الحرب أعظم استثمار بالنسبة للحوثيين؛ يستغلونها لتطويع المجتمع وتزوير هويته وتحويله كما قال الزميل "يحيى اليناعي" في أحد مقالاته إلى "مجتمع حرب". لكن.. ماذا لو توقفت الحرب؟.. هل سيصمد مشروع الموت الحوثي أمام استحقاقات الحياة..؟ لن يصمد قطعا.. لأن المجتمع بطبيعته سينبذ مشاريع الموت ويقاطعها.. وهذا يعني اضمحلال مشروع تصدير الثورة. ولنا في العراق خير مثال على ذلك.. فبعد أن توقفت الحرب على داعش.. وانتفى مبرر تشييع المجتمع وتطييفه.. خرج جميع العراقيين.. سنة وشيعه رافضين ذلك المشروع المشؤوم... ولعل أخطر ما يقوم به الحوثي اليوم.. هو التغلغل في عمق المجتمع والكمون في دهاليز الدولة العميقة.. من خلال الاستيلاء على الوظائف من المناصب العليا وحتى أدنى المستويات الوظيفية. فضلا عن استيلائهم على المجالات الحيوية التي تمس حياة الناس اليومية؛ وتتعلق بالاستقرار المعيشي والاقتصادي والسياسي والثقافي، وكذا العسكري.. يعمل الحوثيون ليل نهار للسيطرة على السوق البيضاء والسوداء.. حركة المال والمشتقات النفطية والسلع الأساسية أصبحت بقبضة الجناح المتطرف المرتبط بمشروع الحرس الثوري العابر للحدود. استولوا ايضا على بعض النقابات والمؤسسات الحيوية التي بإمكانهم من خلالها تكبيل الدولة ولي عنقها أذا ما حدث سلام وشراكة.. وهم بذلك يطبقون نفس دور حزب الله الذي أعاق كل محاولات إنقاذ الدولة اللبنانية والتحول نحو دولة المواطنة المتساوية. نجح الحوثيون ايضا في الاستيلاء على الاسوق كما ذكرنا وهم بذلك يضمنون ممارسة دور تخريبي مستقبلا لضمان تنفيذ أجندتهم في حال كان هناك شراكة مع بقية الأطراف. كما أن استهدافهم للتعليم يأتي في سياق مساعيهم لخلق جيل منفصم تماما مع ماضيه المضيء الرافض للعبودية والعودة الى زمن تقديس الخرافة والولاية المزعومة، وهذا أمر خطير ايضا لكنه يناقض طبيعة جيل الثورة والوحدة.. ولهذا ستفشل محاولاتهم وإن بعد وقت.. ورغم كل ذلك.. لن يصمدوا أمام استحقاقات مرحلة السلام والتنمية.. لأنهم كيان تخريب وتثبيط لا كيان تنمية وإعمار.. وبناءً على ذلك نخلص إلى أن مشروع جماعة خرافة الولاية سيسقطه الوعي الشعبي وستتجاوزه مفاعيل السياسة والثقافة والوعي.. لا حياة لمشروع يقدس الموت والخرافات.. في زمن يكون السبق فيه لصاحب الفكرة والإنجاز والنجاح في تتبع أسباب الرفاه المجتمعي.. زمن تذوب فيه العصبيات السلالية والقبلية والمناطقية لصالح الهوية المتجانسة التي تقدس الوطن والإنسان فقط.
*نقلا عن المصدر أونلاين.