الحوثي مجرد تِرس في آلة يجري تشغيلها لإنتاج واقع جديد ينسجم مع خطط وتوجهات الدول الكبرى التي ترى في الشرق الأوسط منطقة لا يجب أن تهدأ لكي تظل ثرواتها في متناول أيادي الغرب، ولكي تظل سوقا مفتوحة لبيع الأسلحة..
هو نفس الدور الذي قامت به القاعدة ومن بعدها داعش، ابتداءً بأفغانستان ومرورا بالعراق وسوريا وكل دول الشرق الأوسط التي دخلت حيّز اللعبة..
هل تتذكرون حكايات المجاهدين في أفغانستان، تلك الحرب التي خاضوها ببسالة، حينما ذهب الآلاف بحثا عن الجنة هناك في الجهاد ضد السوفيت، حينها كانت أمريكا هي الداعم الأبرز للمجاهدين، حتى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي زبيغنيو برجنسكي، وقف واعضا في صفوف المجاهدين خلال زيارة قام بها إلى باكستان آنذاك، لتحريضهم على الجهاد في سبيل الله لتحرير بلدهم من السوفيت..!
يستطيع اللاعبون الكبار تحريك الجماعات وحتى الحكومات في الدول الفاشلة، لتحقيق أجندة تلك الدول، بينما تعتقد تلك الكيانات والجماعات والحكومات أنها تخوض حربا مقدسة من أجل مبادئها، لكنها تجهل أنها مجرد ترس..
فحرب العراق الأولى، أوجدت لأمريكا موضع قدم في الشرق الأوسط، وحرب العراق الثانية جعلت العراق مستباحا كليا لأمريكا تنهب ثرواته وتضعف الروابط بين تياراته.
جاءت الحرب في سوريا، فمنحت روسيا موضع قدم في الشرق الأوسط، وحولت المنطقة إلى ساحة للبحث عن النفوذ وتعزيز مبيعات السلاح..
جاءت الحرب في ليبيا، فأعادت الآمال للمستعمرين القدامى بأن وضعوا أعينهم مجددا على منابع النفط في هذا البلد، وكذلك الحال في اليمن.
بفضل حركة الحوثي التي وصفها الغرب بأنها "حركة تمرد اجتماعية"، ورفض تصنيفها ضمن قائمة الإرهاب، أصبحت أموال الخليج، وثروات دولة في متناول أمريكا وحلفائها بشكل لم يسبق له مثيل، وصارت تجارة المخاوف رائجة، لتصبح دول الخليج وخصوصا السعودية واقعة ما بين سندان الخوف من النفوذ الإيراني، ومطرقة التدهور الإنساني في اليمن..
كما أن الطفرة الحوثية، أذكت سوق السلاح في المنطقة، ودفعت بدول مثل السعودية والإمارات، لتصبح من أكثر دول العالم استيرادا للأسلحة خلال السنوات الثلاث الأخيرة..
هذا هو الدور المرسوم، وهذه هي النتائج، وبقاء هذه الجماعة أو تلك، مرهون باحتياك صانع اللعبة، فإن تحققت الأهداف، سيتم التخلص من البيدق المحلي، تماما كما حدث مع المجاهدين الأفغان..