نوفل المسني
عمرو بن مزيقيا تاريخيا الحاكم المستبد برقاب شعبه المستكين لواقع الهزيمة ,الهارب من مواجهتها,تاركا شعبه يواجه هذه الهزيمة وحيدا ,أعزل. عمرو بن مزيقيا يترك شعبه ينزف دما ويهرب عندما يعلم بوقوع الكارثة ,وانفجار سد مارب ,يخون رجال قبيلته ,وتراب وطنه, ويبيع أملاكه قبل الرحيل , ثم يهرب ..... هادي لم يهرب لكنه باع وهدم كل شيء !!! حين توجه اليمنيون ملكا على عرش سبا ...مخلصا لهم..وبانيا لمنضومة مستقبلهم بفجر أكثرإشراقا حتى بارك الداخل والخارج هذا التتويج ...لكن الملك كان يعاني من نعاس اليقظة ,وينام لساعات طويلة ليصحوا على فتات متطاير من أشلاء اليمنيين ,فيغسل وجهه على مائدة أخرى من اللامبالاة والبلادة ...
إنه لم يخلع بعد معطف الذل الذي لبسه طوال سنوات سابقة ولم يشاهد وجهه في المرآة. مازال يقبع أمام حائط المبكى ...تخدرت كل جوارحه فلم تعد قادرة على الخروج من الجحر الذي وضعه فيه الرئيس المخلوع ... إنه أشبه بنعامة تعودت دس رأسها في الرمال فكيف حين نلبسها قناع الأسد ..لن يتغير حالها ستضل تدس راسها في الرمال وهذا مافعله هادي ,لم يخرج رأسة إلا وهو محاصر في غرفة النوم . لم لا نتساءل عن الواقع الذي صرنا اليه على يد عمروبن مزيقيا...عفوا..هادي عبد ربه . على يده تدهور كل شيء جميل في الوطن حتى الاحلام ,فإن كان المخلوع هو الفأر الذي نخر في سد مارب فإن هادي هو المعول الخفي الذي دمر كل شيء,لقد مزق الجيش بدلا من أن يبنيه ويعيد له لحمته ووطنيته ..هدم الاقتصاد وأفسد وترك لإبنه جلال قدرات اللعب والعبث في المال العام بشكل لا أخلاقي وبعيد عن الإنتماء للوطن حتى فاح هذا الفساد الى مستويات كبيرة جدا بل وصلت رائحته الى الإعلام العربي والأجنبي . مهد لمليشات الحوثي عبروزيردفاعه السابق كل سبل السيطرة إبتداءا من دماج فعمران ووصولا الى غرفة نومه ...فمن سنلوم سواه ..
لا أكاد أجد فرقا بل ربما لا أذهب بعيدا حين أقول إن كل فصول مسرحيته هي تكرار لفصول مسرحية عمروبن مزيقيا, الذي تآمر مع أبنائه وجعلهم يعتدون عليه لينفذ بجلده ويترك تراب وطنه ومن وثقوا به يغرقون في طوفان اليًم ,دعونا نعود الى بقية العوبة عمرو بن مزيقيا (عمرو بن عامر الأزدي) ...نقل الإمام ابوالفرج بن الجوزي عن الضحاك أن الجرذ الذي خرب سد مأرب كان له مخالب كالحديد وأنياب كذلك وأن أول من علم بذلك هو عمروبن مزيقيا وكان سيدهم وكان قد راى في المنام كأنه إنبثق عليه الردم ,فسال الوادي فأصبح مكروبا ,وإنطلق نحو الردم فرأى الجرذ يحفرويقرض بأنيابه ,فإنطلق الى أهله فأخبرإمرأته وأراها ذلك وأرسل بنيه فنظروا فلما رجعوا قال: هل رايتم مارايت ؟ قالوا:نعم ,فإن هذا الأمر ليس لنا الى ذهابه من سبيل وقد إضمحلت الحيلة فيه لأن الأمر من الله وقد أذن بالهلاك ..ثم إنه عمدوا الى هرة فأخذوها الى موضع الجرذ فصار الجرذ يحفرولايكترث بالهرة فولت الهرة هاربة فقال:عمرو لأولاده إحتالوا لأنفسكم ,فقالوا: كيف نحتال؟ فقال إني محتال لكم بحيلة ,قالوا: إفعل ,فدعا أصغر بنيه وقال له : إذا جلست في المجلس واجتمع الناس على العادة ,(وكان الناس يجتمعون اليه وينتهون برأيه ),فإني آمرك بأمرفتغافل عنه فإذا شتمتك فقم إليٍ والطمني ,ثم قال لأولاده فإذا فعل ذلك فلا تنكروا عليه ولايتكلم أحد منكم ,فإذا رأى الجلساء فعلكم لم يجسرأحد منهم أن ينكر عليه ,فأحلف أنا عند ذلك يمينا لاكفارة لها أن لاأقيم بين أظهر قوم قام إلي أصغر بني فلطمني فلم يغيروا ,فقالوا : نفعل ذلك ,فلما جلس واجتمع الناس اليه أمر ابنه الأصغر ببعض أمره فلها عنه ,فشتمه ,فقام اليه ولطم وجهه ,فعجب الجماعة من جراءة ابنه عليه وظنوا أن أولاده يغيرون عليه فنكسوا رؤوسهم ,فلما لم يغر أحد منهم ,قام الشيخ وقال : أيلطمني ولدي وأنتم سكوت؟ ثم حلف يمينا لاكفارة لها أن يتحول عنهم ولا يقيم بين أظهر قوم لم يغيروا عليه ,فقام القوم يعتذرون إليه وقالوا له : ماكنا نظن أن أولادك لا يغيرون فذاك الذي منعنا .فقال : قد سبق مني ماترون وليس الى غير التحويل من سبيل ,ثم عرض ضياعه للبيع ,وكان الناس يتنافسون فيها واحتمل بثقله وعياله وتحول عنهم فلم يلبث القوم إلا يسيرا حتى أتى الجرذ على الردم فأستأصله ,فبينما القوم ذات ليلة بعدما هدأت العيون إذا هم بالسيل فاحتمل أنعامهم وأموالهم وضرب ديارهم فذلك قوله تعالى )):فأرسلنا عليه سيل العرم )).
لقد خان عمرو بن مزيقيا التراب والرجال وحضارة الأمة ومجدها,فباع الأرض والأهل والديار وفرهاربا ...لقد باع قومه وقبيلته للسيل والتشرد والموت ,فتشردت القبائل اليمنية شرقا وغربا,بعد أن غمر السيلقرى وادي سبأ الذي كان نكبة لم تفق منها اليمن وتتغلب على آثارها الى اليوم. لكن لنا الحق أن نتساءل أين هم شباب الثورة ..؟ نقاء الضمير وصحوة الحق الذين تنكرلهم هادي ووصف ثورتهم بأنها هي من أوصلت الوطن الى هذا المنحى الخطر وطعنهم بالخاصرة وكشف عن رؤيته الماكرة لنقاءالثورة والثوار..أين هم من إسقاط عمروبن مزيقيا..إن ((طريفة)) كاهنة المعبد تمثل بؤرة الوعي وضمير الأمة والوطن وهي تعري الواقع المزري ,فقد أنبأت عمروبن مزيقيا بقرب وقوع الإنفجار وهي تستصرخ عمرو بن مزيقيا أن يوقف نزيف السد وتناشد ضمير الأمة والجماعة أن يصحوامستنهضة همم الرجال لمنع الشر المحدق بالمدينة ,تقول طريفة : (يا أهل مأرب لقد إكتنزتم بالمال ,ونمتم في أحضان الترف فسهيتم عن أمور الدنيا والناس ومايلقون ,وها إن آلهتكم أعجز من أن تدرأ عنكم شر النوازل ,إن يوما من البطر نعمتم به على من إغتصبتم من أقدار الناس لأطول من سنة صلاة وإبتهال ) ولكن أهل مأرب مااستفاقوا ,وماكان للغاوي الطاغية عمروبن مزيقيا قادرا على منع السيل من هدم السد ,فأخفى الحقيقة وقطع لسان طريفة صوت الأمة وضميرها الحي وباع أملاكه وهرب .....وهذا مافعله هادي .