في أغسطس من عام 2008، قبل أيام من احتلال الحوثيين العاصمة صنعاء، خرج عبدالملك الحوثي خاطباً في اليمنيين مندداً بقرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، دفاعاً عن المواطن اليمني المغلوب على أمره، مرفقاً ذلك بمطالبة بإسقاط الحكومة.
وقبل يومين أعلن الحوثيون تنفيذ تعديلات تحت مسمّى «اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة»، تم فيها تخصيص امتيازات حصرية لمن وصفوهم بـ«بني هاشم» في إيرادات الدولة عن بقية اليمنيين، مما يسمح للميليشيا الإنقلابية الاستيلاء على ما يسمى الخُمس (20%) من ثروات اليمن؛ سواء كانت في البر أو في البحر، يشمل ذلك أملاك الدولة والمواطنين اليمنيين.
هذان المثالان يشرحان الفرق بين الشعار والممارسة لدى الميليشيا المدعومة من إيران، ويبين بشكل أكبر أين يراد لهذا المشروع أن ينتهي، فهو كما عبر نصرالله يوماً عن مشروعه في لبنان بأن يصبح جزءاً من جمهورية الولي الفقيه، فهذا لا يختلف أيضاً على مستوى المستهدف للجمهورية اليمنية.
وإذا نظرنا إلى ممارسات الحوثيين في المناطق التي تسيطر عليها، نجد أنها لا تهتم بمصالح الشعب اليمني، ولا تحترم التوازنات القبلية، وفي ملف المساعدات صادرت منها وأخذت الإتاوات وصادرت لقاحات الكوليرا لصالح مقاتليها فقط، وأخيراً افتعلت أزمة محروقات في مدينة صنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرتها، لرفع أسعار البنزين مما يدر عليها دخلاً إضافياً.
وبالتالي هذا الشكل من إدارة الحكم الذي ينتظر اليمنيين لو أحكم الحوثيون سيطرتهم، وبالتأكيد لن يكون حكماً تشاركياً يضم كافة الأطياف في اليمن، كما أثبت ذلك جولات المفاوضات في الكويت وجنيف ومشاورات أستوكهولم.
وبالتالي دحر الحوثي عسكرياً وحصر السلاح في القوات المسلحة والجيش الوطني، الذي له عقيدة وطنية وليست عقيدة تبعية لبلد أجنبي، ليس خياراً بل هو السبيل لإنهاء الانقلاب والعبور للمستقبل.
وهذا ما نجده في بنود اتفاق الرياض، الذي يدعو لتفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية.
الاتفاق شدد أيضاً على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، وتوحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن.
وهذا التحالف في هذه المرحلة هو ما يكفل التصدي لجميع التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، والذي على الأرجح سيتحالف مع الحوثيين، خاصة وهناك دول مثل قطر لديها قدرة نسج خطوط التفاهم وتقاطع المصالح بين الحركات الإرهابية من كافة الطوائف.
إن البناء على اتفاق الرياض، وتوحيد الجهود هو ما يحقق يمناً آمناً، يسمح لاحقاً بالحديث بين كافة الأطياف حول مستقبل اليمن السياسي، فالعربة لا تأتي أبداً قبل الحصان.
*نقلاً عن عكاظ