كان لا بد أن يرتبط تنفيذ إتفاق السويد ، على ما به من تعقيدات وما حمله من آمال،بخطة للتنفيذ لا تترك أي مجال للمناورة أو النكوص عن الاتفاق.
وكانت هذه في الأساس هي مهمة الأمم المتحدة التي صاغت الإتفاق ، فخطة التنفيذ ستكون كفيلة بشرح وتوضيح بنود الاتفاق .
يتم هذا حتى في الحالات التي تكون فيها الأطراف مقتنعة كل القناعة بمحتوى الاتفاق الذي تتوصل إليه ، فما بالنا ونحن أمام جماعة مجرّبة بعدم الإلتزام بأي تعهدات ، ناهيك عن أنها ، كما قلنا مراراً ، لا تذهب إلى مشاورات السلام إلا لغرض واحد وهو "تبييض" جريمتها وتغيير صفتها ، وهو ما تعتقد أنها قد حققته بصورة لم تعد معها ملزمة بتنفيذ أي إتفاق ينهي تمردها وانقلابها على الشرعية الدستورية وعلى العملية السياسية التوافقية ، وأغرقت بسببه اليمن في هذه الحرب المدمرة .
لم يكتف الحوثيون بالمراوغة ، بل وصل بهم النزق والاستخفاف بالسلام ، ومن ورائه الجهد الدولي، إلى الإعلان جهراً برفض تنفيذ الاتفاق .. وهذا ما عبر عنه بعض قادة الجماعة عندما ترجموا موقفهم المراوغ من تسليم ميناء الحديدة ، بأن الحديدة "في الحفظ والصون" ، وأن على أسر "الشهداء" أن "لا يلتفتوا إلى ما يردد من أكاذيب بشأن التسليم " .
شخصياً لم يفاجئني هذا الموقف ، فقد سبق أن قلت أن ديناميات السلام لا زالت تتعثر بحقيقة أساسية وهي أن الانقلابيين الدمويين الذين يدافعون عن إنقلابهم بالسلاح والمرواغة لن يجنحوا للسلم إلا إذا كسرت هاتان الوسيلتان وفرض السلام فرضاً .
سيراوغ الحوثيون في تنفيذ اتفاقات السويد ، بل وسيمتنعون، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخاطب فيهم روحاً لا يتمتعون بها بشأن الإلتزام بالاتفاقات ما لم تغلق أمامهم كل الخيارات الأخرى .. فهم لا يوافقون على شيء إلا وقد تدبروا أمرهم بتنفيذ نقيضه .
قد لا يجدي أن يكرر المراقب الدولي حديثه عن "خيبة الامل" .. فبدلاً من ذلك عليه أن يقدم خارطة طريق واضحة لتنفيذ الاتفاق على النحو الذي استهدفته قرارات الأمم المتحدة بإنهاء الحرب عبر حل سياسي يعتمد المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية .