محاولة فهم الإمارات، تشغل كل العالم.
كل الناس، يريدون أن يعرفوا ماذا تريد الإمارات على وجه التحديد.
أمس، كان ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد في أنقرة وأنجز مصالحة مع أردوجان حامي الإخوان المسلمين الذين تعاديهم ب ١٠ مليار دولار.
واليوم، تستقبل أبوظبي نائب وزير خارجية إيران علي باقري الذي كال المديح للإمارات واتفق مع الدكتور أنور قراقاش على فتح صفحة جديدة بين البلدين خصوصا بعد "التموضع" الذي أهدى عملائهم الحوثيين في اليمن ١٠٠كم على ساحل البحر الأحمر.
والمتوقع أن تقيم وزارة دفاع اسرائيل معرضا لمنتجاتها من السلاح للبيع في الإمارات. هذه كلها تحولات درامية من أشطر تجار الجزيرة العربية. ولكن ما يهمنا- اليوم- هو أفعال الإمارات في اليمن. **
أولا: ظواهر الإمارات في اليمن
** •ظاهرة عيدروس: * تشجع الإمارات الانفصال بدعمها ل "الرئيس" "القائد" "الزعيم" عيدروس الزبيدي ومجلسه الانتقالي في عدن وسقطرى.
•ظاهرة باب المندب * تحتل حصريا جزيرة ميون في باب المندب. وتتفاخر بأنها إنما تقدم خدمة للمجتمع الدولي بحماية هذا الممر المائي الحيوي للنقل والتجارة الدولية.
•ظاهرة طارق: * تشجع وتمول طارق صالح، الذي معه ألقاب قيادة وزعامة متعددة وقوات بأسماء مختلفة كل ما يجمع بينهم كلهم هو ولاءهم للإمارات. ولا ندري ما فائدتهم كلهم لليمن خارج تنفيذ نزوات الإمارات. وآخر نزوة كانت هي إخلاء ١٠٠كم على ساحل البحر الأحمر بسكانها ومزارعها وسمكها ومنافذها، هدية مجانية للحوثيين تحت إسم "التموضع" الذي حاولوا تحسينه بالبرْطَعة في خبوت وبراري فارغة لا قيمة لها في مديرية حيس.
•ظاهرة "قاعدة" عمار: * عمار صالح، كان هو المسؤول عن "رجال صالح الملتحين" ويتلاعب بهم تحت مسمى قاعدة جزيرة العرب. استولت الإمارات على "رجال صالح الملتحين"، وتقوم هي الآن بنفس التلاعب بأمريكا تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
•ظاهرة المخابرات * هناك قناعة عامة عند اليمنيين بأن هناك سياسيون، ومن يسمون أنفسهم ب"مشائخ"، ووجاهات محلية كثيرة، وأدوات قتل فتاكة تقوم بأعمال تفجير واغتيالات من وقت لآخر، وكل هؤلاء تمسك بخيوطهم المخابرات الإماراتية. **
ثانيا: محاولة فهم الإمارات
* لا يمكن فهم الإمارات أبدا لأنها هي نفسها لا تفهم ماذا تفعل. القاسم المشترك بين كل ما تفعله الإمارات في أي مكان، هو أنها معها مال ومخابرات. إمكانيات مالية هائلة وصندوق سيادي بثلاثة تريليون دولار وشيك مفتوح على بياض تصرف منه كما تشاء. ومعها جهاز مخابرات بدون كوابح أو ضوابط أو قيادة سياسية فكرية، جهاز مخابرات معه حرية مطلقة لأن يعمل ما يشاء وقت ما يشاء في أي مكان يشاء من بلدان المنطقة، ومع جهاز المخابرات هذا ترف أن يغير رأيه في أي لحظة وأن يتخلى عن تحقيق أي مهمة في منتصف الطريق بدون أي لوم أو عتاب.
ولا يقدم جهاز المخابرات هذا أي فائدة أو مصلحة أو غرض أو هدف للإمارات نفسها أو للخليج أو للعرب أو للعالم. القاسم المشترك بين كل ما تفعله الإمارات، هو فقط أنها "تستطيع" أن تفعله بالفلوس والمخابرات. **
ثالثا: الإمارات والحوثيين
** نحن نعترف بأن الإمارات هي من حررت عدن وهي التي طردت قوات الحوثي وصالح من عدن. والإماراتيون هم الذين أنقذوا أهل عدن من بشاعة تصرفات الحوثيين وتدميرهم الغير مبرر لأحياء كاملة في عدن كنوع من العقاب الجماعي بسبب مشاعرهم الكارهة لمجيئ قوات الحوثي وصالح. لولا الإمارات، لما كان يمكن أبدا لأي جهة يمنية جنوبية أو شمالية أن تخلص عدن من قبضة الحوثيين.
رابعا: مفاجأة الامارات الفاجعة
** ثم تحولت المفاجأة السارة للإمارات إلى فاجعة. هذا الفعل الإماراتي المشرف بإنقاذ عدن- الذي أثار إعجابنا كلنا- ما لبث بالتدريج أن تغير بأفعال غريبة غير مفهومة وتغيرت معه مشاعر اليمنيين تجاه الإمارات بأن تحول لسخط يمني عارم.
•أصبحت عدن الإماراتية طاردة لعموم اليمنيين.
•منعت الإمارات طائرة رئيس الجمهورية من الهبوط في عدن.
•طردت الإمارات رئيس الجمهورية من عاصمته.
•طردت الإمارات الحكومة من عاصمتها عدن.
•أنشأت الإمارات قوات نخب وقوات أحزمة أمنية ومقاومات بأسماء مختلفة في كل الجنوب وعلى ساحل البحر الأحمر وكلها تعادي رئيس الجمهورية ولا تأتمر بأوامره ولا تتبع جيش اليمن.
هذه الأفعال الإماراتية، هي من أكبر عوامل فشل الشرعية والسعودية في اليمن. هذه الأفعال الإماراتية، هي السبب الرئيسي حتى في الكوارث الإنسانية في اليمن التي لا علاقة لها بسوء الأداء السياسي والعسكري في مواجهة الحوثيين. موضوع اليوم هو عن الإمارات، ولكي لا يطول الموضوع لن نتطرق لمسؤولية المملكة العربية السعودية عن كل أفعال الإمارات. **
خامسا: ماذا ستفعل الإمارات الآن؟
** الغالب أن الإمارات ستقفل الدكان في اليمن. الإماراتيون، تجار ترانزيت ومن أشطر الناس في الحصول على الربح والرزق السهل.
وهناك مثل شهير: "ترك التجارة، تجارة".
يعني أن التاجر الشاطر عندما يرى أن دكانه ابتدأ يخسر، فإن قفل الدكان والانتقال إلى مكان آخر ينجيه من خسارة فادحة، وهذا يعتبر شطارة وتجارة بالرغم من أنه ترك للتجارة.
كثرت عوامل الخسارة على الإماراتيين في اليمن بالعوامل التالية:
١- إيران، أفهمت الإمارات "تماما" بطريقة لا يمكن رفضها أو تجاهلها أنها يجب أن تخدم الحوثيين وألا تتسبب لهم بأدنى ضرر.
٢- أمريكا، أفهمت الإمارات تماما أنها لا تريد أي صراعات في اليمن أو في المنطقة.
٣- أمريكا، ربما أفهمت الإمارات بأنها لا تقبل بشرذمة وتفكيك اليمن. **
سادسا: الإمارات زودت الماء على الطحين
** لم تكتف الإمارات بالإيحاء بأنها قد قفلت الدكان في اليمن، ولكنها زودت الماء على الطحين حتى أصبح مائعا بدون أي قوام أو عجين. قفزت تصالح بشار الأسد في سوريا. تلقت مديح وإعجاب حسن نصرالله اللبناني في خطبة علنية بمناسبة يوم الشهداء الذي هم نفسهم كانت الإمارات تعاديهم.
وتنططت الإمارات تصالح وتبذل ١٠ مليار دولار لأردوجان في تركيا وهم حماة الإخوان المسلمين الذين ناصبتهم الإمارات العداء. استقبلت مسؤولين إيرانيين في أبو ظبي الذين يكيلون لها المدح على قراراتها الجديدة الصائبة، بعد أن كانت الإمارت عضوة بارزة في التحالف العربي الداعم لشرعية اليمن ضد الحوثي وإيران. الفترة القادمة- في اليمن- مائعة بعض الشيئ وسنراقب كيف ستتشكل من جديد.