بنهاية شهر يوليو (تموز)، واحتفالات عيد الأضحي المبارك ظهر حدثان رئيسيان طرآ على مشهد الأزمة اليمنية. الحدث الأول تمثل في نجاح الدبلوماسية السعودية بتقديم للطرفين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي «آلية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض»، والحدث الثاني ذات الطابع الدولي تمثل في التوقيت نفسه لإحاطة غريفيث الدورية لمجلس الأمن الدولي. لم يكن من السهل على المملكة العربية السعودية التقريب بين اختلاف، إن لم نقل صعوبة إيجاد أرضية للتفاهم بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، على خلفية تضارب المصالح والأولويات بينهما في تفسير «اتفاق الرياض»، الذي تم توقيعه بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2019 برعاية المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
فقد قام كل طرف من الطرفين بتفسير بنود اتفاق الرياض بشكل متناقض مع الطرف الآخر: هل البدء بالتنفيذ بالشق السياسي من الاتفاق أم بالترتيبات العسكرية والأمنية بما جاء في الاتفاق؟ أمام هذا الانسداد في الموقف من قبل الطرفين فإن المبادرة السعودية وتسميتها ذات المغزى الكبير بـ«آلية لتسريع تنفيذ (اتفاق الرياض)»، بمعنى آخر كفى ما تم هدره من وقت من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بأكثر من ثمانية أشهر، حان الآن وقت التوصل إلى تحريك بنود الاتفاق لشهر نوفمبر.
وأشارت في هذا الصدد وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلاً عن مصدر مسؤول، إلى أن الطرفين وافقا «على النقاط التنفيذية التي تتضمن استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الطرفين، وإعلان المجلس الانتقالي التخلي عن الإدارة الذاتية وتطبيق بنود اتفاق الرياض وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن... وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً، وخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل قوات الطرفين في (أبين) وإعادتها إلى مواقعها السابقة، (وإصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي فور إتمام ذلك)، وأن يباشروا مهام عملهم في عدن والاستمرار في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض في كل نقاطه ومساراته»، وقد ثمنت المملكة التجاوب المثمر من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ووفدي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أدى إلى التوصل إلى هذه النتائج الإيجابية، وتؤكد في الوقت ذاته أهمية الالتزام بما تم التوصل إليه.
ملاحظاتنا السريعة على تصريح المصدر السعودي المسؤول تتمثل في عبارات ربما بغرض ترك المساحة لتفاهمات لاحقة بين الطرفين مثل قوله: «بخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة من دون تحديد مكان وجهتها، بينما في فقرة أخرى أكد بالتحديد فيما يخص فصل قوات الطرفين في (أبين) بإعادتها إلى مواقعها السابقة». والملاحظة الثانية تتعلق بموضوع تشكيل الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي.