لم تعد الأوضاع في اليمن تحتمل المزيد من أجواء التصعيد، ويوم أمس الأول الجمعة، أعلن المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية تركي المالكي، تمديد المهلة التي سبق أن أعلن عنها التحالف قبل أسبوعين، وتقضي بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين إلى شهر إضافي، وهي الخطوة التي قال عنها المالكي: إنها تأتي بناءً على طلب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث.
التحالف اعتبر أن مبادرته تأتي في إطار إتاحة الفرصة لإحراز تقدم في المفاوضات مع الشرعية اليمنية، وجماعة الحوثي حول وقف إطلاق نار دائم في البلاد، وكذلك الاتفاق على تدابير اقتصادية وإنسانية تنقذ البلاد مما تعانيه من أزمات منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح عام 2011، التي تزامنت مع أحداث موجة ما يعرف ب«الربيع العربي»، وما تبع ذلك من تداعيات أدت في نهايتها إلى حرب شاملة مستمرة منذ أكثر من خمس سنوات أحرقت الأخضر واليابس. هدنة التحالف تهدف كذلك إلى استئناف العملية السياسية، وخاصة أن هناك تجاوباً من قبل الطرفين في التعاطي مع المبادرات الأممية، من بينها تلك التي يعلن عنها جريفيث خلال إحاطاته الإعلامية المختلفة أمام مجلس الأمن.
ويبدو أن الأجواء باتت مهيأة لبث الروح في المفاوضات السياسية مجدداً، بعدما توقفت خلال العامين الماضيين، وتحديداً بعد توقيع الجانبين على اتفاق ستوكهولم نهاية عام 2018، الذي عالج جزئية تتعلق بالأوضاع في محافظة الحديدة وما جاورها، وهو الاتفاق الذي كان يضع الكثير من المراقبين آمالاً في أن يكون لبنة أساسية لاتفاق أشمل وأعم، ينهي الحرب، ويوقف تداعياتها الإنسانية.
يمكن فهم تمديد الهدنة من قبل التحالف بكونها رغبة في إيجاد مناخ ملائم لاستئناف المفاوضات التي توقفت بسبب التفسير المختلف لطرفي اتفاق السويد، وهذا التفسير أعاق تطبيقه، ومن ثم البناء عليه ليصبح نموذجاً لإبرام اتفاق يشمل كل اليمن،
وفي جانب آخر من هدنة التحالف، يبدو أن المخاوف من انتشار وباء «كورونا» تهيمن على أجواء المحادثات بين الأمم المتحدة ودول التحالف، خاصة بعد تحذير منظمة الصحة العالمية من أن الوضع في اليمن في حال انتشار الوباء سيكون كارثياً. من المهم اليوم أن تلتقط كل الأطراف، وخاصة تلك التي تقاتل على الأرض، المبادرات الإنسانية والبناء عليها لإيجاد حل دائم ينهي التشظي القائم في البلاد منذ عشرات السنين، التي تخللتها حروب داخلية أدت إلى شيوع حالة من فقدان الأمل في غد أفضل، على الرغم من أن الظروف كانت مواتية لتأسيس يمن قوي، خاصة بعد إعلان الوحدة بين شطريه الشمالي والجنوبي في الثاني والعشرين من مايو / أيار 1990.