تتحضر مأرب لارتداء بزة الحرب ومواجهة جماعة الحوثي التي تحشد مقاتليها من معقل الجماعة صعدة وصنعاء ومختلف المحافظات التي سقطت في قبضة عناصرها المسلحة باتجاه محافظة مأرب النفطية .
وتعد محافظة مأرب اليمنية عاصمة لإقليم سبأ وفيها ترتكز معظم الثروات التي تشكل عصب الاقتصاد الوطني.
ويسعى الحوثي الذي أطلق عناصره من كهوف صعدة لابتلاع المحافظات الى السيطرة على محافظة مأرب ذات الأهمية الإستراتيجية لجماعة الحوثي ، فالجماعة تراهن على إحكام قبضتها على البلاد وثرواته وإخضاع الجميع للاعتراف بها كقوة وحيدة مخولة برعاية شؤون اليمنيين من خلال فرض واقع بقوة السلاح .
وتقطن مأرب قبائل تتجاذبها الإستقطابات السياسية في صنعاء وهي تنتمي إلى أكثر من لون سياسي وأيدلوجي في البلاد غير إن الأحداث الأخيرة وتداعيات سقوط العاصمة في يد جماعة الحوثي دفعت باتجاه خلق كتلة قبلية عريضة ومتماسكة في محافظة مأرب خشية أن يمثل تفرقها عامل ضعف يستغله الحوثي لاختراق مكوناتها كطريق لبسط نفوذه وهيمنته على المحافظة .
وكشفت الأيام الأخيرة متانة الوعي لدى قبائل مأرب بضرورة التوحد في مواجهة المد الحوثي وهي مأخوذة بهاجس المناطق التي آلت الى نفوذ الحوثي بسبب الفرقة والانقسامات حيث تعرضت رموز قبلية واجتماعية للتنكيل والإهانات على يد مسلحي جماعة الحوثي بعد أن تمكنت الجماعة من بسط سيطرتها على مناطقهم ومديرياتهم ، بل وتعدى الاستهتار بهم الى تعيين حكاما على هذه المديريات محسوبين عليها من معقل نفوذ الجماعة في محافظة صعدة .
وكانت أكثر من عشر محافظات يمنية قد سقطت في يد جماعة الحوثيين المسلحة خلال اقل من عام واحد بما في ذلك العاصمة صنعاء حيث تمارس الجماعة الآن السلطة عمليا وتسيطر على القرار السياسي وتقوم باصدار قرارات شبه يومية بتعيينات لعناصرها في معظم مؤسسات الدولة بمن فيها مؤسستي الجيش والأمن .
وخاضت جماعة الحوثي المسلحة حروب مريرة مع مكونات قبلية وعسكرية ومجتمعية ضمن خارطة المحافظات التي استهدفتها إلا أنها كانت تحقق الانتصار في النهاية رغم الخسائر الفادحة في صفوف عناصرها وتمكنت من إسقاط عشر محافظات ما يعني أن نصف البلاد تخضع الآن لوصايتها وهيمنتها .
وكان شيخ قبلي بارز في مدينة مأرب قد هدد بدفن الحوثيين في مأرب متوعدا بأن تكون مأرب مقبرة لهم في حال أقدموا على اجتياح المدينة .
وقال مبخوت الشريف،وهو شيخ قبلي مناوئ للحوثيين ويرأس فرع حزب التجمع اليمني للإصلاح في المحافظة إن “رجال القبائل في المحافظة مستعدون للإحتمالات كافة لمواجهة مسلحي جماعة الحوثي إذا ما ركبوا رؤوسهم وقرروا مهاجمة مأرب للسيطرة عليها”.
وكشف الشريف في تصريحات نشرتها صحيفة "السياسة" الكويتية، أن نحو 30 ألف مسلح من قبائل مراد والجدعان وبني جبر وعبيدة جاهزون لهذا الأمر وقد احتشدوا في مناطق التماس مع الحوثيين الذين حشدوا خمسة آلاف من مقاتليهم في منطقة حريب القراميش ومفرق الجوف.
وتعهد الشريف أن تكون مأرب مقبرة لمسلحي الحوثي وهزيمتهم وهزيمة كل من يفكر في غزوها، لافتاً إلى أن “كل المؤشرات تدل على أن الحوثي يريد المشكلات لأبناء مأرب والسيطرة على المحافظة اليوم قبل غد, ولولا خوفه من الهزيمة لكان فعلها”.
وحذر الشريف من أي محاولات للتآمر على مأرب في رسالة يعتقد أنها موجهة لرئاسة النظام وحلفاء الحوثي في صنعاء .وقال إن ذلك سيدفع قبائل مأرب الى الرد بقوة وحسم وان الحوثي لن يهنأ بثروات مأرب في إشارة الى احتمال قيام رجال القبائل بتفجير أنابيب النفط والغاز .
ونفى الشريف أي تواجد لمسلحي تنظيم القاعدة في مأرب ، واعتبر أن هذه الاتهامات تندرج ضمن المؤامرة على مأرب حيث يسعى الحوثي لإلصاق تهمة الإرهاب بأهالي مأرب لكسب موقف العالم في إطار تحركه العسكري للسيطرة على المحافظة .
وتشهد مأرب حالة من الاستنفار حيث تقوم القبائل بحشد مناصريها وتدريبهم على القتال في معسكرات تابعة لها في بعض مديريات المحافظة استعدادا لأي مواجهة مسلحة مع الحوثيين .
وكشف تقرير مقتضب موازين القوة العسكرية لدى جماعة الحوثي في مقابل حشود قبائل مأرب التي جهزت نحو 13 ألف مقاتل من أبنائها للدفاع عن المدينة وفقا للتقرير بالإضافة الى مئات المقاتلين القادمين من محافظتي الجوف والبيضاء والذين يتوافدون حاليا الى مدينة مأرب للمشاركة في الحرب القادمة مع مليشيا أنصار الله الحوثيين .
ونوه التقرير الى تفوق كبير لجماعة الحوثي في العتاد العسكري حيث يعرف عن الحوثيين امتلاكهم لمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والعتاد العسكري الحديث والذي استولت عليه من معسكرات الجيش إبان اجتياح العاصمة صنعاء من قبل تشكيلاتها المسلحة والتي باتت تعرف " بالمليشيات ".
إلا أن التقرير عاد وأشار إلى إمكانية تعطيل هذه القوة من قبل قبائل مأرب الملمة بالطبيعة الجغرافية للمحافظة وبل ويمكنها قلب المعادلة وكسر شوكة الحوثيين .
وكانت أحزاب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه والمشترك وشركائه قد أصدرت بيان موحدا تضمن رفض هذه الأحزاب مساعي إسقاط المحافظة بيد الحوثيين .
وأكد بيان صادر عن القوى السياسية في مأرب رفض الأحزاب الكامل لأي محاولة لاجتياح المحافظة ووقوفها الى جانب قبائل المحافظة لما من شأنه درء الخطر الحوثي عنها .
ويعكس موقف الأحزاب السياسية في مأرب حالة الإجماع والتلاحم الذي تشهده المحافظة ضد المد الحوثي ويمكن أن يشكل حافز لبقية المحافظات خصوصا وقد شهدت محافظة تعز اللحمة عينها وتمكنت عبر موقفها الموحد من درء الخطر الحوثي بعد أن كانت المؤشرات تفيد بحالة من التحشيد تقوم بها مليشيات الحوثي بغرض السيطرة على المدينة .
وينتظر اليمنيون ما ستؤول إليه المعركة القادمة في محافظة مأرب ، حيث يرى غالبية المواطنين أن انتصار الحوثي سينعكس سلبا على مستقبل الدولة وفي المقابل يعتقدون أن قدرة القبائل على كسر شوكة الحوثيين سيفتح الطريق أمام حركة تحرر وطنية شاملة لاستعادة الدولة من قبضة المليشيات .