الرئيسية > محافظات > ليلُ حضرموت للصلاة

ليلُ حضرموت للصلاة

ليلُ حضرموت للصلاة

يبدو شهر رمضان مختلفاً في حضرموت (شرق اليمن) بالمقارنة مع المحافظات الأخرى. وتتجلّى خصوصيته من خلال طقوسه وعاداته وتقاليده الكثيرة. وعادةً ما تعجّ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح، وتصدحُ مآذن المساجد بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن. فيما ما زال الأهالي يحرصون على تنظيم وحضور الدروس الدينية. وعلى الرغم من الأزمة الخانقة في البلاد نتيجة الحرب، وانعدام المحروقات والغاز وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ترى المواطنين يكابدون للحفاظ على طقوسهم الرمضانية.

في مدينة تريم التاريخية شرق المحافظة، يصلّي الناس طوال الليل إذ تختلف مواعيد صلاة العشاء والتراويح بين مسجد وآخر. هناك مساجد تبدأ الصلاة عند الساعة الثامنة مساءً وأخرى عند التاسعة مساءً. في المقابل، هناكَ مساجد تبدأ الصلاة الساعة الثانية عشر عند منتصف الليل. بمجرّد أن تدخل المدينة مساءً، ستستمع حتماً إلى المآذن تتلو القرآن. في المدينة أكثر من 400 مسجد، وتعرف بانتشار مراكز تعليم الشريعة. ولعلمائها وتجارها فضل كبير في نشر الإسلام في شرق آسيا، علماً أنها تعدّ إحدى أكثر المدن المحافظة في البلاد.

وتنتشرُ عادة "الختومات" في حضرموت، وتعد عادة رمضانية بارزة ما زال الأهالي متمسكين بها، ويعدونها فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية. والختومات، وإن كان يقصد بها "ختم القرآن"، إلا أنها في الواقع عبارة عن يوم يحدد لكل منطقة أو حارة، يزور خلالها الناس بعضهم البعض. وغالباً ما تكون المواعيد في الليالي الفردية من شهر رمضان، فيما تكون الأخرى للراحة ويطلق عليها اسم "عقبة"، وهذا أمر متعارف عليه في غالبية مناطق المحافظة.

وأخيراً، باتت الختومات بمثابة فرصة لإحياء التراث. وقد شهدت السنوات الأخيرة تنافساً بين المناطق، وخصوصاً في المدن، لإظهار يوم الختم في أبهى حلة. وتسعى كل منطقة لإبراز ختمها من خلال رقصات شعبية أو فعاليات تراثية فضلاً عن ارتداء الزي التقليدي. أما الأطفال، فيعتبرون الختم مناسبة للفرحة، ويرتدون الملابس الجديدة، لتتحول المنطقة إلى مهرجان ثقافي وسوق مفتوح. أما المساجد في ليلة الختم، فتتنافس على الذكر وتلاوة القرآن والموشحات الدينية حتى بعد منتصف الليل.

أما "المسحراتي"، فيجوب بعض مدن حضرموت بعد منتصف الليل، بهدف المحافظة على تقليد يعود إلى مئات السنين على الرغم من عدم حاجة الناس إليه ربما للاستيقاظ. و"المسحراتي" أو ما يطلق عليه "المفلح"، هو شخص يجوب الشوارع الرئيسية ويردد بعض الأهازيج على إيقاع الطبل، معلناً أنه وقت السحور وإيقاظ الناس. وينتظر الأطفال لحظة خروجه ليجوبوا معه الشوارع مرددين أهازيجه قبل العودة إلى بيوتهم. يردد: "يلّا صلوا القيام واركعوا مع الراكعين. أصحوا يا نائمين رمضان كريم، يا نايم وحّد الدّايم، قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم".

تجدر الإشارة إلى أن هذه العادة تعود إلى أكثر من ألف عام. في ذلك الوقت، نادى للسحور عنبسة ابن اسحاق في الفسطاط، وكان يمشي من مدينة السكر إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس للاستيقاظ. وغالباً ما يورث "المسحراتي" عمله لأحد أبنائه بعد تقدمه في السن أو موته. وتقديراً لعمله، يقدم الأهالي له نهاية شهر رمضان بعض النقود أو المواد الغذائية والحلويات. وتنتشر هذه العادة في مصر والشام وعدد من الدول العربية، وتتشابه الطقوس مع وجود اختلافات بسيطة في نوعية الأهازيج التي يرددها المسحراتي.

أما عن الأطباق الحضرمية التي تزدهر في رمضان، فأبرزها " الشُربة" التي تتكون من "أرز مطحون، ومياه، وطماطم، وبصل، وثوم، ويضاف إليه اللحم المفروم أو الدجاج أو السمك، وتخلط جميعها وتترك على النار لمدة ساعة تقريباً مع التحريك المستمر. وعند تناول الوجبة، غالباً ما يضاف إليها الخل والليمون وغيرها.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)