ها هي الوقائع تؤكد مجددا أن الحوثية فكرة تعيش بالحرب ، وتتلاشى بالسلام ، وهي لذلك لن تقبل بأي وقف للحرب ما لم يكن ذلك تعبيراً عن القبول بانقلابها كمسلمة لا يجوز مناقشتها من قريب أو بعيد .
بمجرد ما أعلن تحالف دعم الشرعية أنه سيقدم مبادرة لوقف الحرب استجابة لنداء الأمم المتحدة لتمكين اليمن من مواجهة جائحة "الكورونا" العالمية ، قامت الجماعة فوراً بتسريب ما اسموه " وثيقة الحل الشامل لإنهاء الحرب على الجمهورية اليمنية" في استباق يرفض بوضوح أي مبادرة للتخفيف من معاناة اليمنيين .
وبعيداً عن العنوان الملغوم للوثيقة ومحتوياتها التي تستخف بوعي الناس وبما ارتكبوه بحق اليمن ، فإن الجماعة تعمل على استثمار معاناة الشعب ، وتضع شروطها بالانتقال من التهدئة إلى الحل الشامل وهي تعرف أن الحل الشامل يبدأ بخطوة تجسد احترام حاجة الناس في هذا الظرف الصعب إلى حشد الجهد لمواجهة كارثة الوباء ، وتخفيف المعاناة الانسانية ، ومعها تتراكم وتتعزز شروط إنهاء الحرب بقواعد الحل الشامل لسلام دائم تنتهي بموجبه الأسباب الحقيقية التي قادت الى الحرب.
في الوثيقة، التي سربتها قبل إعلان مبادرة التحالف بساعات قليلة ، لم تترك فرصة لتفسير مقاصدها على أي نحو مغاير، ولو بالحد الأدنى ، لإصرارها على مواصلة الحرب ما لم يكن وقف العمليات العسكرية استجابة لشروطها.
ولم تكتف بذلك, فبمجرد أن أعلن التحالف مبادرته بوقف العمليات العسكرية ، قامت بإطلاق صواريخ بالستية إلى قلب مدينة مارب في عمل لا مسئول ، ولا ينم عن اعتبار أو تقدير لما يرتبه هذا السلوك من مخاطر على اليمنيين في قادم الأيام.
اليمن في ظل الأوضاع الراهنة معرض لكوارث المرض والأوبئة والمشاكل الاقتصادية والجوع ، وللذين لا يعرفون حقيقة ما ينتظر اليمن من آلام وأوجاع مضنية خلال الأيام القادمة نذكرهم بأن برنامج الاغاثة لهذا العام تأجل الى هذا التاريخ لانشغال الدول المختلفة بكارثة الوباء ، ولن يكون لديها المساحة المعتادة للدعم الانساني ، أي أن "فائض الإنسانية" الذي يوزعه العالم على المنكوبين بحماقة العصبيات وطيش السلاح والقوة الغاشمة قد تبدد بالكارثة التي بات معها الجميع يئن من وطأة المعاناة.