" إعرف نفسك وعدوك تحقق ألف نصر في ألف معركة، يكمن عدم الهزيمة في الدفاع وتكمن إمكانية النصر في الهجوم ".
بهذه الكلمات يختصر صن تزو، مؤلف كتاب فن الحرب استراتيجية النصر والهزيمة، كان القائد الصيني يخبر جنوده قبل الفي عام ان الحرب ليست دماء ودمار فقط وإنما هي تخطيط ومعرفة واستخدام للعقل والقدرة على بناء التحالفات وحصر العدو في دائرة ضيقة.
دخلت حرب التحالف العربي في مواجهة الحوثيين عامها الخامس ودخل انقلاب جماعة الحوثي عامه السادس، فيما تصاعدت المعارك بشكل دراماتيكي وتبدلت التحالفات داخل حلف الإنقلاب وحلفاء التحالف وتغيرت موازين القوة وهو أمر طبيعي في ظل إطالة أمد الحرب وانعكاساتها على كافة المستويات.
خلال العامين الماضيين أوقفت جبهة نهم البوابة الرئيسية لصنعاء والتي كانت تعتبر الجبهة الأكثر ضراوة مع الحوثيين ونُقلت المعركة الى الساحل الغربي وخلال ما يقارب العام توقفت جبهة الحديدة وبقي الوضع العسكري للحكومة الشرعية والتحالف في حالة دفاع مع إختراقات جزئية متبادلة بين الطرفين في شمال ووسط اليمن.
تعرض حلف جماعة الحوثيين لضربة قاصمة بعد أحداث ديسمبر 2017 عقب اغتيالها شريكها الرئيس في الإنقلاب ، وكان الأجدر بالتحالف هو إضافة شريك جديد للمعركة الوطنية اليمنية وتعزيز حضور الجيش الوطني الذي يواجه الجماعة منذ الأيام الأولى ، لكن التحالف ذهب في سياسة تهميش جبهات رئيسية للجيش الوطني بمخاوف غير مقبولة وغير منطقية في معركة مصيرية للبلد والمنطقة.
منذ إغتيال الرئيس السابق علي صالح في اشتباكات محدودة وقصيرة في صنعاء ، عزز الحوثي من خططه في التغيير الديمغرافي في العاصمة ومن إستكمال بناء قواته الخالصة ذات البعد العقدي الثوري على غرار حزب الله اللبناني وبشكل أقوى، كما استقطب الى جماعته قيادات عسكرية بارزة موالية للرئيس السابق ابرزهم قائد الوية الصواريخ السابق اللواء محمد العاطفي الذي اضحى وزيرا لدفاع الجماعة.
طور الحوثي بمساعدة خبرات إيرانية تقنيات عسكرية في مجال الطيران المسير والصواريخ استطاعت الوصول لمرافق حيوية وهامة في عمق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وباب المندب واختراق قاعدة العند الجوية القريبة من عدن وهي خطوة كان مجرد التفكير بحدوثها قبل سنوات ضربا من المستحيل ومثيرا للضحك.
نستطيع القول ان الحوثي المدعوم بكل تأكيد من إيران انتقل من مربع الدفاع الى مربع الهجوم مفصحا عن نفسه بشكل آخر وبتقنيات البالستي والطائرات المسيرة وصواريخ الكروز كما حدث في الهجوم على مطار أبها الدولي في المملكة العربية السعودية.
يقول الحوثيون بصريح العبارة ان الأقسى في المواجهات لم يأت بعد، وهي تصريحات ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد من جماعة ليس لديها ما تخسره، فمنهجها قائم على الدمار والموت ، تحيتها اليومية "حيا بداعي الموت قل للمشرقِ والمغربِ".
إستغل الحوثي ممارسات دولة الإمارات التي تنتهك السيادة اليمنية في المناطق المحررة وخاصة الساحلية منها على المستوى الشعبي، ولعب على ملف الإنفصال الذى يحظى برعاية رسمية اماراتية واستفاد من حالة اللادولة في عدن من أجل اقناع الناس أن الشرعية والتحالف الوجه الآخر له، ورغم كل ذلك ما تزال الجماعة منبوذة شعبياً وتلقى مقاومة شعبية صامتة في صنعاء وما حولها .
إستفاد الحوثي بكل تأكيد من إطالة أمد الصراع في اليمن خلال مراحله المختلفه، ولعل الجميع يتذكر كيف بدأت الجماعة ببنادق صدئة في جبال مران ثم وصلت إلى تقنيات الطيران المسير و صواريخ الكروز كما اعلن ناطق التحالف نفسه.
إعادة تفعيل الجبهات العسكرية الوطنية في مواجهة الحوثيين مهم جداً لوقف هذا التصاعد المخيف لقوة الحوثي المهدد لإستقرار المنطقة والذي ينعكس سلبا بكل تأكيد على اليمنيين الذين يعيشون المأساة منذ انقلاب الجماعة المشؤوم قبل ستة أعوام.
على الأشقاء في التحالف أن يدركوا أن النيل من سيادة اليمن والوصاية على حكومتهم الشرعية وبناء مليشيات انفصالية جهوية خارج إطار الدولة والقانون وسقوط ضحايا من المدنيين في هجمات طائرات التحالف هي أخطاء فادحة تزيد من غضب اليمنيين تجاههم.
التحالف العربي مطالب بإعادة تقييم أدائه خلال الفترة الماضية ووقف كافة التجاوزات بحق اليمن وسيادته ووحدته، كافة المكونات الوطنية مطالبة بوحدة وطنية حقيقية من صعدة للمهرة لمواجهة الجماعة وأخطارها بحق هذا البلد والتي لا تتوقف عن صناعة الكوارث .