يقدم الحوثيون يومياً الدليل تلو الدليل على أنهم جزء من موروث إستبدادي غاشم لا يرى اليمن غير أرض مستباحة . وحينما تتوفر شروط الهيمنة لهذا الموروث فإنه يتصرف كعصابة مسلحة : تقتل وتنهب وتدمر ، ولا تعرف من شأن الدولة سوى الجباية ، وحشد الناس الى مواكب الموت ، واختراع الأسباب لتوليد الانقسام الاجتماعي بدوافع وسلوك لا ينمان إلا عن غياب الارتباط الموضوعي بشروط المواطنة بثقافة وطنية غير تلك التي تبثها جماعة الحوثي هذه الأيام نهاراً جهاراً .
لا يجب مجاراة هذه الثقافة الردئية ، فالذين يتمسكون بمشروع الوطن لا بد أن يحملوا هذا المشروع فوق ألواح ودسر مصنوعة من عراقة هذا الوطن وأصالته ، متجاوزين الغث الذي رمت به صروف الحياة في طريقه ، والذي لن يكون سوى حالة سطحية مؤذية . لا يمكن لهذا الموروث الاستبدادي الرديئ أن ينقلها إلى الأعماق التي تتشكل فيها ، رغماً عن قتامة المشهد ، ملامح جديدة لحياة يستعيد فيه اليمن عراقته وثقافة التعايش التي اعتمرها دهوراً كتعبير عن أصالة لا حدود لها .
مقاومة حجور والحشاء وقبلهما الحقب وعشرات القرى والمناطق التي تقع تحت هيمنة هذه الجماعة ، مع كل ما تمارسه من عنف ودمار ، إنما يدل بوضوح على أن هذا الموروث الاستبدادي ينحسر بإرادة شعبية ، والارادة الشعبية حينما تنتفض على موروث الاستبداد لا بد أن تفهم بمحتواها الوطني ، وبصيغتها التي يتصدرها مطلب الدولة الذي تتحقق معه المواطنة والعدالة وسيادة القانون .