في أواخر العام 2010 كانت اليمن قد وصلت إلى طريق مسدود في كثير من القضايا السياسية المحلية فحقوق الإنسان اليمني أصبحت مهدرة في سبيل مكافحة الإرهاب والتمدد الحوثي ومواجهة غضب الحراك الجنوبي.
فقد أصدرت منظمة العفو الدولية حينها تقريراً عن أن اليمن تقوم بإنتهاك حقوق الإنسان من بينها القتل غير المشروع للأشخاص المتهمين بصلتهم بتنظيم القاعدة ونشطاء الحراك الجنوبي، والاعتقالات التعسفية بحق الصحفيين، والتعذيب، والمحاكمات الجائرة.
حيث قال مالكوم سمارت، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في آواخر 2010 "لقد نشأ اتجاه يبعث على أشد القلق حيث نرى السلطات اليمنية تجنح، تحت وطأة الضغوط من جانب الولايات المتحدة وغيرها لمكافحة تنظيم القاعدة، ومن السعودية للتصدي للحوثيين، إلى اتخاذ الأمن الوطني ذريعة لكبت المعارضة وخنق أي انتقاد".
أما في الجانب السياسي فقد سعى المؤتمر الشعبي العام في آواخر ديسمبر من العام 2010 إلى إلغاء الولايات الرئاسية لرئيس الدولة من قانون الانتخابات وإعلان الرئيس السابق على عبدالله صالح رئيساً مدى الحياة وهو ما عرف إعلامياً بـ "تصفير العداد". فيما أعلنت المعارضة اليمنية حينها "اللقاء المشترك" مضيها في النضال السلمي من أجل إستعاد الديموقراطية.
أما الحراك الجنوبي الذي وصفه صالح في النصف الثاني من العام 2010 بالفوضى وقال أنهم يقطعون الطريق ويقتلون النفس المحرمة، فقد أصبح أكثر قوة وأكثر إيمانا بحقه في الإنفصال بعد ثلاث سنوات من النضال.
وفي صعدة حيث تنتهي الحرب السادسة بعد مقتل الآلاف من الجنود اليمنيين والآلاف من أبناء المناطق المحلية أصبحت الأوضاع مهيئة لحرب سابعة مع تأزم الأوضاع في النصف الثاني من العام 2010.
وما أن جاء مطلع العام 2011 حتى أحتفل التوانسة برحيل بن علي الذي يراه اليمنيون أقل شراً من صالح. ولأن الأوضاع في اليمن قد وصلت إلى حد النضوج فقد إندلعت الثورة الشعبية ضد الرئيس صالح ونظام حكمه.
خرج مئات الآلاف من اليمنيين إلى الساحات والميادين العامة في كل المحافظات مستبشرين بغدٍ أجمل لوطنهم الذي عانى طويلا من الحروب والفقر والبطالة والفساد.
وبعد قرابة الأربع سنوات على إنطلاق الربيع العربي يتسائل كثيرون ماذا جنى اليمنيون من ربيعهم من ناحيتي الربح والخسارة؟
مشروع التوريث انتهى مؤقتاً
رغم أن الثورة الشبابية الشعبية اليمنية قد أطاحت بالرئيس صالح وأوقفت مبدأ التوريث الذي كان مُخطط له إلا أن ما حصل عليه اليمنيون لم يكن هو المنشود.
فبدخول الأحزاب السياسية اليمنية خط الثورة وموافقتهم لاحقا على المبادرة الخليجية التي لم تكن بأي حال من الأحوال تمثل شباب الثورة قد أجهضت الثورة في وقت مبكر.
المبادرة الخليجية التي أختارتها بعض القوى الثورية الحزبية من أجل وقف نزيف الدم لم تلبِ رغبات اليمنيين في صناعة التغيير الحقيقي. فالرئيس اليمني قد تم إبداله بنائبه الذي تظاهر في بداية الأمر بأنه يقف مع الشعب ومصالحه العليا لكنه سيسعى لاحقا إلى تدمير كل شيء عندما يسمح للمتمردين الحوثيين بدخول صنعاء والإستيلاء على مؤسسات الدولة الحكومية والمدينة.
على خلاف بعض دول الربيع العربي كمصر وتونس والتي خاضت انتخابات تنافسية عدة مرات منذ إندلاع ثورات الربيع العربي.
فالإنتخابات التي كان يعول عليها أن تخرج البلاد من النفق المظلم لم تحصل بعد. فقد كان مقرراً عقد انتخابات لإختيار أعضاء مجلس النواب في إبريل من العام 2011 ، إلا أن اتفاقا بين القوى السياسية قضى بالتمديد لهذا المجلس سنتين إضافيتين وها هو الآن يدخل في عامه الـ11 بعد أن فقد كل شرعيته الزمنية.
الإنتخابات الرئاسية والتي يفترض بها أن تبنى على البرلمان لم تحصل منذ أكثر من 8 سنوات في اليمن مما يضع العملية السياسية في اليمن في نفق مظلم لا توجد أي إشارات تدل على نهايته.
الثورة كشفت هشاشة الجيش
الجيش اليمني الذي يعتبر من أكثر الجيش العربية عدداً قد تأثر بشكل كبير عقب ثورة الشباب السلمية. الجيش الذي خاض مؤخرا 6 حروب في صعدة وحروب كثيرة مع القاعدة في الجنوب فقد الكثير من قوته في هذا الصراع الذي تتكشف كل يوم أسراره وخباياه. فمن ناحية كان للثورة الشعبية أثر إيجابي في كشف ماهية هذا الجيش وولائه الحقيقي وحقيقة الحروب الأخيرة في صعدة.
ففي مقالة للكاتب اليمني مروان الغفوري تحت عنوان "ماذا حدث للجيش اليمني" يقول على لسان مسؤول يمني بعد حرب صعدة الخامسة، تحديداً في يناير/ كانون الثاني 2007، "سأل مسؤول حكومي رفيع رئيس الوزراء في حينه، عبد القادر باجمال، عن سر هزائم الدولة أمام عصابات. كانت الحرب الخامسة قد انتهت، وكان صالح يحضّر للحرب السادسة. فاجأه باجمال بجملة "هذه حرب بين دولتي أحمد علي صالح وعلي محسن الأحمر"، وقال إن صالح لن يسمح للقائد العسكري، علي محسن الأحمر، بتحقيق أي نصر. ولو اضطرّ لفتح الطريق أمام الحوثيين إلى صنعاء، لينال من الجنرال محسن فلن يتردّد".
بعد إندلاع ثورة الشباب تعالت الأصوات المطالبة بهيكلة الجيش اليمني وتحويله من جيش بيد أشخاص إلى جيش بيد الدولة ممثلة بوزارة الدفاع اليمنية وتقسيمه إلى مناطق عسكرية بدلا من التقسيم الأسري "فرقة وحرس". وبدلا من أن يتم هيكلة الجيش بطرق علمية تم توزيع المناطق العسكرية بطرق تضمن
تحرك جماعة أنصار الله بمساندة أنصار الرئيس السابق بحرية صوب العاصمة صنعاء التي بقيت محصنة خلال 6 حروب مع أنصار الله بسبب توازن القوى حينها "الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع".
هذه الهيكلة قد حولت أعداد كبيرة من قوات الجيش في المناطق الشمالية إلى سند للمليشيات المسلحة سهلت إقتحام المدن والسيطرة عليها وتسليم كميات كبيرة من الأسلحة لمن كانت الدولة اليمنية تعتبرهم في حكم التمرد قبل العام 2011.
رغم أن ما حصل للجيش هو بلا شك تم بتخطيط دولي من أجل إعادة بلورة مراكز القوى في الشرق الأوسط إلا أن القوى السياسية اليمنية التي كانت فاعل كبير في الثورة الشبابية والمبادرة الخليجية لا يمكن إعفائها من كارثة كهذه.
الأحزاب أنعشت الثورة ثم دفنتها
دخلت أحزاب المعارضة اليمنية في الثورة الشبابية في وقت مبكر وما هي إلا أيام حتى أصبحت الثورة تدار بشكل غير مباشر من قبل قيادات أحزاب اللقاء المشترك وخصوصا حزب التجمع اليمني للإصلاح وهو ما أنعكس سلباً على مسار الثورة. فقد عمل إعلام النظام حينها على زرع الشك في نفوس الثور وأن ثورتهم قد سرقت وأن الأحزاب قد "ركبت" الثورة حتى أصبح هم الإعلام الرسمي الأول حينها هو الدفاع عن ثورة الشباب من إجتياح الأحزاب لها. هذه القوة الإعلامية التي كانت تمتلكها الدولة حينها ولا تمتلك مثلها المعارضة قد رجحت الكفة للنظام حيث بدأت القوى الثورية تتمزق وأنقسمت إلى قسمين ثوار يتبعون الأحزاب كان يراهم الآخرون مجرد مسيرين بأوامر أحزابهم وثوار أحرار كان يتهمهم الآخرون بالإندساس لإفشال الفعل الثوري.
مع إتساع دائرة الثورة إلى كل المحافظات وإصرار علي صالح في البقاء على رأس السلطة والخوف من اندلاع حرب أهلية فقد إختارت أحزاب اللقاء المشترك السير في المباردة الخليجية والتي تعتبر الخطوة التي ستقود لاحقا إلى إضعاف دور المشترك وإتهامه بخيانة الثورة. مضت الأحزاب السياسية
في المبادرة الخليجية ووافقت على منح صالح الحصانة وهو الذي أنتهك حقوق الإنسان في اليمن وفق التقارير الدولية وهدد أمن المواطنين في اليمن واتهم بإدخال القوات والطائرات الأمريكية إلى اليمن لقتل اليمنيين و هو الذي أنهك الإقتصاد اليمني خلال فترة حكمه. وبعد المبادرة الخليجية دعت الأحزاب
منتسبيها إلى التصويت لهادي في الإنتخابات الفردية التي خاضها هادي مطلع العام 2012 وفق المبادرة الخليجية. هادي الذي سيتخلى عن هذه الأحزاب لاحقا ويقوض وجودها عن طريق سكوته عند توسع أنصار الله وسيطرتهم.
بعد أكثر من ثلاث سنوات على ثورات الربيع العربي تقف الأحزاب اليمنية وعلى رأسها تجمع الإصلاح وسط الساحة اليمنية عارية لا تمتلك قوة عسكرية ولا قبلية تستند عليها ولا حتى مقرات تنظيمية تأويها. وبعد أن رفضت يوما ما ولاية على صالح مدى الحياة هاهي اليوم تقف عاجزة عن معرفة المدة الحقيقية لبقاء هادي ناهيك عن مدة الولاية التي ينشدها أنصار الله.
الحوار الوطني وشرعية الوضع الجديد
نادت أحزاب اللقاء المشترك قبل ثورة الشباب في وقت مبكر إلى انعقاد حوار وطني مع السلطة من أجل حل القضايا اليمنية الكبرى كقضيتي صعدة والجنوب وقضية الديموقراطية. وبعد إندلاع الثورة بعامين انعقدت أولى جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في 18 من مارس من العام 2013 وهو اليوم الذي يوافق الذكرى الثانية لمجزرة جمعة الكرامة التي صار ضحيتها أكثر من 50 شابا في ساحة التغيير بصنعاء على أيدي عناصر قيل حينها أنها تتبع الرئيس السابق. وفي 25 يناير 2014 عقدت الجلسة الختامية للحوار وإعلان الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء وسط حضور دولي وعربي كبير.وتم التوقيع على وثيقة الحوار الوطني الشامل النهائية. التي أحتوت حلول لكثير من القضايا اليمنية العالقة. الحوار الوطني الذي يفترض به أن يعيد صياغة بنود الدستور اليمني ويعلن عن موعد إنتخابات رئاسية وبرلمانية لم يحقق شيء إلى الان وما زالت لجنة صياغة الدستور تعكف على إعادة كتابة الدستور.
وثيقة الحوار الوطني التي قال هادي يوما أنه سيقدم نفسه فداء من إجل إنجازها ووصف معارضيها بقوى الشر، يقول كثيرون أنها لن ترى النور بعد أن سمح هادي لـ"قوى الشر" من السيطرة على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. هذه الوثيقة التي أُعتبرت أكبر إنجاز لثورة الشباب وتضحياتهم توشك أوراقها أن تذهب مع الرياح خصوصا مع توقيع وثيقة السلم والشراكة عقب إجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء.
الحرب على الإرهاب
عانى اليمن كغيره من دول المنطقة من الإرهاب طويلا مذ قامت عناصر تتبع القاعدة بتفجير المدمرة الأمريكية كول في 22 من اكتوبر عام 2000 قبالة سواحل عدن. وقبل ثورة الشباب تزايدت الأصوات المطالبة بإيقاف ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية في اليمن.
ومع إندلاع الثورة لم يتوقف عمل برنامج الطائرات الأمريكية في اليمن رغم أن الكثير من الثوار قد نادوا بإيقاف نزيف الدم اليمني وتحرير البلد من التبعية الغربية. وبحسب منظمة ريبريف المعنية بحقوق الإنسان فإن عدد المطلوبين في اليمن للمخابرات الأمريكية هم 17 فرد وقد تم قتلهم خلال السنوات الأخيرة ولم يتبقى إلا 4 أفراد. وخلال ملاحقة هؤلاء الأفراد قتل أكثر من 400 مواطن يمني.
قبل الثورة كان الرئيس اليمني السابق فخورا بيد التعاون التي مدتها الولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب وقد رحب بدخول قوات أمريكية قال نائب الرئيس حينها عبد ربه منصور هادي أن هذه القوات من أجل تدريب القوات اليمنية في مكافحة الإرهاب.
وبعد إندلاع الثورة تسابقت القوى الثورية من أجل إعلانها إستمرار التعاون مع الجانب الأمريكي من أجل محاربة الإرهاب وحتى بعد مرور ثلاث سنوات وسيطرة انصار الله على مقاليد القوة في البلاد مازالت التقارير تقول أن حرب أنصار الله الحالية مع القاعدة مسنودة بقوات أمريكية وببرنامج الطائرات بدون طيار.
ويرى البعض أن الجماعات الإرهابية خلال فترة الثورة الشعبية قد وسعت وجودها إلى مناطق كثير في اليمن بل وصل الأمر في فترة من الفترات إلى سيطرة هذه القوى على محافظات بأكملها وإعلان الخلافة الإسلامية في بعض المحافظات الجنوبية. وخلال حروب إسترداد تلك المناطق سقط مائات الضحايا من الجيش والمدنيين في مناطق الصراع.
وخلال فترة الثورة الشعبية نفذ تنظيم القاعدة في اليمن عشرات الهجمات لإنتحاريين ومهاجمين ضد القوات المسلحة كأن أبرزها وأبشعها حوادث ميدان السبعين والعرضي وكلية الشرطة.
القبيلة داعم وضحية
خلال فترة الثورة الشبابية في اليمن رحبت القوى الثورية بالقبيلة في صفوف الثوار وأثبت أبناء القبائل درجة عالية من السلمية في مشاركاتهم الثورية. وساندت القبائل في كثير من المناطق شباب الثورة ودافعوا عنهم ضد عنف قوات الجيش والأمن التي كانت تنفذ أوامر رئيس النظام.
وخلال فترة الثورة تواجدت القبيلة بقوة في المشهد اليمني، من اللجان الشعبية التي ساندت الجيش في حربه ضد أنصار الشريعة في المناطق الجنوبية والشرقية إلى القوى القبلية الثورية التي آزرت الثورة في المناطق المحيطة بالعاصمة والقوى الثورية التي آزرت الثورة في مناطق تعز وإب والضالع والبيضاء ومأرب والجوف وحجة وصعدة وغيرها.
القبيلة التي كانت ترى في الثورة طريق نحو المدنية وجدت نفسها، في نهاية السنة الرابعة من عمر الثورة الشعبية، في مرمى نيران الجيش واللجان الشعبية التابعة لجماعة أنصار الله. ويرى متابعون للشأن اليمني أن القبيلة التي كانت قبل ثورة الشباب هي الدرع الحصين الذي يحمي ثورة الآباء والأجداد 26 سبتمبر صارت اليوم تواجه تهمة الإرهاب وتعاني من قتل المئات من أبنائها على أيدي بعض قوات الجيش واللجان الثورة التابعة لأنصار الله. ويؤكد البعض أن القوى القبلية التي ساندت الثوة الشعبية هي الأكثر ضرراً.
الطائفية تطل برأسها
مع أن القوى الثورية في الساحات وخلال السنة الأولى من عمر الثورة قد حرصت على الترحاب بكل الجهات والجماعات ولم يتناول حينها إعلام الثورة أي حديث طائفي، بل كان الحديث عن الوحدة الوطنية هو السائد في خطاب كل القوى.
يرى مراقبون أنه قبل ثورة الشباب الشعبية السلمية لم يكن التصنيف الطائفي بما هو عليه اليوم خصوصا بعد سيطرة أنصار الله على مناطق واسعة من اليمن ومحاولة ربط إنتصارهم بالجانب الطائفي. ويظهر ذلك بوضوح من خلال تفجير دور القرآن والمراكز التعليمية التابعة لبعض الجماعات السنية في البلاد.
ويقول الكاتب اليمني نبيل البكيري في تنبيهه من خطر الطائفية التي توشك أن تعود إلى المجتمع "ربما لم يعان مجتمع من المجتمعات العربية كما عانى المجتمع اليمني الذي ابتلي مبكرا بمرض الطائفية السياسية منذ النصف الثاني من القرن الهجري الثالث، وحتى قيام ثورة الـ26 سبتمبر/أيلول 1962"
ويرى آخرون أن هذه التصرفات الطائفية ليست غريبة فقد عانت الجماعة من حروب ستة من قبل الدولة وتحريض على عقيدتها في الإعلام الرسمي في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صلاح.
الوحدة اليمنية والتشبث بالبقاء
مع اندلاع الثورة الشبابية في اليمن بدأ الإعلام الرسمي حينها يركز بشكل كبير على أن الوحدة في خطر وأن هذه الثورة ما هي إلا مؤامرة دولية من أجل تمزيق اليمن. في المقابل كانت قوى الثورة تنشد يمنا جديدا متصالحا تختفي فيه أزمات الحراك الجنوبي والحوثيين وتنظيم القاعدة، التي هي جميعها منتجات تم تصنيعها تحت سمع وبصر نظام الرئيس علي صالح وداخل قصوره الرئاسية، على نحو ما كانت تراه القوى الثورية حينها.
ومع تدخل الدول الإقليمية والدولية وصياغة المبادرة الخليجية ودخول البلاد في الحوار الوطني حتى أصبحت اليمن تحت واقع التقسيم الإقليمي الذي يراه البعض بداية التمزق.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع ثورة الشباب في اليمن يبدو أن الثورة قد جاءت بالآتي وفق تصور سابق لكاتب في جريدة الأهرام المصري في مايو من العام 2011 حيث كتب تصور على هذا النحو:
اضطراب المركز واهتراء السلطة في صنعاء، يعني - من الناحية الواقعية- تكريس قدرة الأطراف على تحدي المركز وعدم قدرة المركز على لملمة أطرافه. في ظل ذلك يسود وضع من عدم القدرة على الحسم قد يمتد إلى سنوات، وتبقى الدولة المهترئة على حالة شبيهة بالصومال. وقد يلعب العامل الإقليمي دوره فينتهي إلى دور ما في الشمال لمجلس التعاون الخليجي، ودور دولي في الجنوب يدفع إليه ضرورة ضمان المرور الآمن للنفط. وأخطر ما في هذه الحالة "الانفصالية بحكم الواقع" أنها لن تكون محل اعتراف رسمي من المركز في صنعاء، مما يعني أنه لسنوات تبقى الدولة اليمنية من دون معنى حقيقي، وتعاني من فراغات سلطة أو من سلطات دون الدولة في المناطق الأساسية، وهو ما يفتح الباب لاضطراب إقليمي واسع.
حقوق الإنسان خلال سنوات الثورة
بعد الثورة الشعبية التي أرتكزت على الحرية والمطالبة بحرية الإنسان وضمان حقوقه يقف الكثير من اليمنيون مسلوبي الحقوق.
سنكتفي في الحديث عن حقوق الإنسان أثناء الثورة اليمنية بمقتطفات من التقرير العالمي لحقوق الإنسان 2013
يقول التقريرأنه قد أفرج جميع أطراف الانتفاضة عن العديد من المتظاهرين والمقاتلين وآخرين كانوا قد احتجزوهم تعسفاً. إلا أن العشرات من المحتجزين ما زالوا وراء القضبان، طرف الحكومة وطرف قوات المعارضة، وقد زعم البعض لدى الإفراج عنهم تعرضهم للتعذيب.
ويضيف التقرير "بدأت في سبتمبر/أيلول محاكمة لـ 78 متهماً في الهجوم الأكثر دموية على المتظاهرين أثناء الانتفاضة، وفيه قتل مسلحون موالون للحكومة 45 شخصاً وأصابوا 200 آخرين، في 18 مارس/آذار 2011. شاب مرحلة الملاحقة القضائية تدخلات سياسية والإخفاق في عمل التحريات الكافية بشأن الأدلة على تورط المسؤولين الحكوميين. ما زال أغلب المتهمين في القضية هاربين.
ووفق التقرير فإن الحكومة استمرت وقوات المعارضة داخل صنعاء في استخدام الأطفال في دوريات الشوارع وفي حراسة نقاط التفتيش وأحياناً في أعمال القتال خلال فترة السنة الأولى والثانية للثورة.
ويضيف التقرير تمركزت قوات تابعة للدولة وجماعات معارضة مسلحة في مدارس في شتى أنحاء اليمن، مما عرض الأطفال للخطر وقوض من عملية التعليم. بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران تعرضت أكثر من 170 مدرسة في شتى أنحاء اليمن لهجمات أو لاستخدامها لأغراض عسكرية، طبقاً لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
ويقول التقرير تحسنت أحوال حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي كثيراً خلال عام 2012. لكن تعرض الكثير من الصحفيين لاعتداءات ومضايقات من قبل أفراد وجماعات مسلحة من مختلف الخلفيات السياسية.
وعن الوضع في الجنوب قال التقرير في عدن والمُكلا ونقاط ساخنة أخرى في الجنوب، استخدمت قوات الأمن قدراً غير متناسب من القوة ضد فصائل سلمية في أغلبها ضمن ما يُعرف بالحراك الجنوبي، وصعّدت الفصائل المسلحة بالحراك الجنوبي من هجماتها على قوات الأمن.