الرئيسية > اخبار وتقارير > حصاد2014.. بدايةالتحولات وهامش صغير من الفرح

حصاد2014.. بدايةالتحولات وهامش صغير من الفرح

حصاد2014.. بدايةالتحولات وهامش صغير من الفرح

شهد العام 2014 تحولات غير مسبوقة في الحالة السياسية اليمنية، وأحداثاً جعلته بنظر الكثيرين عاماً سيئاً، إذ حمل في طياته كثيراً من الأحداث القاتمة، والتغيرات اللامتوقعة، التي تجعل الواقع السياسي اليمني أكثر غموضاً، والدولة أكثر هشاشةً وضعفاً، لكنه قلب الموازين السياسية، وأعاد ترتيب الأوراق السياسية بطريقة مختلفة للسيناريو الذي كانت تسير عليه البلاد منذ 2011، وإن كانت أحداث 2014 هي أعنف التحولات التي كان لا بد أن تترتب على 2011.

 

فعلى أن هذا العام قد انتهى في مطلعه مؤتمر الحوار الوطني، ليؤذن بنهاية فترة انتقالية رسمتها المبادرة الخليجية، إلا أنه حمل داخله أحداثاً غير متوقعة، وفترة انتقالية، لكن من نوعٍ آخر.

 

اختتام مؤتمر الحوار الوطني

 

في 25 يناير، أقرت الجلسة العامة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، "وثيقة الحوار الوطني"، بعد التصويت بالإجماع على ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار والبيان الختامي، بعد توقيع جميع الأعضاء المشاركين في لجنة استيعاب الملاحظات، على وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وإنجاحه، والتي تضمنت حلولاً لقضية صعدة والقضية الجنوبية، وتقارير فرق العمل الـ9، وقضايا ذات بعد وطني والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، بناء الدولة، الحكم الرشيد، أسس بناء الجيش والأمن ودورهما، استقلالية الهيئات ذات الخصوصية، الحقوق والحريات، التنمية (الشاملة والمتكاملة والمستدامة)، بيانات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، معايير لجنة صياغة الدستور، ضمانات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وقد تم التوقيع على الوثيقة النهائية لمخرجات الحوار الوطني في 10 فبراير، بعد شد وجذب بين جمع القوى المشاركة في مؤتمر الحوار، وبعد تلويح المجتمع الدولي بوقف اجتماعات مجموعة أصدقاء اليمن، وعدم الوفاء بتعهدات المانحين الدوليين لليمن، مبرراً ذلك بأن مؤتمر الحوار قد فشل.

 

وفي حين تم تنفيذ بعض من تلك المخرجات، ما زال الكثير من القضايا التي تضمنتها الوثيقة لم تنفذ، أو نفذت جزئياً، ويحيط غموض كبير بمصيرها بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة في سبتمبر الماضي.

 

توسع جماعة الحوثي

 

وفي يوليو اتخذت حكومة باسندوة قراراً برفع المشتقات النفطية، وهو ما مهد لجماعة الحوثي اتخاذ ذريعة مناسبة لدخولها العاصمة صنعاء، بعد سقوط عمران في يدها. وهكذا شهد النصف الثاني من العام 2014، توسعاً كبيراً لجماعة الحوثيين التي نجحت في ترحيل سلفيي دماج بعد معارك دامية، ثم اقتحمت حاشد لتنهي وجود مشائخ آل الأحمر، ثم دخلت مدينة عمران بعد معارك استمرت لأكثر من شهر، استولت عقبها الجماعة على اللواء 310، وقتلت قائده حميد القشيبي. ولم تمضِ فترة طويلة حتى دخلت الجماعة صنعاء، في 21 سبتمبر، لتنهي وجود القوى العسكرية والتقليدية فيها، مثل علي محسن الأحمر، الذي غادر إثر ذلك البلاد، لتدخل اليمن في حالة سياسية جديدة، أصبحت معها جماعة الحوثي الأقوى التي سوف ستتمكن من التوسع جنوباً، لتسقط في يدها محافظتي ذمار والحديدة، بسهولة، بينما خاضت عدداً من المعارك حتى تتمكن من دخول مدينة إب، لكن المعارك الأكثر شراسة هي التي شهدتها مدينة رداع، واستولت إثرها الجماعة على معاقل القاعدة الرئيسية في المناسح بقيفة وخبزة.

 

 

اتفاق السلم والشراكة وحكومة الكفاءات

 

في 21 سبتمبر وقعت الأطراف السياسية على وثيقة ما عرف بـ"اتفاق السلم والشراكة"، والتي تم الاتفاق بموجبها على وقف إطلاق النار داخل العاصمة، وإقالة حكومة باسندوة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، في وقت لا يتجاوز الأسبوع أو الأسبوعين. لكنها ظلت رهن مشاوراتٍ، تم العدول عنها، ليصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 13 أكتوبر، قراراً بتكليف خالد محفوظ بحاح، تشكيل حكومة كفاءات (بدلاً من حكومة وحدة وطنية)، وفي 8 نوفمبر أصدر قراراً سمى فيه الوزراء، وفي 18 ديسمبر نالت الحكومة بالأغلبية ثقة مجلس النواب، لتبدأ ممارسة مهامها في وضع سياسي مرتبك، أصبحت فيه قبضة الدولة هي الأضعف منذ عقود.

 

مجلس الأمن يصدر قرارات ضد صالح وقياديين حوثيين

 

في أغسطس الماضي، أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً شديد اللهجة، سمى فيه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كأحد المعرقلين للتسوية السياسية، إلى جانب قياديين حوثيين، هما: أبو علي الحاكم، القيادي الميداني للجماعة، ويونس بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة. ولاحقاً في مطلع نوفمبر، أقر مجلس الأمن عقوبات تشمل تجميد أرصدة ومنع من السفر ضد صالح والحاكم والحوثي، وذلك بناء على تقرير لجنة العقوبات التي شكلها المجلس لهذا الغرض. وقد اعترض حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه على هذا القرار، وسلّم رسالة اعتراضه للأمم المتحدة، بينما قللت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) من أهمية القرار بشأن القياديين فيها: أبو علي الحاكم وأبو يونس الحوثي.

 

مجازر وعمليات تنظيم القاعدة

 

الجانب الأكثر قتامة هي المجازر التي ارتكبها تنظيم القاعدة، وكانت أبرزها مذبحة حضرموت بحق 14 جندياً، في 9 أغسطس، بمدينة القطن، حين اعترض مسلحون من "القاعدة" حافلة نقل جماعي كان على متنه 14 جندياً، واعتقلوهم واقتادوهم، ليتم ذبحهم في مدينة القطن، في أبشع مجزرة اهتزت لها اليمن، خصوصاً بعد نشر التنظيم تسجيلات مصورة للعملية. فيما شهد ديسمبر مجزرة لا تقل بشاعة عنها، حين انفجرت سيارة مفخخة في رداع، لتودي بحياة 16 طالبةً كن على متن باص في طريق عودتهن إلى منازلهن، من إحدى المدارس الابتدائية في المدينة.

 

لم تقتصر عمليات "القاعدة" على ذلك وحسب، فقد نفذ عدة عمليات طالت منشآت عامة، أبرزها تفجير سور السجن المركزي بصنعاء، وتهريب 19 سجينا، في 12 فبراير، وبعد حوالي شهرين من ذلك، نفذ الطيران الحربي عدة غارات بطائرات دون طيار أمريكية، على مواقع للتنظيم في شبوة وأبين، وقتل في غارة واحدة ما يقارب 60 شخصاً. وقد دشن الجيش اليمني بعد ذلك حرباً مفتوحة على عناصر "القاعدة"، الذين انسحبوا من مناطق أبين باتجاه شبوة، غير أن عمليات الجيش توقفت في شهر مايو، إثر انفجار الوضع في محافظة عمران بين الحوثيين من جهة وقبائل موالية لحزب الإصلاح واللواء 310، وهي الحرب التي انتهت بسقوط عمران بيد الحوثيين، ومقتل العميد القشيبي، قائد اللواء.

 

اغتيالات سياسية

 

أبرز الاغتيالات السياسية في 2014، كان اغتيال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، الذي عرفه اليمنيون داعية حوار وسلام ومدنية من الطراز الأول. ففي عصر الأحد 2 نوفمبر، أطلق مسلح مجهول 3 رصاصات على صدر ورقبة الدكتور المتوكل، ولاذ بالفرار. وكما جرت العادة في جميع جرائم الاغتيالات السياسية، لم يعلن رسمياً عن منفذي العملية أو من يقفون وراءها.

 

في 18 نوفمبر، اغتيل الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح في محافظة تعز، صادق منصور الحيدري، حيث تم زرع عبوة لاصقة في باب سيارته، فيما أفادت المعلومات حينها بأن 3 أشخاص ألقوا عليه التحية، واقتربوا من سيارته للسلام عليه، في جولة المسبح بمدينة تعز، وبعد دقائق انفجرت العبوة، ما أدى إلى وفاته على الفور.

 

سبق اغتيال المتوكل والحيدري، اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين، برصاص مسلحين مجهولين، في شارع القاهرة بالعاصمة صنعاء، بينما كان متوجها لحضور جلسة في مؤتمر الحوار الوطني ترأسها الرئيس هادي. وكان من المفترض أن يتم التوقيع في ذلك اليوم (21 يناير) على تقارير فرق الحوار، غير أن اغتيال شرف الدين أدى لتأجيل الجلسة إلى 25 يناير، وسط ضغوط الوضع المتدهور،، وضغوط المجتمع الدولي.

 

الجريمة السياسية لم تتوقف عند هذا المستوى، فقد طالت مسؤولين محليين وحزبيين، كوكيل محافظة البيضاء، كما طالت رئيس فرع المؤتمر الشعبي في مديرية السحيل بمحافظة مأرب، ورئيس فرع حزب المؤتمر أيضاً في مديرية ثلا بمحافظة عمران، وغيرهما من القيادات الحزبية. غير أن الخسارة الأكثر فداحة تلقاها قطاع الجيش والأمن، الذي اغتيل العشرات من قياداته وضباطه وأفراده. ولا يبدو أن مسلسل الاغتيالات سيتوقف، إذ ما زال شبح الاغتيالات مخيماً على هاتين المؤسستين، وقد كان آخر اغتيال أمس الأول الاثنين، للمساعد في الأمن السياسي في البيضاء ناصر الوحيشي، ومحاولة اغتيال قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء عبدالرحمن الحليلي، في حضرموت، وقبل ذلك بيوم محاولة اغتيال قائد اللواء 31 مدرع في عدن.

 

هامش فرح صغير

 

خلال العام 2014، حاول اليمنيون التشبث بخيوط الفرح مهما كانت واهية وغير مرئية، ومع ذلك، فقد حقق عدد من اليمنيين حضوراً مرئياً بقوة على المستوى الدولي؛ فمن وصول الفنان الشاب وليد الجيلاني إلى المرحلة ما قبل النهائية في برنامج "عرب أيدل" ذي الشعبية الواسعة، إلى حصول الفنان التشكيلي مراد سبيع على الجائزة الدولية "الفن من أجل السلام"، وأروى عثمان على جائزة "أليسون دي فورج" للنشاط الحقوقي، التي تسلمتها في ألمانيا، في سبتمبر. كما اختيرت الناشطة الحقوقية والسياسية أمل الباشا، من قبل مؤسسة تكريم في المملكة المغربية، ضمن 10 نساء عربيات رائدات لمنحهن لقب المرأة العربية للعام 2014. هامش الفرح هذا شمل أيضاً ترشيح روايات 3 كتاب يمنيين لجائزة بوكر النسخة العربية، وهم: حبيب سروري، علي المقري، ووجدي الأهدل.

 

ومن الملاحظ أن هامش الفرح الصغير هذا جلبه الفن والأدب، ليتنفس اليمنيون من خلاله وسط ركام التفجيرات وجثث القتلى وأنين الجرحى، والجوع المتفشية في أجساد ملايين الأطفال والكبار على حد سواء.

 

*صحيفة الأولى

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)