من يزعم أن اتفاق الرياض الذي وقع بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي لن يتم تنفيذه كاملا؛ فهو إما واهم أو أنه يعيش خارج سياقات معادلات القوى السياسية النافذة التي رعت الاتفاق والضامنة لتنفيذه نصاً وروحاً، والذي أكد على حقوق المواطنة الكاملة واحتواء التمييز المذهبي والمناطقية ومواجهة التنظيمات الإرهابية لإنهاء حالة التشظي والانقسامات والإقصاء.
لقد وضع اتفاق الرياض خريطة عمل لإحداث التوافق وإنهاء أزمة الجنوب التي جثت على صدر اليمن طويلاً، وخلقت صدوعاً جديدةً في نسيج التماسك الاجتماعي اليمني..
وليس أمام الأطراف المعنية إلا الجلوس على طاولة المفاوضات لتنفيذ الاتفاق وإنهاء مسلسل الأعمال العسكرية والمناوشات التي تقع بين حين وآخر في الجنوب، التي هي أكثر أولوية ملحّة لتنفيذ الاتفاق، وإنهاء الانقسامات إذا ما أُريد للسلام أن يدوم في الجنوب..
لقد سئم الشعب اليمني حالة التشظي لأن أي تشظٍّ جغرافي في اليمن ستتجاوز تداعياته الانقسام بين الشمال والجنوب لوجود قوى طائفية إرهابية تتمثل في النظام الإيراني الذي يدعم مليشيا الحوثي الإرهابية التي تسعى لتقطيع أوصال اليمن وتقسيمه وتقويض وحدته، وخلق التهميش، والإقصاء. إن التشظّي الحادّ للمشهد السياسي الجنوبي سيساهم في إعادة الأمور إلى المربع صفر، كون وحدة اليمن وأمنه وسيادته قرارا إستراتيجيا ولن تسمح دول تحالف دعم الشرعية في اليمن بتجاوزه وترفض أي تماهٍ للطائفية مع الانفصالية الجنوبية. لقد سعى التحالف العربي لدعم الشرعية والحفاظ على وحدة وسيادة اليمن ومنع اختطافه وإنهاء التدخلات الإيرانية ورفض انقلاب الحوثي وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن، والعودة لتنفيذ اتفاق الرياض.
وعندما طالب التحالف العربي في بيانه الأخير بوقف أي نشاطات أو تحركات تصعيدية ودعا إلى العودة لاستكمال تنفيذ الاتفاق فوراً ودون تأخير، وتغليب مصلحة الشعب على أي مصالح أخرى والعمل على تحقيق هدف استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، فإنه ذكر مجددا أن اتفاق الرياض هو الأساس لأي عملية سياسية في الجنوب بما فيها تشكيل حكومة الكفاءات حسب نص الاتفاق وممارسة عملها من العاصمة المؤقتة (عدن).
وعلى الحكومة الشرعية التي أبدت دعما وتجاوبا ملحوظا في التعامل مع اتفاق الرياض العمل للبدء في تنفيذه، بالمقابل المطلوب من المجلس الانتقالي وقف المناوشات وأي أعمال عسكرية والالتزام نصا وروحا باتفاق الرياض خصوصا في ما يتعلق بسحب وخروج كافة التشكيلات العسكرية من عدن وتنفيذ آلية تنفيذ الشق العسكري والأمني من الاتفاق.. لقد أظهر التحالف جديته وعزمه لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن وصناعة السلام، والمملكة كونها قائدة للتحالف تعتبر طرفا رئيسيا في أي حلول في اليمن، وأدارت التباينات التي ظهرت بين الأطراف بحكمة وحنكة وساعدت الطرفين بوضع مصفوفة تتضمن خطوات وتوقيتات محددة للتنفيذ خصوصا في ما يتعلق بسحب القوات العسكرية والأسلحة والثقيلة وتخفيف حدة الاحتقان والاستقطابات.
وفي الوقت الذي يحرص التحالف على وحدة وسيادة اليمن يتطلب من جميع الأطراف التجاوب السريع لتنفيذ الاتفاق وتقديم المصالح الإستراتيجية لليمن بما يسهم في تحقيق أمن واستقرار اليمن ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي والفرقة خصوصا أن التحالف العربي تعامل من منطلق المسؤولية، وطالب بتطبيق اتفاق الرياض وعدم مخالفة أي من بنوده باعتباره خارطة طريق لتعزيز الشراكة وإنهاء التباينات ومأسسة العمل وتقاسم السلطة.
التحالف كان وسيظل ملتزما بدعم الشرعية ويؤكد على ضرورة عودة الطرفين إلى المشاركة في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض فوراً ودون تأخير، والعمل على حل الخلافات عبر الحوار.
*نقلاً عن صحيفة عكاظ