دفعت النجاحات العسكرية التي تحققها الحكومة الشرعية، مدعومة بالتحالف العربي، الحوثيين إلى البدء بالإفراج عن قيادات كانت محتجزة لديهم، على أمل أن تسمح هذه الخطوة بالعودة إلى مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في سويسرا، وتجنب مزيد من الخسائر في ظل تقدم القوات الموالية للشرعية على أكثر من جبهة.
وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن الحوثيين أفرجوا أمس عن وزير يمني وأربعة ناشطين سياسيين وإعلاميين آخرين كانوا مختطفين لديهم منذ أشهر.
وافرج المتمردون عن معلمين سعوديين كانوا يحتجزونهما منذ فترة، وتم نقلهما إلى جيبوتي. وهي خطوة تهدف إلى استرضاء السعودية التي تقود التحالف العربي، وتتمسك بإعادة الشرعية والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كأرضية للانتقال السياسي في اليمن.
وقال ولد الشيخ أحمد إن الحوثيين أفرجوا عن وزير التعليم الفني والتدريب المهني عبدالرزاق الأشول وأربعة ناشطين إعلاميين وسياسيين آخرين (لم يذكر أسماءهم)، وذلك في مؤتمر صحفي عقده قبيل مغادرته العاصمة صنعاء.
وأضاف أن الحوثيين سيطلقون خلال ساعات، سراح وزير الدفاع محمود الصبيحي، وناصر منصور، شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في محافظات لحج وأبين وعدن، المختطفين منذ مارس من العام الماضي، مؤكدا أن الاثنين “بصحة جيدة”.
وكشف عن أن هذه الخطوة جاءت “استعدادا لعقد مشاورات جديدة بين الأطراف اليمنية لحل الأزمة”، مشيرا إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة، تحديد موعد ومكان استئناف هذه المشاورات.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة سترسل مسؤولا لديها إلى مدينة تعز، وسط اليمن، من أجل العمل على كسر الحصار المفروض عليها، منذ أشهر، دون أن يحدد أي موعد بعينه لذلك.
وكان المبعوث الأممي قد وصل الأحد الماضي إلى صنعاء، وعقد لقاءات مع ممثلين عن الحوثيين، وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وقد رفضوا السماح له بلقاء المعتقلين وخاصة وزير الدفاع الصبيحي الذي تتمسك الحكومة الشرعية بإطلاق سراحه أولا.
وقالت مصادر إن ولد الشيخ أحمد حذّر وفد المتمردين من أن عدم إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز، وهي إجراءات بناء الثقة التي طالبت بها الأمم المتحدة، قد يدفع مجلس الأمن إلى تبني عقوبات ضدهم.
ومن الواضح أن هامش المناورة صار محدودا أمام المتمردين، ولذلك أقبلوا على إطلاق سراح المعتقلين، لكن ذلك ليس دليلا على جديتهم في تسهيل الحوار للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية على قاعدة القرار 2216 الذي يفرض عليهم الانسحاب من المدن التي سيطروا عليها بقوة السلاح، وتسليم أسلحتهم الثقيلة إلى الحكومة الشرعية والعودة إلى المفاوضات.
وقصفت مقاتلات الأباتشي التابعة للتحالف العربي أمس مواقع لمسلحي الحوثي في مأرب شرقي اليمن.
وقال مصدر في المقاومة إن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية سيطرا على موقع هام بالجهة الغربية لجبل هيلان الاستراتيجي بعد معارك عنيفة”.
وأضاف أن “الموقع الهام الذي سيطر الجيش والمقاومة عليه يمكنهما من شق طريق في عرض جبل هيلان الذي ما يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء كبيرة منه”.
وفي حال تمت السيطرة على الجبل ستكون القوات الداعمة للشرعية قد تحكمت في مناطق صرواح والمخدرة والمشجح، وهي معاقل الحوثيين، غربي مأرب. كما أنها ستؤمن مدينة مأرب، مركز المحافظة، من ضربات المدفعية وصواريخ الكاتيوشا، التي يطلقها الحوثيون باتجاهها.
وقال محللون إن المتمردين سيسعون إلى تخفيف الضغوط المفروضة عليهم بقبول المشاركة في جنيف مقابل تأجيل الحسم العسكري لما قد يحمله من نتائج سلبية على وجود الجماعة، ودورها في خدمة المشروع الإيراني.
وأشار المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى في تصريح سابق لـ”العرب” إلى أن ميليشيا الحوثي تحاول تعويض جزء من خسارتها الشعبية باتفاق سياسي يحول دون تحميلها مسؤولية ما جرى من حرب.
وسيترك لها هذا الاتفاق فرصة البقاء في المشهد السياسي كشريك في المفاوضات على أمل أن تعاود محاولاتها للسيطرة على السلطة في ظروف أكثر مواءمة لها، فضلا عن فسح المجال لإيران لتحافظ على نفوذها في اليمن، ولو بشكل أقل فاعلية.
وبالتوازي مع ضعف المتمردين الحوثيين، وتوسع دائرة الخلاف بينهم وبين حليفهم صالح، تشهد جبهة الشرعية المزيد من التماسك سواء بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني، أو في علاقتهما بقوات التحالف العربي التي تبدو عازمة على الاستمرار في دورها أطول وقت ممكن. وهو ما كشف عنه قرار مصر أمس بتمديد المشاركة في التحالف لمدة عام إضافي.