خطابات العميد طارق صالح إيجابية ومسؤولة ويجب التعاطي معها بايجابية مقابلة والبناء عليها.
التعامل معها بتشكيك فيه قدر من الخفة واللامسؤولية والرغبة في استمرار التأزيم وفتح فصول معقدة بلا نهاية في إطار الاتجاه الواحد..
لا تحالفات تدوم ولا خصومات أيضا في السياسة والمعركة، وهذه أمور تفرضها ساحات القتال والسياسة وضرورات الإنقاذ والخلاص.. وأقرب مثال كل التغيرات المجنونة التي حدثت في سوريا تقول ذلك..
"العدو هو الحوثي" وضمنيا الرئاسة هي من توجه وتقرر المعركة كما أشار ضمنياً طارق صالح، متخففاً ربما للمرة الأولى من وصايا المرحوم غير المعترفة بالشرعية.
هو يرى أن حرف المعركة باتجاه آخر هو ضرب من الهزيمة أمام الحوثي من أي طرف كان.
وهذا عين العقل، نظرياً على الأقل حتى الآن، ولا يوجد ما يخالفه عملياً حتى الآن، باستثناء مجموعة ترتيبات وتفاهمات ينبغي إنجازها.
وعلى الجميع في صف الشرعية بمن فيهم الرئاسة والتيارات المختلفة - والاصلاح تحديداً - الانفتاح على هذا الخطاب والتواصل والانفتاح، ومن الغباء عدم التقاط التصريحات الايجابية والتواصل للبناء عليها بين أطراف يفترض بها أنها تخوض معركة واحدة.
لنبقى مع العميد طارق صالح؛ الذي تابعت له أكثر من خطاب وكلمة ورغم الملاحظات عليها إلا أن حديثه ومنطقه يبقى أكثر رزانة ومسؤولية واتزاناً من كثير من أفراد الكتيبة المدنية الموتورين الذين لو كانوا يملكون سلطة السلاح لارتكبوا إبادة جماعية بحق حلفائهم إذ لم يعودوا يدركون العدو من الحليف..
يبقى على العميد ان يتعاطى هو ذاته بايجابية أكثر.. كيف؟
يحتاج أن يتقدم خطوات عملية للأمام أكثر من مجرد الكلام الإيجابي الواعي.
لا أظن أحداً بصدد منازعته قيادة ألوية "حراس الجمهورية" على المدى القريب والمتوسط حتى انقضاء معركة اليمن مع الارهاب الحوثي، على أنه لا ينبغي أن تخرج عن الطابع الوطني ومثلها كل الألوية بما فيها تلك في مأرب وتعز وعدن وغيرها.
شكل قواته بشكل مستقل عن سلطات الدولة مع استخدام الشرعية كمجرد "يافطة" او بالعامية "موطفة" مهترئة ستكون نهايتها الحرب البينية مع قوات الشرعية الأخرى يخرج قواته من صفة النظامية إلى الميليشاوية، كما حدث مع قوات الانتقالي، وهذا ما لا يليق به وبخطابه وبتاريخ مزيج بمعنى الدولة.
ثانياً إذا كان الهدف الجمهورية بعيداً عن ضغائن "سلب السلطة" فلا داعي للاحتفاظ بالحالة العدائية الرافضة للشرعية في تكريس لما كان عليه الحال قبل ديسمبر 2017 مع اختلاف مكان التموضع.
إيجابية الخطاب التي يتحلى بها طارق تقتضي أن لا يحتفظ بضغائن الماضي وقد أدرك كارثية التحالف السابق على الوطن والجمهورية التي عاد لحراستها.
مسؤولية الخطاب تقتضي عدم المكابرة على الخطأ السابق
والانفتاح على الشرعية بصدق قولاً وعملاً..
يحتاج طارق صالح لإعلان صريح ينهي بشجاعة خصومة أسرته مع رئاسة هادي وشرعيته أولا لا أن يظل مقيداً بآراء وانفعالات المتطرفين "الانتهازيين المدنيين" الذين استمرؤوا الانتقال بطرق ملتوية وبكل وقاحة ليستكملوا معاركهم الخاسرة دون أن يستفيدوا او يعتبروا..
يلزمه تنسيق كامل مع الدولة الشرعية وله التفاهم حول مستوى من الاستقلالية لقواته لخوض المعركة بضمانات كافية أن لا تتحول معها المعركة كما تحولت مع الانتقالي في عدن.
هذا إن كانوا يفكرون بمعركة وطنية ضد الحوثية الارهابية
كان طارق مركزاً جداً في حديثه والمؤمل بل والمنطقي أن معركته ستكون كذلك وينبغي أن يكرسها معركة وطنية لا أن تظل ثأراً شخصياً وليس من مصلحته ولا غيره أن تظل ثأرا شخصيا.
سيادة العميد..
إن وزر وإثم وفاحشة التحالف السابق لكم مع الارهاب الحوثي هادمي الجمهورية لا يتيح لكم - أخلاقياً- لكم وللكتيبة المدنية هامشاً واسعاً لمواصلة معركة التخوين وتصفية الحسابات الموروثة من التحالف السابق واستكمال المعركة ذاتها التي خاضها الرئيس الراحل رحمه الله لكن من الاتجاه النقيض..
ذلك الاثم والوزر لا يطهره سوى الإخلاص والالتزام في المعركة بجدية تماماً كما ظهر في الخطاب.. وأكثر قليلاً قولاً وعملاً.. على أن للجميع أخطاءهم واوزارهم المختلفة..
الرئيس الراحل صالح كان بشرا وليس نبيا.. اخطأ وأصاب ولاينبغي تقديس مواقفه ووصاياه على حساب معركة وطنية خصوصا أن طارق يدرك أكثر من غيره أن عمه رحل منتفضا لتصحيح "شر أخطائه"، رحمه الله.
وينبغي على من يحبوه أن يدركوا ذلك جيدا، وعلى الآخرين أن يدركوا أن الوطن أكبر من كل الخصومات والأحقاد المريضة، والأولى أن يصرفوا تركيزهم باتجاه معركة وطنية تنقذ الوطن وتنتشله من مستنقع دامٍ لازال بالإمكان عدم الغرق فيه أكثر.. بسلام جاد وحلول متكاملة أو بمعركة وطنية مسؤولة.
*من حائطه على موقع فيسبوك.