لحضرموت خصوصية، ومكانة خاصة، وليس من السهل أن تفقد عقلها وصوابها وبوصلتها.. والثقة والأمل أن تبقى حضرموت دليلاً وقائداً ورائداً إلى صواب القول والفعل.
منذ أكثر من عشر سنوات وحضرموت تُدفَع نحو النزق والجنون، ولكنها بقيت صامدة وعاقلة.. وقليل من أبنائها عند ما يخالطون الجنون، قد ينتابهم شيء منه! لكن الغالبية في حضرموت تبقى عاقلة ورصينة وموضوعية وبعيدة نظر..
وكانت مواقف ولغة بن بريك والبحسني عندما كانا ما يزالان محافظين لحضرموت، تبدو معقولة، ومسؤولة، ويتحدثون بلغة الدولة اليمنية الواحدة. تغيرت الأمور عند التحاقهما بمشروع الإنتقالي، وبعد ما تغولت أبوظبي في مشروع تجزئة اليمن أكثر، مقابل صمت المملكة وغموض موقفها.
ربما بسبب الضغوط وعدم اليقين، لوحظ أن لغة الزميل العزيز مبخوت بن ماضي، تغيرت قليلاً.. وكنت أظن أن لا شيء سيغير أبو عدنان وهو مؤتمري عتيد وكان مقرباً من الرئيس صالح، وهو نبيل وعزيز على المستوى الشخصي إلى الغاية.
في يونيو 2014 كتبت مقالاً بعنوان : هواي حضرمياً كان وما يزال؛ وكان المتمردون الحوثيون ما يزالون بعيدا عن صنعاء. وعندما كنت في الأردن، كان طلاب حضرموت قريبون جداً من السفارة، من حيث تفاعلهم مع كل المناسبات الوطنية، والعيد الوطني 22 مايو 1990 خاصة. وكانت السفارة في ماليزيا، بقيادة إبن حضرموت الدكتور عادل با حميد، أكثر السفارات إحتفاءً بعيد الوحدة، حتى عندما نكص العليمي ومجلس الرئاسة عن ذلك. وللسفير با حميد نثر وشعر جميل في حب اليمن ومجدها.
حضرموت أكبر من مشروع التفتيت الذي يتبناه الإنتقالي وتدعمه أبو ظبي؛ ومن حقها أن تنتفض على مشروع الكراهية والعنصرية والوعيد، ومشروع القرية، الذي يتبناه الإنتقالي، وكذلك مشروع الحو،ثي الإجر،امي المقيت، فحضرموت بطبعها عالمية، وهو التي ترفع رأس اليمن والعرب، منذ قرون، في أصقاع أفريقيا وآسيا.
حضرموت تطالب الآن بحكم ذاتي! ولكن ممن وفي مواجهة من؟! من الحو،ثي المسيطر قسراً على صنعاء مثلاً؟! أم من الإنتقالي المسيطر على عدن بدعم خارجي؟! لا شرعية ولا مشروعية لأي منهما! أم من الشرعية المهمشة والمغيبة والغائبة عن صنعاء وعدن؟!
أولى بحضرموت أن تقود اليمن؛ وهي نموذج يحتذى في جوانب كثيرة.
قال بن جبريش أن المملكة تساند مطالب حضرموت. ويفهم كثيرون أن ذلك في مواجهة مشروع الإمارات الإنفصالي، ولكن إلا يجدر بالمملكة أن تدعم وحدة الدولة اليمنية؛ ويكون هذا مشروعها في اليمن، بدلاً عن أي مشروع دون ذلك؟ إن ذلك ولا شك أجدر بها؛ بدلاً عن تبني مشروع تجزئة آخر تحت أي عنوان، بما في ذلك مشروع الحكم الذاتي لحضرموت العزيزة.
وفي سياق "التذويب" و"تحلل الكيان اليمني بالتدريج" كما عبر الكاتب السعودي؛ مشاري الذايدي قبل يومين في الشرق الأوسط تمضي مشاريع الخراب. وقد أسهم التحالف العربي في مشروع "التذويب" و" تحلل الكيان اليمني بالتدريج" وتجلى ذلك في خلق ودعم مليشيات متناحرة بدلاً عن جيش وطني واحد.
ونفهم أن مشروع اليوم؛ حكم ذاتي لحضرموت؛ وغدا ستكون الحكاية أخرى تماماً! ونفهم إن السعودية دولة متعقلة ورصينة، لكن الصمت والغموض وبعض التصرفات والمواقف تحيرنا، وقد تؤلمنا كثيراً.
*من حساب الكاتب على منصة إكس