ثمانية وخمسون عاماً مضت وانقضت من اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م وما زال صداها مدوي في سماء كرامة وعزة كل اليمنيين, ثمانية وخمسون عاماً مضت على اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر المباركة أجيال ذهبت و أخرى حضرت, ثمانية وخمسون عاماً منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة في جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني بقيادة الشهيد راجح بن غالب لبوزة, ثمانية وخمسون عاماً مضت على ثورة الـ14 من أكتوبر المجيد تحكي لنا قصة التلاحم الشعبي في طول اليمن وعرضه وتكامل نضال تجاوز المشاريع المناطقية و السلالية و تحكي لنا فصولاً من العلاقة التكاملية بينها وبين ثورة 26 من سبتمبر, حيث تجسدت في معاني النضال المشترك للثوار ضد الكهنوت الأمامي والاستعمار البريطاني, وتوجت بالانتصار العظيم لإرادة اليمنيين وطرد المحتل البريطاني من كامل التراب الوطني, وتم استعادة الأرض من قوة لا تقل همجية واستباحة للأرض واستعباداً للإنسان عن تلك التي ثار ضدها في الشمال ثوار ثورة 26 سبتمبر .
لقد كانت ثورة الـ14 من أكتوبر من أعظم الثورات العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين, وقد هدفت هذه الثورة إلى إسقاط الحكم السلاطيني والذي صنف بأنه رجعي متحالف مع المستعمر البريطاني, والى إعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيراً نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية, واستكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية, وإقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور, كما هدفت أيضاً إلى بناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثرواته, وتوفير فرص التعليم والعمل لكل المواطنين دون استثناء, وإعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسئولياتها الاجتماعية, وبناء جيش وطني شعبي قوي بمتطلباته الحديثة تمكنه من الحماية الكاملة لمكاسب الثورة وأهدافها .
لقد جاءت ثورة الـ14 من أكتوبر تتويجاً لنضال الشعبِ اليمني العظيم في وجه الاستعمارِ البغيض، لتتكامل واحديه الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتتصل وحدة النضال اليمني الأصيل ضد الاستعمار البغيض والاستبداد الإمامي الظالم ومثلت ثورة أكتوبر منعطفاً هاماً واستثنائياً في تاريخ اليمن المعاصر، قهرت المستعمر وانتصرت للإرادة الشعبية والأهداف العظيمة والقيم الإنسانية النبيلة، وستبقى ذكرى هذه الثورة حية في قلوب الأجيال يستلهمون منها المعاني السامية، وتمنحهم الثقة بقدرة الشعب على تحقيق التطلعات مهما كان حجم التحديات, لذا ينبغي على اليمنيين الانتصار لأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين ودماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة لإزاحة الظلم والاستبداد عن كاهل أبناء الشعب اليمني, والله من وراء القصد .
إن ثورتي سبتمبر وأكتوبر من أعظم الثورات التي غيرت مجرى التاريخ اليمني لكنها لم تكن صدفة, ولكنها مرت بمراحل نضالية عديدة قُدم خلالها قافلة من الشهداء سواء من أبناء المحافظات الجنوبية أو المحافظات الشمالية, فوحدة الأهداف والغايات لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين دليل كبير للعلاقة التكاملية بين روادها التي عضدت قوة الكفاح في شمال اليمن وجنوبه .
حفظ الله اليمن وشعبها وقيادتها