال الصعود المفاجئ لجماعة الحوثيين، وقفزتها الهائلة من مؤخرة ركب الحياة السياسية والاجتماعية إلى المقدمة، مثار اهتمام الكثير من المراقبين والنقاد والمهتمين بالشأن اليمني، وكذا تاريخ الصراعات الأهلية في دول العالم الثالث، وبالذات الدول التي تهيمن على حركاتها النزعة الدينية، أو بالأصح المذهبية.

 

لكن الأكثر إثارة فيما يتعلق بالحوثيين، يتمثل بما ترفعه من شعارات، وبالتقاليد السياسية والجماهيرية التي تتبناها منذ ما بعد توقيع المبادرة الخليجية، وهي الشعارات والتقاليد التي زادت بروزاً منذ بداية العام 2014.

 

فالمعروف أن القاعدة الشعبية لجماعة الحوثيين تميل ناحية المذهب الزيدي، لكن المرجعية الفكرية والأيديولوجية التي تحكم توجهات وتحركات قيادة الجماعة فمستمدة من النهج الخميني، فيما يتعلق بالجانب السياسي والاجتماعي، بعيداً عن الجذور الجارودية بحسب لمؤرخين والمفكرين.

 

وما يهمنا في هذا السياق هو احتراف فن اختلاق وتوظيف المظالم، وحسن إدارتها بحس متطرف فائق الدقة والتأثير.

 

فمنذ أن بدأ الحوثيون مسيرتهم النهمة في السيطرة على الدولة، وحصد المكاسب الجغرافية والسياسية والاجتماعية، وكذا المذهبية، أتقنوا فن توظيف المظالم التي وقعت بهم خلال الحروب الست التي شنها نظام الرئيس السابق، الذي صار حليفاً لدودا لهم اليوم، وهي الحروب التي بدأت في 2004، وانتهت في أواخر 2010، ولقد أتقنوا توظيف مظلوميتهم تلك بشكل كبير ومتقن من خلال الخطابات الرنانة، المفعمة بالعواطف الحزينة، والجياشة، كتلك التي تعتري جماهير الشيعة، وجمهرة علمائهم ومراجعهم الدينية في العراق وإيران وغيرها.

 

لقد خاض الحوثيون حروباَ ضروسة، بعد توقف حروب الدولة عليهم، بل وتحالفوا مع من أمر بتلك الحروب، ووجه بها، وصار اليوم من أقرب الناس لهم، ومنذ بداية العام 2014، ارتكب الحوثيون جرائم وانتهاكات ربما تفوق ما حدث خلال تلك الحروب الست، لكنهم في كل مرحلة، وفي كل حرب، وفي كل خطوة، سواء كانت ميدانية أو سياسية أو غير ذلك، كانوا يذكّرون بمظلوميتهم ، بل ويبررون حروبهم وغزواتهم بمظلومية الحروب الست.

 

والأدهى أنهم أدمنوا التبرير المتناقض لكل انتهاكاتهم، حتى وهم يخوضون حرباً مكشوفة ضد رفاق ثورتهم، ومن ناضلوا من أجل الانتصار لهم، وكذا رفضوا سابقاً المشاركة في تلك الحروب الست التي اعتبرها الجميع ظالمة ما عدى نظام صالح، حتى فهاهم  ينكلون بهم، وينتقمون منهم، بناء على رغبة النظام السابق، وفي كل ذلك لا يزالون يرفعون تلك المظالم لتبرير حربهم الانتقامية.

 

القتل والتهجير دفاعا عن النفس

لعل العام 2014، كان عام الانكشاف الكامل لجماعة الحوثيين، كونها انتقلت من الزاوية المنسية في حياة اليمنيين، أو من زاوية الضحية، إلى زاوية الجلاد، والقاتل، ورغم أن الحوثيون خاضوا حروباَ شرسة، بدعم مباشر وغير مباشر من النظام السابق، وبتأييد ومباركة دولية إلا أنهم أيضا لم يتخلوا عن مبرراتهم.

 

بدأت حرب دماج في أكتوبر من العام 2013، ودماج هذه قرية صغيرة، تقع في محافظة صعدة، ويحيط بها الحوثيون من كل جانب، وكانت تحوي مركزاً سلفيا للتعليم الديني، ورغم أنها هناك وعلى هذا الحال منذ عقود، إلا أن الحوثيون قرروا تصفيتها فقط بعد تمكنهم من السيطرة على صعدة فور اندلاع ثورة الشعب في 2011م.

 

ورغم أن حرب دماج أخذت منحاً إنسانياً بحتا على الصعيد الإعلامي والإنساني، حيث شاهد العالم طيلة الحصار الخانق الذي فرضه الحوثيون وكذا الحرب الظالمة شاهد جرائم وانتهاكات يندى لها الجبين، استمرت قرابة 4 أشهر، وانتهت بتهجير كامل سكان المنطقة، في مشهد لن ينساه التاريخ اليمني، ورغم كل ذلك إلا أن الحوثيين قالوا وأصروا على قضية أن الحرب التي يخوضونها ضد دماج هي للدفاع عن النفس.

 

وكمثال على تلك التبريرات الكاذبة، التي ساقها قادة جماعة الحوثيين لتبرير حربهم الظالمة ضد دماج، ما قاله رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثيين في تصريح لصحيفة "السياسية" الكويتية" في النصف الثاني من شهر نوفمبر الماضي، حيث قال بأن الحرب التي يخوضها مقاتلوا جماعته في دماج، هي لإخراج الأجانب الموجودين في دماج.

 

وأضاف هبرة بأن ما يحدث في دماج "سببه وجود المقاتلين الأجانب من 120 جنسية يحملون مختلف أنواع الأسلحة ويقاتلون اليمنيين وبعضهم مطلوب لدولهم أو لليمن، وهو ما نفاه رئيس لجنة الوساطة الرئاسية التي كلها الرئيس عبد ربه منصور هادي لوقف الحرب هناك.

 

حيث أعلن رئيسة اللجنة يحيى أبو إصبع، في تصريحات يوم 16 يناير من العام 2014، أن مقاتلي جماعة الحوثي انقلبوا على اتفاق الهدنة، وأنهم "منعوا انتشار قوات الجيش حسب الاتفاق المبرم معهم في مناطق عدة بدماج".

 

وأضاف حينها أبو أصبح القيادي في الحزب الاشتراكي، أن "كل الاتفاقيات التي يتم التوقيع عليها بدأت تتآكل بسبب رغبات وأمزجة جماعة الحوثي التي تقود الوضع إلى ما تريد تحقيقه فقط"، منوهاً إلى أن الحوثيين " رفضوا تسليم مواقعهم العسكرية، وأحبطوا تحركات الجيش في المنطقة، وشرعوا في عملية الاقتحام والنهب، وهو الأمر الذي يخالف نصوص الاتفاق".

 

وهو ما دفع قيادات الحوثي إلى مهاجمة يحيى أبو أصبع واتهامه بدعم الإرهاب وغيرها من التهم التي تعودوا على إطلاقها.

 

القتل والتدمير رفضا للإصلاحات السعرية

ومن تناقضات الحوثيين وأكاذيبهم أيضا، تلك التي سوقوها قبيل اقتحام العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر، حيث استغل الحوثيون خلال تلك المرحلة حالة الرفض الشعبي لقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي اتخذته الحكومة آنذاك مجبرة لتغطية العجز الهائل في الموازنة، حيث قامت الآلة الإعلامية التابعة للحوثيين، وكذا وسائل إعلام النظام السابق، بتهييج الناس، وتحشيدهم لرفض ذلك القرار، لكن هذه المرة، ليس بالطرق المعروفة، والتي تصل ذروتها بالخروج إلى الشوارع وتنفيذ العصيان المدني، بل تجاوز الأمر إلى استخدام السلاح، واقتحام المدن، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، ونهب الأسلحة والمؤسسات الحكومية، كل ذلك من أجل إجبار الحكومة على رفض الجرعة.

 

وبالرغم من أن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي وضع أمام الحكومة والرئيس آنذاك مطالب ثلاثة، لوقف التصعيد ورفع المخيمات المسلحة من العاصمة ومحيطها، تمثلت في تغيير الحكومة، وإلغاء الجرعة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، إلا أنه بعد تنفيذ كل تلك المطالب، استمرت مليشياته في خوض حربها التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى، وأضعافهم من الجرحى، من أبناء الجيش، وكذا من المواطنين الأبرياء، في العاصمة صنعاء، وكذا في مديريات همدان وبني مطر وأرحب وغيرها.

 

ويحق للمواطن العاقل أن يتساءل، هل يكون يجوز أن تسقط دولة، ثمناً لإسقاط قرار يتعلق بضرورة إقتصادية ؟.

 

علماً بأن قيادات حوثية ، أبدت تفهمها لاحقاً بعد سقوط الدولة، لذلك القرار السابق للحكومة والذي قضى برفع الدعم عن المشتقات النفطية، مشيرةً إلى أن ذلك الخيار قد يكون حلاً للخروج من الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد !.

 

ورغم أن زعيم الحوثيين آنذاك، أكد في أكثر من خطاب رنان، بأن جماعته لا تبحث عن مناصب، ولا مكاسب، ولا سلطة، إلا أن الواقع بعد سقوط صنعاء، غير ذلك تماما..

 

فبمجرد أن تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء، والسطو على جانب كبير من صناعة القرار، باشروا بفرض أنفسهم، وعناصرهم في معظم المناصب السيادية، الهامة في البلد، حتى وصل الأمر إلى مطالبتهم مؤخراً بتعيين نائباً للرئيس ووزراء ووكلاء وغيرها من المناسب السيادية.

 

الداعشية

بالأمس ظهر على قناة الجزيرة نائب السفير الأمريكي السابق في اليمن الدكتور نبيل خوري، في برنامج حديث الثورة، وفي حديثه أخذ على الحوثيين اتهامهم لخصومهم بالإرهاب، منوهاً إلى أنه من غير المنطقي أن يتهم الحوثيون حزب الإصلاح الإسلامي، بالإرهاب، رغم أنه كان شريكهم في الحوار، وفي كل مراحل التغيير التي جرت في اليمن، منذ سقوط نظام الرئيس السابق.

 

وكم هي المرات التي ضمن فيها زعيم الحوثيين، وغيره من القيادات الحوثية، خطاباتهم وتصريحاتهم اتهامات لخصوهم وخصوم النظام السابق، بـ"الداعشية" ومساندة القاعدة وغيرها من التهم الجاهزة التي تلقى رواجا لدى القوى الدولية التي تحارب الإرهاب.

 

بل أصبح كلما أراد الحوثيون تحقيق مكسب ميداني أو سياسي، اتهموا كل من يعترض طريقهم بدعم القاعدة، حتى وصل بهم الأمر مؤخراً إلى اتهام الرئيس هادي والحكومة التي هم ممثلين فيها، بدعم عناصر تنظيم القاعدة !

 

وحالياً يسعى الحوثيون لفرض سيطرتهم على محافظة مأرب النفطية، ولتحقيق هذا الأمر، بدأوا يغازلون أمريكا، العدو الأكبر للقاعدة، طمعا في جعلها تمارس ضغطا على السلطات اليمنية لتبني الحرب على مأرب وقبائلها، تحت لافتة محاربة الإرهاب، إلا أن الملاحظ حتى الآن أن تلك المساعي لم تكلل بالنجاح.

 

كيف يفهم الحوثيون الشراكة ؟

يمكن القول أن مفردة الشراكة تعتبر من أكثر المفردات تواجداً في خطابات زعيم جماعة الحوثيين، عبد الملك الحوثي، وكذا في مختلف أدبيات الجماعة، وتصريحات قادتها وخصوصاً بعد اقتحام الجماعة صنعاء، وسيطرتها على جزء كبير من مقاليد السلطة.

 

حتى أن زعيم الحوثيين في خطابه الأخير، كرر مصطلح "الشراكة" أكثر من 40 مرة، مضيفاً في إحدى فقرات خطابه الطويل قوله : " لا مناص أبدا من فرض الشراكة"، ومؤكداً أن جماعته حريصة على تحقيق الشراكة مع الجميع، بلا استثناء.

 

لكن على الأرض ثمة واقع مختلف، غير ذلك الواقع الحبري الذي يسكن أوراق خطابات السيد، ففي الوقت الذي يتحدث زعيم الحوثيين عن الشراكة، كانت لجانه الثورية في الواقع وفي مختلف المناطق والمؤسسات تمارس الإقصاء بشكل غير مسبوق.

 

كما أن الواضح أن الشراكة عند الحوثيين تعني إشراكهم في كل مؤسسة حكومية، وفي كل المناصب، بحسب لائحة المطالب التي حاولوا فرضها على الرئيس هادي قبل أن يقدم استقالتها.

 

ويضاف إلى ذلك، أن خطابات السيد عبد الملك الحوثي نفسها، تحتوي على تناقض عجيب، ففي الوقت الذي كان يدعو إلى الشراكة، ومد اليد للفرقاء، نجده في جزء آخر من الخطاب يشدد على ضرورة القضاء على هؤلاء الفرقاء، بتهم متعددة من بينها الإرهاب، والفساد وغير ذلك.

 

وليس ثمة تعبير مناسب لوصف تناقض الحوثيين، غير ذلك الذي أطلقه الكاتب والصحفي محمد جميح، الذي قال في أحد لقاءاته التلفزيونية أن الحوثيين "يكذبون كما يتنفسون".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)