أثقلت أزمة اليمن المتعددة الأوجه كاهل المرأة في اليمن، البلد الذي كان فيه التفاوت بين الجنسين شاسعا حتى قبل بداية الحرب. اندثرت سنوات من النضال في سبيل النهوض بحقوق المرأة ومشاركتها السياسية، إذ أن النزاع الذي طال أمده أضاف مستويات جديدة من نقاط الضعف والتحديات أمام المرأة. أصبحت مناصرة حقوق المرأة وإدماجها سياسيا على ذيل أجندة العمل أكثر من ذي قبل. لا ينبغي أن يكون الحال كذلك. إن تمكين المرأة اليمنية أمر أساسي لتنمية وازدهار اليمن.
وكما هو الحال في جميع النزاعات حول العالم، أوجدت الحرب تحديات ونقاط ضعف جديدة أمام المرأة في اليمن – البلد الذي يشغل في الأساس المرتبة الأدنى في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين. وإلى جانب الآثار المدمرة المعروفة للحروب على النساء والفتيات في كل مكان، شهد اليمن ارتفاعا كبيرا في سياسات التميز بين الجنسين. يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق كبير تجاه القيود المفروضة على حرية تنقل النساء، خاصة في الشمال الواقع تحت سيطرة الحوثيين، والقيود المرتبطة بذلك والمفروضة على العاملات في مجال الإغاثة. تقوض تلك القيود قدرة المرأة اليمنية على العمل وعلى تحقيق الاستقلال المالي والإسهام في تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية والخدمات الاجتماعية للمستضعفين من اليمنيين في مختلف أنحاء البلاد.
يعد تمكين المرأة أمر أساسي لبناء مجتمعات قادرة على الصمود في مواجهة الأزمات. تعتبر المرأة عاملا محفزا للتنمية المحلية والصمود الاقتصادي. لذلك يصب فتح المجال أمام قدرات وإمكانيات المرأة في الصالح العام. إن إقصاء نصف المجتمع من سوق العمل ومن صناعة القرارات العامة هو ضرب من الحماقة بقدر ما ينطوي عليه من تمييز ضد المرأة.
وبينما نحتفل باليوم العالمي للمرأة، نشيد بالنساء اليمنيات في كل بيت ومزرعة ومدرسة ومستشفى ومؤسسة خاصة وعامة اللاتي يواصلن النضال من أجل ضمان رفاهية أسرهن ومجتمعاتهن رغم كل التحديات التي تواجههن. لطالما كان ولا يزال دور المرأة اليمنية مفتاحا لصمود مجتمعاتهن أمام الأزمات. هؤلاء النساء هن البطلات المجهولات اللاتي يجب ألا ننساهن في هذه المناسبة.
الاتحاد الأوروبي سباق عالميا في تعزيز المساواة بين الجنسين كهدف سياسي رئيسي لعمله الخارجي وسياسته الخارجية والأمنية المشتركة الرامية إلى تسريع التقدم نحو الأهداف العالمية بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة ضمن خطة 2030. وفي ظل هذه السياسة العالمية للاتحاد الأوروبي، نظل ملتزمين بتمكين المرأة اليمنية وتعزيز إدماجها في جميع المجالات، إذ يمثل ذلك إحدى أولوياتنا الاستراتيجية التي نضعها في صميم مشاركتنا مع اليمن. حيث نراعي ضرورة إدراج تعزيز حقوق المرأة وتمكينها اقتصاديا في جميع برامجنا. وبالتعاون مع شركائنا المنفذين، تركز مشاريع التعاون التنموي للاتحاد الأوروبي مع اليمن بشكل خاص على تمكين المرأة وتعزيز إدماجها. من التعليم إلى الرعاية الصحية، ومن المرونة الاقتصادية إلى التكيف مع المناخ، نضع المرأة في صميم برمجة مشاريعنا.
في لقاءاتي العديدة مع نساء يمنيات، يبهرني على الدوام التزامهن الثابت بالمشاركة السياسية ورغبتهن في المساهمة في مستقبل بلدهن. أعتقد أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لنا نحن الرجال أن ندافع عن هذا الأمر لأننا نحن من يتوجب علينا إفساح المجال أمام زميلاتنا ومواطناتنا. علاوة على ذلك، علينا أن ننتقل من الأقوال إلى الأفعال. لقد سمعنا كل الحجج الدفاعية لفترة طويلة جداً، وقبلناها لفترة طويلة جداً. وفي عام 2024، لم يعد هناك عذر لإقصاء المرأة عدم احترام حقوقها الإنسانية. وبعد انقضاء عشر سنوات على اختتام مؤتمر الحوار الوطني، أصبح التمثيل المنصوص عليه بنسبة 30٪ على الأقل للنساء في جميع هيئات صناعة القرار لرسم مستقبل البلاد أبعد مما كان عليه في عام 2014.
أثناء حواراتنا مع المسؤولين اليمنيين، لا نفوت أي فرصة للتأكيد على أهمية ضمان الإدماج السياسي للمرأة. لا يزال هناك مجال كبير للتحسن في هذا المجال ولن نستسلم. إن تحقيق تسوية سياسية عادلة ومستدامة وشاملة في اليمن هو الأولوية القصوى للاتحاد الأوروبي. فقط من خلال السلام الدائم يمكن لليمن أن يزدهر ويمكن لليمنيين الحصول على حياة أفضل. ولا يمكن تحقيق هذا المشروع الطويل الأمد لمستقبل اليمن إلا من خلال الإدماج الحقيقي للمرأة في جميع جوانب الحوار السياسي وبناء السلام.