منذ بداية الأزمة اليمنية، التي رافقت ما تم تسميته بالربيع العربي عام 2011، والمملكة تحرص حرصاً صادقاً على إنقاذ اليمن من الأخطار الجسيمة التي تتهدده، ومن أجل ذلك قدمت المبادرات والمساعي الحثيثة المخلصة، ودعمت المبادرات الدولية والقرارات الأممية، ورعت مؤتمرات الحوار والمشاورات كي لا يمضي اليمن في مسار الانهيار. وعندما تفاقمت الأمور بانقلاب الحوثيين استجابت المملكة لمطلب الحكومة الشرعية بالتدخل منعاً لاختطاف كل اليمن وبسط سلطتهم عليه وتسهيل التدخلات الخارجية في شؤونه وما يمثله ذلك من تهديد لأمن الجوار وخطر على استقرار المنطقة.
وعندما شكلت المملكة التحالف العسكري لمواجهة الحوثيين كانت في ذات الوقت تتبنى الحلول السياسية وتدعمها وتهيئ الظروف المناسبة لها بمشاركة كل المكونات اليمنية بما فيهم الحوثيون، ومع المواجهة العسكرية أنشأت المملكة برنامجاً ضخماً لإعادة إعمار وتنمية اليمن في كل المجالات، وحاولت تذليل كل العقبات من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة.
هذا الهدف عرقلته عقبات ليس بسبب الحوثيين فقط ولكن أيضاً بسبب الخلافات لدى الأطراف الأخرى التي تمثل مكون الشرعية، وخلل الأولويات لديهم، وتقديم الثانوي على الأساسي أو المهم قبل الأهم، ومن أجل التوافق والوفاق بينهم رعت المملكة في مثل هذا الوقت من العام الماضي حواراً يمنياً شاملاً انتهى إلى تكوين مجلس قيادة يمني برئيس توافقي وأعضاء يمثلون الطيف السياسي اليمني، لبدء مرحلة جديدة نحو يمن جديد.
الآن تبدو الفرصة مهيأة بشكل كبير لإحلال السلام في اليمن، المستجدات الإقليمية والدولية تتيح فرصة سانحة لتحقيق هذا الهدف الذي ينتظره اليمنيون، والمملكة تبذل جهوداً أكبر لتسهيل المهمة وإزالة العقبات من طريقها، لكن العامل الأهم لنجاحها هو الوفاق بين المكونات السياسية اليمنية والاتفاق على تغليب المصلحة العليا لليمن، والتخلي عن الأجندات الخاصة، وتأجيل الملفات القديمة إلى ما بعد استقرار الدولة واستتباب الأمن والسلام. إن المكونات السياسية اليمنية تقف الآن في موقف تأريخي حساس سوف يحسبه اليمن لهم أو عليهم، وكل محبي اليمن يأملون أن يحسب لهم.
*عكاظ