ابتكر عبدالملك الحوثي مناسبة جديدة لجماعته، وظهر الثلاثاء في كلمة بمناسبة قال إنها ذكرى مغادرة المارينز(حراسة السفارة الأمريكية) والتي حدثت ضمن موجة رحيل البعثات من صنعاء فبراير 2015، بعد إعلان الحوثي الدستوري وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس هادي
لماذا الآن؟
ومالذي حصل يومها؟
أولاً: بما أن عبدالملك رجل يُذاكر جيداً في دفاتر الثورة الاسلامية الايرانية القديمة، فهو يريد استكمال عناصر التشابه واقتفاء الأثر -بأثر رجعي- ويصنع لجماعته حدثا ورمزية ضد السفارة الأمريكية كما حصل في طهران عقب الثورة، حيث يحتفل الايرانيون سنويا بذكرى اقتحام السفارة كل عام منذ ٤٦ عاما وحتى اليوم، وها قد أصبح للحوثي ذكرى ومناسبة ضد سفارة "الشيطان الأكبر" ولو أنه لم يتنبّه لها الا بعد عشر سنوات.
ثانيا: يريد الحوثي خلْق رمزيات وروافع يستند عليها في تكوين وتشكيل سرديته وتعبئته ضد أمريكا كعنوان كبير وجاذب لأتباعه، وإعادة استغلال الحدث بأثر رجعي يخدم عنوان تحركه الحالي ضمن المحور الايراني "في مواجهة الاستكبار العالمي".
ثالثاً: الحوثي يلتقط الفرصة لاستغلال الغضب الواسع من تصريحات دونالد ترمب بشأن خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، والتذكير بدور الجماعة المرتبط بغزة حتى لا تخْفُت دعايتها وتقل الاستفادة منها داخلياً بسبب توقف الحرب على غزة قبل نحو شهر.
وأخيراً: توفر هذه المناسبة للحوثي فرصة لإيجاد مناسبة خاصة به في ذكرى ثورة الشباب السلمية الشعبية ١١ فبراير ٢٠١١، وهي ايضا تجلي حقيقة الموقف الحوثي منها، ولذلك حاول في كلمته -وباقتضاب- لمز ثورة فبراير وتبخيسها، بينما أسهب في الحديث عن ذكرى الثورة الايرانية واعتبر أن ثورة الخميني كانت "مكسباً للعرب" وأن ايران "سعت دوما لعلاقة ودية مع العرب" وتحمّس الى حد وصف من يتبنون خطاباً معادياً لايران بأنهم حيوانات وضالين، وأن العداء لإيران هو فقط ترديد لما تقوله أمريكا.
ماذا حصل يومها وقصة "الهروب"؟
بعد الإعلان الدستوري للحوثيين مطلع فبراير ٢٠١٥ وبعد وضعهم الرئيس هادي تحت الاقامة الجبرية وتقديم استقالته وحكومة بحاح، ونقض الجماعة لاتفاق السلم والشراكة الذي تم توقيعه عشية انقلاب الحوثي واجتياحه صنعاء سبتمبر ٢٠١٤.. غادرت معظم البعثات الدبلوماسية الاجنبية من صنعاء بما فيها الامريكية مع عناصر حراسة السفارة، الذين اتلفوا بعض أسلحتهم داخل السفارة وأحرقوها، ثم أعطبوا بنادقهم الشخصية بعد وصولهم المطار وصعود الطائرة، بحسب متحدث الدفاع الامريكية.
كانت اللجان الشعبية للحوثي هي من تسيطر على مطار صنعاء حينما غادر الجنود الأمريكيون، وبحماية الجماعة وباجراءاتها، وعندما رأوهم يكسرون بنادقهم حصل إرباك، وأشيع يومها أن عناصر المارينز تركوا بعض أسلحتهم للحوثيين، لكن المسؤولون الأمريكيون نفوا ذلك لاحقا.
حاول الحوثيون في ذلك الوقت استمرار حالة التقبل الدولية لانقلاب الجماعة وتمرير خطواتهم بتدرج من وسط صنعاء وسعوا للحيلولة دون مغادرة البعثات الدبلوماسية وتعهدوا بحمايتها بما فيها السفارة الامريكية، واستمروا - في الواقع وبعد مغادرة البعثة- يَحمُون سفارة الولايات المتحدة ويحرسونها حتى عام ٢٠٢١، فكيف هربوا يا عبدالملك؟