يمكن القول أن حروب جماعة الحوثي وصولاتها وصلت ذروتها يوم دخول مقاتليها العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، حينما سلمت الدولة نفسها للجان المسلحة الحوثية، وأعلن الجيش والأمن صداقتهما مع مسلحي الجماعة، رغم أنهم قاموا بنهب كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والنوعية خلال المواجهات التي حدثت شمال العاصمة صنعاء.
وحينها أدرك جميع اليمنيين، وغير اليمنيين من المهتمين بالشأن اليمني، أن الحوثي إنما كان يخوض حرباً ، ربما بالوكالة، للانتقام من قوى الثورة الشعبية وكل من سادنها، ووقف إلى صفها منذ اندلاع شرارتها الأولى في 11 فبراير 2011.
وفي الحقيقة فإن الحوثي لا يزال يخوض حرب الانتقام تلك، وربما الآن لم يعد بالوكالة، بل بالشراكة مع النظام السابق، وبالتحديد مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، والبعض يذهب أبعد من ذلك ليضيف الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي إلى التحالف الحوثي مع صالح، للانتقام من قوى الثورة، حيث بدا واضحاً أن ثمة تحالف متين، قام على أساس شراكة العداوة لقوى الثورة، وفي المقدمة حزب التجمع اليمني للإصلاح، وكل من وقف إلى جانبها وساندها، من القبائل، وكذا من المؤسستين العسكرية والأمنية، وحتى الشخصيات الدينية ورجال الأعمال الذين انحازوا للتغيير في 2011، أو رفضوا الانحياز للرئيس السابق، والتزموا بالحياد.
ورغم أن الرئيس الإنتقالي عبد ربه منصور هادي تمكن من ضرب قوى الثورة ضربات موجعة، من خلال إقصاءهم من مختلف المواقع الهامة في الدولة وبالذات العسكرية، وكذا تفتيت وتشتيت المكونات العسكرية الموالية للثورة الشعبية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وحلفاءه الجدد، ممثلين بجامعة الحوثي، لذا فقد مضى صالح والحوثيين ومن يقف وراءهم من القوى الإقليمية المناوئة لثورات الربيع العربي عموما، سِراعاً في مخطط الانتقام من كل القوى والشخصيات التي شاركت في الإطاحة بالنظام السابق.
ضرب القبائل الثورية
دشن الحوثيون الحرب الانتقامية من قوى الثورة، من قبيلة حاشد، إحدى أهم القبائل التي وقفت إلى جانب الثورة، وكان لها دور كبير في إنضاج الفعل الثوري في 2011، وإجبار الرئيس السابق على التنحي، وفعلا بدأ الحوثيون بالزحف على حاشد، بعد أن وقعت قبيلة حاشد ومشائخ آل الأحمر في فخ حرب دماج، التي كشفت الأحداث التالية أنها لم تكن سوى حرب استدراج لقبيلة حاشد، للدخول في مواجهة مع الحوثيين.
وفعلاً فجّر الحوثيون الحرب في حاشد، وبالتحديد في منطقة حوث والخمري وخيوان ودنان، واستمرت الحرب هناك لعدة أشهر، خسر الحوثيون فيها مئات القتلى والجرحى، وكانت الغلبة لأبناء القبائل، لكن الدور السلبي للسلطة الحاكمة، ممثلة بالرئيس هادي، وكذا الدعم المباشر وغير المباشر للحوثيين من قبل الرئيس السابق، ساهم في تخلخل صفوف أبناء قبيلة حاشد، لصالح الحوثيين.
أما بالنسبة لدور الرئيس هادي السلبي فيتمثل في عدم اتخاذه أي مواقف حازمة تجاه اعتداءات جماعة الحوثي وانتهاكاتها وحروبها العبثية، التي تسببت في إزهاق مئات الأرواح البريئة، وكذا تشريد عشرات الآلاف وضرب البنية التحتية والمصالح العامة والخاصة في تلك المناطق، بل والتزامه الحياد في مواجهة انتهاكات الجماعة الحوثية المتمردة.
أما صالح، فقد تمثل دعمه للحوثيين، في دفعه العشرات من شيوخ قبيلة حاشد المؤتمريين، وكذا أنصار المؤتمر لمساندة الحوثي، وتسهيل دخولهم مناطق حاشد، معاقل أسرة آل الأحمر العريقة، بل وتجاوز الأمر إلى مشاركتهم في القتال إلى جانب الحوثيين، إضافة إلى دعم الحوثيين بالسلاح، من مخازن وحدات ما كان يعرف سابقاً بـ"الحرس الجمهوري" الذي كان يقودها نجل الرئيس السابق أحمد علي عبد الله صالح.
وفعلاً تمكن الحوثيون من السيطرة على وادي دنان، وخيوان، ومنطقة الخمري، وخارف والعصيمات ومنطقة الجنات، معاقل شيوخ قبيلة حاشد المناوئين للرئيس السابق بداية شهر 2/2014، وقاموا بتفجير منزل الشيخ الأحمر في الخمري، وبعد ذلك بأسبوع قاموا بتفجير حصن وقصر حميد الأحمر في منطقة حبور ظليمة بعمران.
أما بالنسبة للمناطق التي يقطنها مشائخ المؤتمر الموالون للرئيس السابق، فقد أعلنت التصالح مع الحوثيين، وسمحت لهم بدخولها بدون أي مواجهات، منها على سبيل المثال بني صريم، حيث الشيخ علي حميد جليدان أحد المشائخ الموالين لصالح، ورغم أنهم وقعوا اتفاق صلح، يتلخص مضمونه "لا ضرر ولا ضرار"، إلا أن الحوثيين استولوا على منزل العميد الركن حميد القشيبي، قائد اللواء 310، الذي قاموا بتصفيته لاحقاً تحت في إحدى مراحل حرب الانتقام المتقدمة.
اقتحام عمران
بعد أن رأى الرئيس السابق علي عبد الله صالح مدى النجاح الذي حققه الحوثيون في ضرب خصومه، من آل الآحمر، وتدمير معاقلهم في حاشد، قرر الاستمرار في التحالف معهم، بل وقام بنقله إلى مستويات متقدمه، وظهر الحوثيون أثناء محاصرتهم لمدينة عمران بشكل أكثر قوة عما مضى، حيث توافدت القبائل المؤتمرية لمساندتهم، تحت لافتة "التحوث"، بينما في حقيقة الأمر كانوا ينفذون توجيهات رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي وجد أن الورقة الحوثية، هي الورقة الأوفر حظا، سيما مع وجود تحالف عالمي غير معلن، بين دولة إيران، وأذرعها، وبين الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، ضد الإسلام السياسي، الذي تعتبره القوتان الخطر الأكثر حضورا على نفوذهما.
وفعلاً بدأ الحوثيون بمحاصرة عمران، حيث يتمركز اللواء 310 مدرع، وقائده العميد الركن حميد القشيبي، علماً بأن دوافع الحوثيين هذه المرة كانت أقوى، كون القشيبي يعد من ألد خصومهم، بسبب مشاركته في الحروب التي شنتها الدولة على الحوثيين في صعدة، منذ العام 2004، فضلا عن كونه خصما للنظام السابق أيضا نظراً لمساندته الثورة الشعبية السلمية.
وبدأت تحرشات الحوثيين بمدينة عمران، ومحافظها المحسوب على الإصلاح، وكذا قائد اللواء 310، بمخيمات مسلحة، نصبوها على مداخل المدينة، وقد توافد إلى هذه المخيمات عناصر المؤتمر الشعبي العام، وكوادره وقياداته، للمطالبة بإقالة المحافظ وعدد من قيادات المكاتب التنفيذية، والقيادات العسكرية.
واستمر الحوثيون، وحشودهم المسلحة، المطعّمة بالعشرات من كوادر المؤتمر وعناصره، وقد ساعدهم في ذلك صمت رئيس الجمهورية، واكتفائه بإرسال لجان وساطة، كان لها دوراً سلبيا لصالح الحوثيين، على حساب سلطة الدولة.
واستمرت المواجهات، لعدة أسابيع، سقط خلالها مئات القتلى والجرحى معظمهم من الحوثيين، لكن عقب ذلك ظهر التواطؤ الدولي والرسمي بقوة، ليرجح الكفة لصالح الحوثيين.
وفي هذا السياق نذكر بالبيان الذي تلاه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر، حين قال بأن المواجهات في عمران، هي بين جماعة الحوثي، وبين مجموعات مسلحة، في إشارة منه إلى اللواء 310 مدرع، وهو ما أكد فرضية التواطؤ الدولي ضد الأولية التي ساندت الثورة، كما ظهر الموقف الأوروبي منسجما مع موقف بنعمر، ليؤكد بأن هناك ضوء أخضر أمام الحوثيين لضرب قوى الثورة.
وفي تاريخ 7/يوليو 2014، تمكن الحوثيون، من دخول عمران، وقاموا بتصفية قائد اللواء 310، وقتل العشرات من أفراده، ونهب كامل عتاده، الذي وصفه الكثيرين بأنه يكفي الحوثيين لإقامة جيش نظامي، وإعلان دولة.
وحينما استقبل جثمان العميد حميد القشيبي في صنعاء، قال اللواء الركن علي محسن صالح مستشار رئيس الجمهورية لشئون الدفاع والأمن، أن العميد القشيبي سقط نتيجة خيانة، وقعت، بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يعزز فرضية التآمر الرسمي ضد هذا اللواء الذي وقف إلى جانب الثورة، وقائده الراحل العميد حميد القشيبي.
ولم تتوقف فتواحات الحوثيين المدبّرة مع جناح صالح في المؤتمر الشعبي العام، بل استمرت جحافل الحوثيين المسنودين من عناصر المؤتمر في التمدد في مديريات محافظة صنعاء، التي تحيط بالعاصمة صنعاء، واندلعت مواجهات شرسة تمكن الحوثيون خلالها من إيجاد موضع قدم لهم، وخصوصاً المديريات الواقعة شمال وغرب العاصمة صنعاء.
سقوط همدان وبني مطر
رغم أن الحوثيين تمكنوا من الاستيلاء على عدة قرى في مديريتي همدان وبين مطر قبل حسم معركة عمران، إلا أنها صعدت من حربها على همدان، وبعض مناطق بني مطر، بعد ذلك، وفي كل منطقة كان الحوثيون يدخلوها، كان تركيزهم على ضرب كل من ساند الثورة، شيخاً كان أم مواطنا عاديا، وقاموا بتفجير عدة منازل في همدان، فضلا عن تدمير داراً للقرآن الكريم في المديرية، ومدرسة ثانوية في منطقة الصرم، وأقتحام عدة منازل ومدارس وكذا دوراً لتحفيظ القرآن.
ومارست الجماعة منذ اقتحامها لهمدان عملية تنكيل واسعة بحق أنصار الثورة، في القوت الذي كان أنصار الرئيس السابق في مقدمة صفوف الحوثيين، وفي أحسن الحالات كان لهم موقف المتفرج المتشفّي.
وقامت بتفجير مدرسة طارق بن زياد ودار للقرآن في منطقة الصرم، وكذا فجروا منزلين للقيادي في حزب الإصلاح ورجل الأعمال قناف القحيط في منطقة حاز، بالإضافة إلى اقتحام دار القرآن الكريم بشملان، ومقرات حزب الإصلاح هناك، بالإضافة إلى تفجير عدة منازل للمناوئين لهم، وكذا اعتقال العديد من المواطنين.
وفي بني مطر فجروا عدة منازل قرية الظفير، واحتلوا دار القرآن في الصباحة، واعتقال عشرات المواطنين من المناوئين لهم.
أرحب
بدأ الحوثيون حرب الانتقام من قبيلة أرحب مبكراً، حيث اندلعت المواجهات في بادئ الأمر في شهر يناير من العام 2014، وتمكن أبناء القبيلة حينها من إخراج الحوثيين من المناطق التي استولوا عليها في "بني علي" و "عيال عبد الله"، وخلال تلك المعارك العنيفة، سقط المئات ما بين قتيل وجريح ، جلهم من الحوثيين، بالإضافة إلى تدمير وتفجير عدة منازل، وتشريد مئات الأسر، قبل أن تنجح وساطة رئاسية يقودها أمين العاصمة عبد القادر هلال في وقف المواجهات.
لكن منتصف شهر ديسمبر الماضي، جدد الحوثيون غزوهم لأرحب، لكن هذه المرة، بعد أن تغولوا، وأصبحوا القوة الأكثر غلبة في البلاد، بعد سقوط صنعاء بيد الحوثيين، ورغم أن القبائل أعلنت عدم المواجهة، إلا أن الحوثيون أمعنوا في التنكيل والانتقام من أبنائها، وشيوخها وشبابها.
حتى أنهم بحسب مصادر محلية، استهدفوا منازل لمواطنين قتلوا خلال الحرب التي خاضتها القبيلة ضد قوات الحرس الجمهوري "سابقاً" إبان ثورة 2011م، في إطار مساندتها للثورة الشعبية.
وبقدر موقف قبيلة أرحب ومساندتها لثورة 2011، كان الانتقام باهضاً أيضا، إذ شُردت مئات الأسر، وتم تفجير أكثر من 12 منزل، بالإضافة إلى كل المنشئات التابعة لحزب الإصلاح، و3 مساجد، وتعطيل المدارس أيضا، فضلا عن اعتقال أكثر من 140 مواطنا من أبناء أرحب، وقتل وإصابة العشرات.
الجوف
الجوف كانت في مقدمة المحافظات التي ساندت الثورة الشعبية من وقت مبكر من عمرها، لذلك كانت حرب جماعة الحوثي عليها مبكرة أيضا، فلقد شهد العام 2011 أول مواجهات بين القبائل الثورية، وبين المليشيات المسلحة الحوثية، بهدف السيطرة على أحد ألوية الجيش الذي تسلمته القبائل من أيدي قائد اللواء آنذاك.
ثم توالت حروب الحوثي على الجوف، وقبائلها الثورية، ودفع الحوثيون ثمنا غالياً في تلك الحرب، إلا أن المساندة اللوجستية من قبل حكومة هادي، وكذا فلول النظام السابق، ساهمت في الإبقاء على موضع قدم للحوثيين في هذه المحافظة، وفعلا تم تفجير منازل تابعة لكبار شيوخ قبائل الجوف، وعلى رأسهم الحسن أبكر.
سقوط صنعاء
بدأت ملامح المشروع الإنتقامي الذي تحمله جماعة الحوثي، منذ ما قبل سقوط عمران، إلا أن قوى الثورة كما يبدو تجاهلت ذلك أكثر من اللازم، وحينما أصبح الحوثيون على مشارف صنعاء، كان التحالف الثنائي بين صالح وجماعة الحوثي، قد صار مكشوفاً للجميع، وكان العديد من الشخصيات الاعتبارية في اليمن قد تنبهوا لخطورة الحرب الحوثية، وقاموا بحسب المصادر، بتقديم النصح لقيادات القوى الموالية للثورة، لكن الأخيرة لم تعير ذلك اهتماما.
وقد آثرت القوى الثورية ألا تمنح الحوثي وحلفائه في النظام السابق الفرصة للنيل من كل مكتسباتها، واختاروا أقل الأضرار، خصوصا بعد أن بدأت ملامح المؤامرة تتضح من خلال مشاركة أنصار الرئيس السابق في تحركات الحوثيين، سواء تلك التحركات التي رفعت شعار رفض الجرعة وإقالة الحكومة، أو التحركات المسلحة في شمال صنعاء والتي كانت تهدف لإسقاط قوى الثورة، وضرب نقاط قوتهم، وهو ما تم لهم بالفعل، حيث سيطر الحوثيون على مقر المنطقة العسكرية السادسة (الفرقة الأولى مدرع سابقاٌ)، وكذا مقر جامعة الإيمان، ومعظم مقرات ومنشئات حزب الإصلاح.
وبعد أن دخل الحوثيون صنعاء، لم يتوقفوا لحظة واحدة في تنفيذ مهام الانتقام التي تكفلوا بها، فلقد اقتحموا منازل معظم القادة السياسيين والعسكريين المناوئين لهم وكذا المناوئين لصالح، وفي المقدمة اللواء علي محسن الأحمر وأولاد الأحمر وآخرين، ومعظم قادة حزب الإصلاح، والقادة والعسكريين والسياسيين الذين أعلنوا تأييدهم لثورة الشعب السلمية.
وخلال أحداث سقوط صنعاء، أبى الرئيس السابق إلا أن يفصح عن نفسه، من خلال الاستهداف النوعي والمدبر لخصومه اللدودين، فمثلا، إقتحام منازل أولاد الأحمر، وعلى رأسهم الشيخ حميد الأحمر، وكذا منازل اللواء علي محسن الأحمر، بالإضافة إلى اقتحام منازل سياسيين محسوبين على الثورة، كان لهم تصريحات خلال الثورة وصفت بالمتطرفة، وهؤلاء تم معاقبتهم بطريقه شبيهة لمضمون تلك التصريحات المثيرة التي أطلقوها سابقا، مثل القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، الذي اشتهر عنه إبان الثورة الشعبية قوله " إن لدى شباب الثورة استعداد للزحف إلى غرف النوم"، في إشارة إلى الرئيس السابق الذي كان حاكما آنذاك، وردا على ذلك دخل المسلحون غرفة نوم محمد قحطان والتقطوا لهم صورا فيها.
الحديدة وإب
وبعد سقوط صنعاء واصل الحوثيون تحركاتهم الانتقامية، وهذه المرة اتجهوا غرباً، ناحية الحديدة، وكذا باتجاه الوسط، ناحية إب، وفي الحديدة قاموا باقتحام العديد من المنشئات العسكرية التي كانت لا تزال ترتبط بالجناح المؤيد لثورة الشباب في الجيش، كما قامت باقتحام منازل العديد من الموالين للثورة، واعتقال العشرات من ناشطي ثورة فبراير الشبابية.
كما استهدفوا محافظ المحافظة صخر الوجيه، حتى دفعوه لتقديم إستقالته، بعد أن كانوا قد استهدفوه سابقا أثناء توليه منصب وزير المالية في حكومة با سندوه، حتى تمكنوا من تغييره، وبعد تقديمه لاستقالته من منصبه الأخير، قاموا بالضغط على الرئيس هادي لإصدار قرار جمهوري بتعيين مقرب من الجماعة محافظا للحديدة لاحقاً.
وفي إب تحالف رجال النظام السابق من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الموالين للرئيس السابق، مع الحوثيون، وفعلا تمكن الحوثيون من دخول المدينة، وقتل عدد من أعضاء حزب الإصلاح، وكذا أبناء القبائل الذين رفضوا دخولهم، لكن على الإجمال كانت تحركاتهم ضد الثورة وكياناته وأنصارها في هذه المحافظة التي تتميز بأنها تتبع المذهب الشافعي.
وامتدت تلك التحركات إلى ذمار حيث مورس ضد أنصار الثورة ألوان عديدة من الاستهداف الحوثي، في إطار مشروع الانتقام من خصوم النظام السابق.
وأخيرا مأرب
واليوم ها هي جماعة الحوثي تعد العدة وتحشد أنصارها في عموم المحافظات الشمالية، وكذا أنصار النظام السابق لخوض معركة الانتقام الأخيرة ضد معقل الثورة الشعبية الأخير الذي لم تطاله يد الانتقام حتى اللحظة.
وخلال خطابه الأخير، كشف زعيم الحوثيين السيد عبد الملك الحوثي جانباً من أهداف تحرك مليشياته للاستيلاء على دار الرئاسة، حيث أشترط على الرئيس هادي لتجنب رفع سقف التحركات، أن يبادر بشكل عاجل لحسم معركة مأرب، ما يؤكد أن محافظة مأرب هي الهدف التالي للجماعة في إطار مهمة الانتقام، واستكمالا لمشروع السيطرة على الدولة ومصادر دخلها.
فمأرب كان لها دور ريادي في دعم الثورة الشعبية السلمية التي اندلعت شرارتها في 2011، وقبائلها من أوائل القبائل التي أعلنت مساندة الثورة، بل وحماية منشئات الدولة السيادية فيها، ومؤخراً زادت قبائل المحافظة دليلاً آخر على وطنيتها أن أعلنت وقوفها إلى جانب الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، رغم أن القناعة السائدة التي صار يؤمن بها الجميع، وفي المقدمة قوى الثورة بأن هادي هو أكثر من ساهم في ضرب مشروع التغيير من خلال ضرب القوى المساندة له في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وكعادتهم يحاول الحوثيون رفع شعارات زائفة لتبرير حربه المنتظرة على محافظة مأرب، مثل محاربة التكفيريين، وحماية المنشئات
الإقصاء
وامتدادا لمهمة العقاب التي تكفل بها الحوثيون بحق الثورة ورجالها وكياناتها، كان هناك حرب شعواء استهدفت رجال الثورة في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وبدء الأمر بوزراء الثورة حيث عمل الحوثيون والنظام السابق، وبدعم من ماكينة الإعلام الضخمة التي وجهوها لاستهداف حكومة الوفاق الوطني، حتى تم لهم ما يريدون، من خلال إقالة العديد من وزراء الحكومة المحسوبين على الثورة، قبل أن يتم بعد ذلك تصفية وزراء الثورة بشكل كامل، من خلال الإنقلاب على حكومة الوفاق واستبدال العديد من وزراءها بوزراء موالون للنظام السابق وجماعة الحوثي.
وبعد 21 سبتمبر، واصل الحوثيون ومن وراءهم النظام السابق مهمة إقصاء قوى الثورة ورجالها من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، في عملية إقصاء غير مسبوقة.
وكانت المؤسسات الأمنية على في مقدمة المؤسسات التي شهدت موجة إقصاء مبكرة، وغير مسبوقة، حيث تم استبدال معظم القيادات الأمنية بآخرين موالين لجماعة الحوثي، والنظام السابق، كما انتقلت مهمة الإقصاء إلى المؤسسات العسكرية والمؤسسات المدينة السيادية.
المهمة لم تنتهي
واليوم وبعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة صنعاء يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين والتي بموجبها سيطر الحوثيون على مؤسسة الرئاسة، ووضعوا الرئيس فيما يشبه الإقامة الجبرية، بعد أن أحكموا السيطرة على ألوية الحماية الرئاسية بتسهيل وتواطؤ واضح من عناصر النظام السابق،، بعد تلك الأحداث تدخل اليمن ومعها قوى الثورة الشعبية وشبابها مرحلة جديدة، أصبحت فيها الكلمة الفصل لفصائل الثورة المضادة، ممثلةً بجماعة الحوثي التي كانت يوما ما ضمن رفاق الثورة، وكذا النظام السابق، الذي بات يمتلك القوة العسكرية الأكثر كفاءة وقوة، فضلا عن تواجده القوي داخل مؤسسات الدولة.
ويتوقع الكثير أن المرحلة القادمة، ستكون مرحلة العودة التدريجية إلى أحضان النظام السابق، وهذا يقتضي أيضا مزيدا من الإقصاء والحرب والانتقام من رجال الثورة ورموزها وكياناتها السياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، بالإضافة إلى الإجهاز على ما تبقى من هامش التغيير الذي كان قد أُنجز بعد تنحي الرئيس السابق عن منصبه رسميا بموجب المبادرة الخليجية.