الرئيسية > اخبار وتقارير > قراءة في أبرز تناقضات خطاب زعيم جماعة الحوثيين الأخير

قراءة في أبرز تناقضات خطاب زعيم جماعة الحوثيين الأخير

قراءة في  أبرز تناقضات خطاب زعيم جماعة الحوثيين الأخير



ألقى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي مساء أمس خطاباً مطولاً حاول من خلاله تسويق تبريرات وتطمينات للداخل والخارج للتخفيف من حدة ردود الأفعال إزاء سيطرة المليشيات المسلحة التابعة لجماعته على دار الرئاسة، وألويه الحماية الرئاسية، ومحاصرة الرئيس والحكومة.

ومن خلال القراءة الأولية للخطاب الذي استمر حوالي ساعة وربع يمكن للمتابع للأحداث أن يدرك حجم التناقض الكبير بين ما دعا له عبد الملك الحوثي وسوقه من مبررات، وبين ممارسة جماعته على أرض الواقع.

ففي الوقت الذي قال فيه بأن هذا التحرك الأخير، الذي قامت به الجماعة ضد مؤسسة الرئاسة كان الهدف منه قطع الطريق أمام من يريدون الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة، الموقع عليه في 21 سبتمبر الماضي، وفي المقدمة تنفيذ مبدأ الشراكة، تشير كل الدلائل والمؤشرات، وكل التحليلات على أن جماعة الحوثي هي التي انقلبت على اتفاق السلم والشراكة، وهذا ما أكده أيضا مستشار الرئيس هادي الدكتور عبد الكريم الإرياني، والذي أكد أن اليمن تمر بمرحلة شاذة نتيجة سيطرة الجماعة على القرار السيادي للدولة، وتعطيلها لكل المؤسسات، وهو ما يتناقض مع اتفاق السلم والشراكة الذي نص على ضرورة انسحاب اللجان الشعبية من العاصمة، لا أن تهاجم دار الرئاسة وتستولي عليها.

وفي الخطاب أيضا حيا السيد عبد الملك الحوثي الجيش اليمني، الذي أثبت مرة أخرى وطنيته وحريته ووعيه ووفاءه لبلده، في الوقت الذي أجمع العالم على أن الجيش اليمني تعرض لأقسى الضربات سواء خلال الحروب الست، التي راح ضحيتها عشرات آلاف الجنود، أو منذ اندلاع حرب عمران التي قام الحوثيون خلالها بتواطؤ من النظام السابق بضرب لواء كامل، ونهب أسلحته وعتاده والتنكيل بقادته، فضلا عن ضرب معنويات الجيش والأمن من خلال تسليم المعسكرات والمؤسسات العسكرية والأمنية للمليشيات المسلحة، في سابقة لم يشهد لها التاريخ مثيلا.

وخلال الخطاب أيضا، تحدث زعيم الحوثيين عن المؤامرات الخارجية، والداخلية، في الوقت الذي يشهد المتابعون للشأن اليمني في الداخل والخارج أنه لم يسبق أن مرت اليمن بمثل هذا القدر من التدخل السافر في الشأن اليمني، من قبل القوى الإقليمية والدولية، فقط منذ سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء.

وبحسب شهادات عدد من السياسيين والمسئولين اليمنيين فإن إيران باتت تتحكم بكثير من الأوراق في اليمن، وأنها صارت تتحكم بمقاليد الأمور عبر جماعة الحوثي ذراعها في اليمن.

كما تحدث السيد عبد الملك عن المسئولية، والمصالح العليا للبلد، والترفع عن المصالح الذاتية والخاصة، في الوقت الذي تعمل جماعته على قدم وساق من أجل تحقيق مطامعها الخاصة بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن.

فبالرغم من أن الحوثيون رفعوا شعار رفض الجرعة وإزالة الفساد، والوقوف إلى جانب المواطن البسيط ورفض المناصب، إلا أن مرحلة ما بعد سقوط العاصمة كشفت زيف كل تلك الشعارات التي كانت فقط لاستمالة الشعب، ولإضفاء الصبغة الشعبية على تحركاتهم الأنانية والإنقلابية ، حيث انخفضت اسعار النفط في كل دول العالم خلالالأشهر القليلة الماضية فيما يصر الحوثيعلى سعر البنزين السابق رغم انخفاض سعره منذ تسلم جماعته الحكم إلى النصف

ومنذ دخول الحوثيين إلى صنعاء، تحولت الجماعة من الدفاع عن حقوق المواطنين وكذا الدفاع عن الوطن كما تدعي إلى استخدام القوة لتحقيق مكاسب خاصة، من خلال السطو بالقوة على المناصب والمكاسب السياسية والمالية، حتى أن مصادر رئاسية يمنية، كشفت عن تقديم الحوثيين وثيقة للرئيس هادي تتضمن المطالبة بـ 50% من المناصب القيادية في المؤسسات العسكرية والمدنية.

وفي الخطاب أيضا، هاجم زعيم الحوثيين الرئيس هادي، متهما إياه بالتواطؤ مع القوى الفاسدة، وكذا عدم تحمل المسئولية في حماية البلد من المؤامرات، في الوقت الذي قامت لجانه المسلحة بمحاصرة الرئيس وسلبه كامل صلاحياته، وفرض ما يشبه الإقامة الجبرية غير المعلنة عليه، بعد أن جردوه من صلاحياته بشكل متدرج منذ دخولهم صنعاء ، كما أن أبرز أزلام النظام السابق والمتورطين في عدد من قضايا الفساد تم تعيينهم بتوصية من جماعة الحوثي مثل حمود الصوفي مدير الأمن السياسي وحمود عباد محافظ ذمار وحسن هيج محافظ الحديدة

كما برر عبد الملك الحوثي تحركات جماعته الأخيرة، بأنها ضرورة لمحاربة الفساد، والاستبداد، وغيرها من المبررات، في الوقت الذي تمارس لجانه الشعبية والثورية عمليات فساد ضخمة، في كل المجالات، ولعل الصفقة التي عقدتها الجماعة مع شركة توتال تمثل دليلاً واحداً على فساد الجماعة، وتفنيداً لأكذوبة محاربة الفساد، فيما لم يتورع بأن يقول ضمن خطابه بأن طلبه الأهم الذي رفضه هادي هو الشراكة في جهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد وباقي الجهات الرقابية

إضافة إلى أن الانتهاكات التي تمارسها الجماعة منذ دخولها صنعاء وسيطرتها على عدة محافظات، أعادت الناس إلى أقسى العصور، حيث لا سيادة إلى لقانون القوي، وهو ما يكشف عن حجم الاستبداد الذي يتملك عقلية قيادات الجماعة.

وتحدث زعيم الجماعة عن اتفاق السلم والشراكة، وكذا مخرجات الحوار الوطني، متهما قوى لم يسمِ منها إلا الرئيس هادي، بينما عرّض لقوى أخرى تعريضا، بأنها تحول دون تنفيذ اتفاق الشراكة، وكذا تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، في الوقت الذي لم تقم الجماعة حتى اللحظة بتنفيذ ولو بند واحد من بنود السلم والشراكة، وكذلك مخرجات الحوار الوطني ، بل على العكس كانت معظم التعيينات في المناصب الرئيسية تحمل صبغة طائفية ومعظم التعيينات كانت لهاشميين وسعى الحوثي لحوثنة الدولة أمنيا بشكل لافت

بل إنه وفي الوقت الذي وافق الحوثيون على خوض الحوار الوطني، ومشاركته في مختلف مراحل مؤتمر الحوار، كانت مليشيات المسلحة على الأرض تقوم بفرض الأمر الواقع بقوة السلاح، وبشكل يناقض تماما ما وافقت عليه في قاعات الحوار.

تحدث أيضا عن معاناة الشعب واستمرارها، وأنه معاناة المواطنين وصلت مرحلة مأساوية، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على دخوله العاصمة بحجة حل مشاكل المواطنين، وفي هذا بحسب مراقبين، تهرب من المسئولية إزاء ما يحدث من انهيار كارثي بسبب استمرار عبث الجماعة بسلطات الدولة، ومؤسساتها وعدم اكتراثها بمعاناة المواطنين.

كما تحدث كثيرا عن الشراكة، وأن تحركات جماعته تهدف لإشراك الجميع، وعدم إقصاء أي طرف، إلا أن الواقع على الأرض عكس ذلك تماما، حيث تستمر الجماعة في إقصاء خصومها تحت مبررات مختلقة، كمحاربة الفساد، وفرض الشراكة وغيرها.

وخلال الخطاب تحدث أيضاً عن الدولة المدنية، وضرورة العمل على بناءها، لكن الإجماع العام داخل اليمن وخارجه، يؤكد أن جماعة الحوثي تمثل أكبر العوائق أمام بناء الدولة المدنية، بسبب رفضها التحول إلى كيان مدني، وإصرارها على البقاء كقوة مسلحة رغبةً منها في تكبيل الدولة.

كما عرض على الموازنة في خطابه، وتحدث عنها، وعن فساد الحكومة، في الوقت الذي ترفض جماعته توريد دخل محافظة صعدة من الضرائب والجمارك، وكذا عائدات مصنع إسمنت عمران، وغيرها من المؤسسات التي باتت في قبضته للخزينة العامة ، فيما لم يشر إلى أن تأخير إقرار الموازنة إلى هذا التوقيت من السنة كان هو المتسبب فيه وهذه كارثة اقتصادية على البلد بأن يمضي شهراً كاملا من العام دون موازنة

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)