قدمت المملكة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، آليةً لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، تشمل استمرار وقف إطلاق النار بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، إضافة إلى تخلي المجلس عن الإدارة الذاتية لعدن.
تضمن الآلية الجديدة خطوات سياسية ثم عسكرية، وأبرز الخطوات السياسية هي تكليف رئيس الوزراء اليمني بتشكيل حكومة كفاءات، خلال ثلاثين يوماً على أن تباشر الحكومة الجديدة مهامها في العاصمة المؤقتة بعدن.
وهذه خطوة بارزة ومهمة حيث لا يمكن أن تعمل الحكومة بشكل كفء إلا إذا كانت على الأرض بالقرب من حاجات المواطنين، وهذا يوفر لها قدرة توحيد الصفوف بين اليمنيين، في مقابل مشروع إيراني لتغيير المناهج وبناء الحسينيات، لتحويل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى مناطق يتحول فيها الأطفال والمراهقون لجنود في ولاية الفقيه، بما يشابه التجربة الإيرانية في سوريا ولبنان.
ففي سوريا على سبيل المثال تم توقيع عدد من الاتفاقيات التعليمية والثقافية بين البلدين، والتي وصلت إلى 11 اتفاقية، آخرها في نهاية شهر يناير الماضي، عندما وقعت وزارة التعليم السورية ووزارة التعليم الإيرانية مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتجارب في المجالات العلمية والأكاديمية والتعليمية، يشمل ذلك طباعة الكتب في إيران، ويعد هذا استكمالاً لما كانت تعمل عليه الملحقية الثقافية قبل الثورة.
وما يحدث في سوريا على مستوى الاحتلال الثقافي يجب أن يكون حاضراً في أذهان كل عقلاء اليمن، ذاك أنه ليس استعماراً فرانكفونياً على الطريقة الفرنسية مثلاً، والتي وإن نشرت اللغة إلا أنها نشرت معها الثقافة والأدب، أما على المستوى الفارسي، فالثقافة المرجوة هي ثقافة الولاء لمرشد إيران عوضاً عن الولاء للدولة الوطنية، وتحويل الأجساد إلى قنابل تفخخ الطرق لمصالح إيران.
والأرقام التي تأتي من سوريا في هذا الشأن شديدة الخطورة، ففي منتصف 2019، بلغ عدد الحسينيات نحو 500 حسينية ونحو 69 حوزة شيعية، نجحت الأنشطة التعليمية التي تقوم بها مع الدعم المالي، في تحويل نحو 7500 شخص من جنوب وشرق سوريا إلى المذهب الشيعي بنهاية عام 2019.
وعلى مستوى تعليم اللغة الفارسية، بلغ عدد دورات اللغة الفارسية في مقر الهيئة الاستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق 100 دورة، وفي مركز اللاذقية 52 دورة. إضافة إلى هذه المخاطر الثقافية، يجابه اليمنيون خطراً آخر وهو احتمال رفع حظر الأسلحة عن إيران أكتوبر القادم، وهو ما سينعكس مباشرة على قدرة الحوثيين العسكرية.
والمخاطر على المشهد اليمني لا تنحصر في هذا الأمر خلال 2020، فهناك خطر محتمل من جانب وصول الديموقراطيين للبيت الأبيض، ويكفي أن نعود لتصريح أوباما عن اليمن قبل سنوات، حين قال: اليمن لم يكن يوماً ديموقراطياً، في حين كان ينظر للانتقال الديموقراطي في مصر وتونس. ولهذا فتوحيد الجهود العسكرية بين الشرعية والمجلس الانتقالي أمر بالغ الضرورة اليوم، والعودة لتحرير الحديدة عقب أن ماطل الحوثيون كثيراً بعد اتفاق ستوكهولم خطوة بالغة الأهمية لتحرير الأرض، وإنقاذ اليمن والبحر الأحمر من كارثة حاملة النفط «صافر» التي يرفض الحوثيون السماح بصيانتها منذ عام 2014، فالحوثيون إذا لم يقطع خط المساعدات الذي يربط الحديدة بالعاصمة، وخط الإمداد الذي يربط صنعاء بصعدة فلن يجنحوا أبداً لحل سياسي.
الشعب اليمني يحتاج لحظة مسؤولية من كل القيادات اليمنية، بين حكومة تعمل على الأرض للوقوف على حاجات المواطنين، والعمل على توفير الخدمات الصحية اللازمة للتعامل مع جائحة كورونا، وتحقيق تجارب ناجحة في المناطق المحررة، وبين قوات عسكرية مشتركة، تجعل كل المعارك مؤجلة عدا عن معركة التصدي لمشروع التفريس بأيادي الحوثيين.
*نقلاً عن عكاظ