في واحدة من الجبهات المغيبة عن اهتمام الإعلام، تدور مواجهات عنيفة بين الجيش الوطني مسنوداً بالمقاومة الشعبية ومليشيات الإنقلاب في منطقة كرش أطراف محافظة لحج.
وتتصدي قوات الشرعية لمحاولات تقدم متكررة من قبل مليشيات الحوثي وصالح نحو كرش، كان آخرها قبل يومين، وأسفر الهجوم عن مقتل وجرح عدد من عناصر المليشيا.
وتدور المواجهات على مساحة لا تتجاوز عشره كيلو متر بعد أشهر من توقف تقدم قوات الشرعية شمالاً على ذمة رفض المقاومة تعيين قائد جديد للجبهة من أنصار النظام السابق.
ويخوض رجال المقاومة المعارك العنيفة ضد مليشيا الإنقلاب بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ويتولى الجيش الوطني بإسنادهم بنيران المدفعية والدبابات.
وتستخدم مليشيات الإنقلاب كافة الأسلحة للتقدم جنوبا، بينها، قناصات، ومعدلات، وهاونات، وآر بي جي، وألغام، بي عشره، ومدافع، وصواريخ كاتيوشا، وغيرهما.
وقال قيادي في جبهة كرش لـ "مندب برس" بأن آخر نقطة للمقاومة الشعبية من اتجاه الميمنة في قرية قرنه، وتبعد مسافة كيلو تقريبا عن نقطة مليشيات الإنقلاب في منطقة المريزينه.
وفي الوسط، يتمركز رجال المقاومة في جبل صوفع، فيما تتمرس مليشيات صالح والحوثي في جبل الرون بمنطقة الحويمي، والمسافة الفاصلة بين الطرفين بحدود إثنين كيلو تقريبا.
وفي الميسرة، تتمركز المقاومة في منطقتي الحدب، والسفيلا، وبعد مسافة تصل إلى كيلو ونصف تقريبا، تتمركز مليشيا الحوثي وصالح في منطقة الجريبة، والجبال المطلة عليها.
وتنطلق تحركات الجيش الوطني ورجال المقاومة من قلب المحافظات الجنوبية المحررة، ابتداءً من لحج، وتبعد جبهة كرش عن قاعدة العند مسافة أكثر من خمسين كيلو متر.
من جهة ثانية، تتواجد مليشيا الانقلاب من منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، مرورا الشريجة والراهدة، وصولاً إلى الحويمي، وهي مناطق على امتداد خط تعز لحج.
كما تنتشر مليشيات صالح والحوثي في مناطق شرق وغرب الخط العام بين تعز ولحج، ويتواجدون أسفل منطقة الهجر قرب القبيطة حتى منطقة الخسجة في مديرية حيفان،
وينتشروا شمال الخط العام بين تعز ولحج من منطقة حماله إلى أطراف كرش حين تدور المواجهات بينهم وبين قوات الشرعية.
وتأتي الأهمية الاستراتيجية لمعارك جبهة كرش نظراً لقربها من قاعدة العند الجوية، والتي يمثل سقوطها سقوط لحج، ومن بعدها عدن.
أسباب توقف تقدم مقاومة كرش
إلى جانب الأسباب السياسية والعسكرية التي أدت إلى توقف العمليات البرية لقوات التحالف في اتجاه تعز، وانسحابهم إلى قاعدة العند، تشير مصادر مطلعة إلى تعدد أسباب انحسار المعركة في منطقة كرش.
ويرجع مصدر في مقاومة كرش الراهدة سبب توقف تحرك المقاومة والجيش الوطني إلى تغييرات طرأت على خلفية حسابات مناطقية، أبرزها، تعيين قائد جديد لمجلس قيادة المقاومة محسوب على النظام السابق.
يقول قيادي في مقاومة جبهة كرش خدير لـ(مندب برس) رفض المقاومة قرار تعيين العقيد محمد فريد سعيد قائدا لهم، ويتهموه بـ"التحوث".
ويستدل بعلاقات العقيد بن فريد مع قيادات حوثية، أبرزهم (أبو أنس) شقيق عبدالملك الحوثي، وصلاته مع ضباط نظام صالح.
ويشير إلى تضارب القرار في جبهة كرش بعد تعيين فريد كونه منشغلا بالاتجار بتضحيات المقاومة، آخرها استلام مخصصات مالية باسم الجبهة، وقام بشراء سيارتين هيلوكس وثالثة صالون برادو.
ويلفت إلى أن مرافقي العقيد محمد فريد متحوثين، وعملوا في النقاط الأمنية بالمنطقة قبل تحرير المحافظات الجنوبية من مليشيات الانقلاب، ولهذا ترفض المقاومة مساندة قوات الجيش الوطني في محاولة استعادة تبة جبلية في كرش.
يضيف القيادي في جبهة كرش: "الجبهة متوقفة الآن، وقبل أيام طلب الفندم فضل حسن من المقاومة مساندة قوات الجيش الوطني في اقتحام تبه، والمقاومة رفضت لأنها شعرت بالضيم"، في تأكيد رفضهم لقائدهم الجديد.
وبرر رفض المقاومة بتمكين المتحوثين الذين كانوا بالأمس في نقاط الحوافيش، ويتصدروا اليوم جبهة كرش، ويرافقوا بن فريد، وفقا لقوله.
وأردف المصدر معللاً رفض المقاومة :"عبر الفندم فضل حسن عن استياءه مما يحدث، وحاولنا إيصال رساله للتحالف، للعميد راشد بما يدور اليوم من متاجرة في جبهة كرش".
وعمل العقيد محمد فريد سعيد مديراً لإدارتي أمن مديريتي المسيمر وتبن التابعتين لمحافظة لحج خلال السنوات الماضية، وتربطه علاقات بضباط كبار من نظام صالح.
آفاق الخروج من أزمة كرش
ورغم حالة الصراع المتصاعد في جبهة كرش خلال الأيام الماضية جراء قرار كارثي قائم على حسابات غير عسكرية، يتمسك الأحرار بخيار الكفاح المسلح ضد مليشيات الإنقلاب.
يؤكد مصدر عسكري لـ(مندب برس) استمرار رجال المقاومة في قتال مليشيا صالح والحوثي، وتحرير كرش والحويمي والراهدة، والتوجه شمالاً نحو تعز.
وطالب المصدر الرئيس هادي بالاستجابة لمطالب مقاومة كرش والراهدة، وتزويدهم بأسلحة كافية، لافتا إلى أهمية تفهم قائد قوات الجيش الوطني فضل حسن لمطالب المقاومة.
تتطلب ظروف الحرب المفتوحة بين قوات الشرعية ومليشيات الإنقلاب من الرئيس هادي سرعة ترتيب وضع جبهة كرش، وتمكين القيادة الميدانية التي يتمسك بها رجال المقاومة، حد تعبير المصدر.