مثل عالم الكارتون ، يضحك أطفالي من "سبونج بوب" تلك الإسفنجة القابلة للحياة والحركة، كل شيء في حياتهما كان محوره هذه الرسومات المتحركة المعروضة على شاشة التلفاز ، دفاترهما المدرسية عليها "سبونج بوب" ، قلادتهما تتدلى منها دمية صغيرة لـ "سنونج بوب" ، لطالما أحبّا تلك الخرافة الغريبة التي أثارت استغرابي ، لكني لم أحفل ، فقد عذرتهما لطفولة عابرة تتراكم معها الشخصيات المؤثرة في حياتهما .
غير أن الإسفنجة مثّلت شيئًا مختلفًا بظهور عائلة لها في عالم الخيال الطفولي الساذج، مغامرات لا تنتهي، وحلقة متصلة من الإمتاع تأخذ الأطفال معها جيلًا وراء آخر، العائلة تتكاثر وتظهر شخصية أخرى "إبن عم ، أخت ، أخ" وقريبًا يقول مخترع الإسفنجة المتحركة أنه سيضيف الجدّ الأول للعائلة بألبسة مميزة لتكتمل "السُلالة الإسبونج بوبيه".
هكذا يروح الأميركيون عن أطفالهم ، وهكذا أيضًا يفعل الهاشميون في اليمن ، الخيال الخصب لعائلات "ببوب" - حد وصف الممثل الساخر محمد الأضرعي - تتشابه مع "سبونج بوب" في اختراع المنتمين إليها، ذات يوم ستصبح الإسفنجة المتحركة شيئًا مقدسًا لدى الأطفال. مثلًا : ظهر "حمود عباد" في زي هاشمي عنصري لا يستطيع أي مخلوق في الأرض ارتداءه، أو اعتباره ثراء مجتمعيًا وتنوعًا تراثيًا بقدر ما هو خصوصية هاشمية سُرِقت من ألبسة القضاء ومن الجنبية المعقوفة لأشراف حمير ، فتكون هذا الرداء الخليط النافي للهوية اليمنية الحالية .
كتب حسن زيد - وهو رجل مهووس بالهاشمية - مُعلقًا على صورة "عُباد" أنه حفيد الإمام القاسم ، مضيفًا عبارات الترضية الإلهية عليه وعلى أنجاله حتى "عُباد" . أطفالي يرون أيضًا أن "سبونج بوب" أكثر قداسة من "القاسم" ! ، وبعد لحظات نشر "حسن زيد" صورة أخرى لهاشمي من تعز ولم يحر جوابًا عن جدّه ، فكتب فقط "صديقي" ، هكذا كما يفعل مخترع الإسفنجة، أو مؤلف مسلسل "عدنان ولينا" حين لا يجد اسمًا لجدّ لينا ، فيكتفي بوصفه "جدّي" ، وذلك "صديقه" وقد اكتفى بوضع "القاوق" على رأسه كلغم ، ليضيفه إلى عائله "ببوب" الظريفة .
ظهر "قاسم" جدّ "عُباد" مُدّعيًا أنه المهدي المنتظر، واستعمل له فقيهًا حاذق الطباع اسمه "الحماطي" لينشر دعوته، مؤكدًا أنه وجد ورقة قديمة كُتب عليها أوصاف سيده الدجال، فأعانه الناس وانطلق من اللاهوت إلى السيف وجزّ رؤوس اليمنيين، وبالغ في دمويته ، وصار اليوم جزءً من تاريخ غير مقروء يترضى عليه أنجاله القادمين من طبرستان ، ولا يعرف أحدهم الآخر إلا بتلك السِحنة الفارسية التي تشي بأحقاد موروثة لا مبرر لها .
أوقفت وسائل التواصل الاجتماعي سردية النسب لعائلة الإسفنج المقدسة - مؤقتًا - لكنها في مراحل قادمة قد تضم عائلات مفاجئة إليها لتكثيف التواجد الهاشمي في اليمن، وطالما أن مؤلف الأنساب يسابق مخترعي الرسوم المتحركة في إضافة شخصياته القادرة على اضافة لمسة أخرى لواقع العائلة الإسفنجية ، فسنجد حتمًا "سبونج بوب" هاشمي ، كما وجدنا "زيد بوب" و "جنيد بوب" و "عُباد بوب" ، هي ذاتها العائلات التي تتشرب كل مآسينا كالإسفنج وتظل تقطر إثمًا ودمًا.
خواتم مباركة
.. وإلى لقاء يتجدد