يميل بعض الناشطين إلى تعريف الصراع الحالي في اليمن بأنه صراع مع الهاشميين، ويجب أن لا يكون كذلك. ولا يليق باليمنيين إلا تبني مشروع وطني إنساني جامع، وهو مشروع المواطنة المتساوية، مثل ما يسود في كل بقاع العالم المحترم، والمشاريع الجامعة نتاج لجهد البشرية السوية ونضجها الإنساني، أما سوى ذلك فهو نتاج التخلف والجهل والانحطاط.
وإذا تعذر على الحوثي، وأشباهه تبني مشروعا جامعا لليمنيين وهذا طبيعي بسبب تكوينهم وجهلهم ومعتقدهم الضال وإجرامهم، فلا يليق بخصومهم إلا تبني المشروع الجامع.
ومن غير شك، فإن المشروع الجامع يقوم في الأساس على هزيمة المشروع الفئوي الطائفي المستند إلى العنف فقط ، بصفة نهائية.
وحقيقة الصراع في اليمن، أنه بين من يدعي أن له وحده الحق المطلق في حكم اليمنيين، بل حكم المسلمين؛ إلى الأبد، على أساس نسب سلالي، حقيقي أو مزعوم، ومعتقد الإصطفاء والحق الإلهي.
ومن يزعم أن له حقوقاً بسبب نسبه وسلالتة فهو عنصري مقيت، يستنكر ويُنبَذ ويجرَّم، وهذا ما صارت عليه الدنيا، كلها. في مسيرة البشرية المعقدة، بما في ذلك المسلمين، سادت في الأزمنة الغابرة، مفاهيم متخلفة، تتعلق بقداسة الحكام، بما يوحي أنهم ليسوا من طينة البشر.
وفي عالم المسلمين ظهرت في زمن بعيد، نظرية قرشية الخلافة، أو علويتها، ويرجع ذلك إلى سذاجة معرفية تتسم بالبدائية، وقد مضت أمم كثيرة في ذلك السبيل من قبل، وكان يقال عن الإمبراطور في الصين، إنه إبن السماء؛ وفي اليابان كان يعد الإمبراطور، إلٰهاِ! وسادت معتقدات في الغرب عن الحق الإلٰهي للملوك، وكان يُدَّعَى أن سلطتهم مستمدة من الله، ولا يحق لأي قوة أرضية تنازعهم في حقهم الإلهي! لكن الثورة في بريطانيا في القرن السابع عشر، والثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، والثورة الأمريكية في القرن الثامن عشر أيضاً، قضت على تلك المفاهيم. وتحررت الإنسانية في الشرق والغرب من الخرافات والظلم والتمييز، ولم يبق من هذه الخرافات المدمرة والإدعاءات الباطلة القاتلة إلا ما يعشش في بعض الرؤوس الجاهلة المتخلفة، في بعض أقطارنا ووطنا اليمن، وآخرها ما جاء من مران، وهي قرية ريفية صغيرة ونائية في محافظة صعدة اليمنية، لكنها تسيطر الان على صنعاء حاضرة اليمن وعاصمتها، وجل سكان اليمن، قسراً وجبراً، وبالعنف المطلق. و في جميع البلدان العربية، تم تجاوز تلك الترهات عملياً؛ ما عدا جماعات ”المهدي المنتظر“ أو"السيد العلم“ الواجب ولايته، بأمر من الله، كما يزعمون زيفاً وكذباً، ويقاتلون من يخالفهم في ذلك!
يتواجد الهاشميون في كل ربوع اليمن؛ وفي بعض المناطق الشافعية يتواجدون بنسبة بسيطة في المجمل ، ولا يختلفون عن غيرهم من المواطنين، سوى في استمرار بعض عاداتهم، في حصر التزاوج فيما بينهم ، وقد تجاوز بعضهم ذلك، خاصة حيث يتوفر الوعي، بما في ذلك عند بعض الزيود الهاشميين.
ولا يقر فقهاء حضرموت السنيون الهاشميون حصر الحكم في البطنين، وكان من الطبيعي أن يصل إلى قمة السلطة في الجنوب اليمني السني، الهاشميان علي سالم البيض، وحيدر العطاس، باعتبارهم مواطنين، كاملي الحقوق ، ليس أكثر من غيرهم، ولا أقل.
وكان الهاشميون في بعض المدن، وبعض الأرياف يقومون بالتعليم، كتاتيب، لكنهم كانوا أميين مثل غيرهم، حيث كانت تسود الأمية المطلقة.
كان أول من علمني القراءة والكتابة، الحبيب عبدالله السقاف ذي الأصول الحضرمية، وكنت أفكر في التوجه إلى ا لحبيب محمد الهدار، ذي الأصول الحضرمية أيضاً، في مدينة البيضاء، لمزيد من العلم، الديني، لكن عمي محمد صالح زجرني، وهو يصحيني من النوم ذات صباح، وقال : المقضية ما هي لنا! وكان يسمى، عندنا، قاضي، الذي يسمى مطوع في السعودية، أو شيخ علم.
ويرجع معظم إن لم يكن جميع الهاشميين في محافظة البيضاء، والمحافظات الشافعية السنية، إلى هاشميي حضرموت ونسبة الهاشميين هناك أعلى. وعادة تكون نسبتهم قليلة وتعد أسرهم بأصابع اليد، في القبيلة المكونة من مئات أو آلاف الناس، وفي هذه الحالة لا يحملون السلاح، ولا يؤذُون ولا يؤذَون . لكنهم في حالات محدودة ونادرة، قد يشكلون تجمعاً قبليا مستقلاً، مثل منطقة الهجر في مرخة، وشيخها الشهير ناصر بن محسن بن الحاج، الذي أوى القردعي وقال الموت عند القردعي ولا الحياة، وكان القردعي حينها متمرداً أو ثائراً على هاشمي آخر، إمام صنعاء، يحيى حميد الدين. وفي منطقة ريام، في رداع، يشكل الهاشميون قبيلة كاملة تحمل السلاح، مثل بقية قبائل المنطقة. و كان بعض مشايخ ريام القبليين منهى في العرف القبلي.
وشارك الشيخ زائد الريامي مع عشرات من قبيلته في قتال الحوثيين، في حرف سفيان، وقابلته هناك في 2010، لكنه صار الآن مع الحوثيين.